الأهرام 22/7/2008 بعد أيام قليلة يبدأ تطبيق تعديلات قانون المرور الجديد, الذي لم يقدم جديدا لحل أزمة المرور الخانقة في مصر, باستثناء المزيد من العقوبات ومضاعفة الغرامات وإشاعة جو من الإرهاب المروري ولم يتفتق ذهن الخبراء عن إضافة جديدة لتحسين البنية التحتية لنظام سير فقد مقوماته وفقد قواعد الانضباط المعروفة في العالم. فالشوارع مكدسة بسيارات لا تفرق بين أماكن الانتظار والمشاة ولا توجد أرصفة أو علامات تحدد أولوية السير والاتجاه ولا توجد كاميرات للمراقبة بل ولا يوجد شرطي مرور مدرب يعرف هو نفسه قواعد المرور ويطبقها وإلا لما حدثت كارثة قطار مطروح التي ثبت أن سائق المقطورة كان غائبا عن الوعي حين ارتكب جريمته! ولابد أن الذين حرصوا علي تنفيذ القانون بهذه السرعة قد هيأوا أنفسهم منذ اللحظة الأولي لكيفية استغلاله لحسابهم.. في انتظار أن تتدفق إلي جيوبهم عوائد بيع الملايين من حقائب الاسعاف والمثلثات العاكسة التي يلزم القانون كل سيارة باقتنائها تماما مثل أجهزة الأطفاء التي يحتكر توزيعها وبيعها شخص واحد في مصر كلها. ولم يقل أحد للناس كيف ومتي تستخدم حقيبة الاسعاف أو المثلث العاكس عند وقوع الحوادث, وهو نفس ما حدث مع جهاز إطفاء الحريق الذي أتحدي أن تجد أحدا يعرف طريقة استخدامه!! فالغرض فقط هو أن يشتري كل سائق سيارة حقيبة إسعاف ومثلثا عاكسا وأطرف شيء أن هذه المستلزمات الجديدة لم تنزل إلي الأسواق حتي الآن وسوف يتم علي الأرجح استيرادها لحساب فئة مستفيدة تتولي تسويقها حيث ينتظر أن يصل حجم مبيعاتها إلي عدة ملايين, وبواقع مائتي أو300 جنيه علي الأقل للحقيبة والعاكس وقد بدأ التهديد والوعيد منذ الآن بحملات مكثفة لضبط الحقائب والمثلثات غير المطابقة للمواصفات. إن الإفراط في استخدام العقوبات والغرامات كحل لأزمة المرور لن يساعد علي حلها أو التخفيف من وطأتها ويكفي أن تنظر إلي ما تسببه فوضي الميكروباصات في شوارع القاهرة لتدرك أن المسألة أعقد بكثير من تغليظ العقوبات ما دمنا لم نجد حلا جذريا لانتظارها وسيرها مما سيجعل تعديلات قوانين المرور مجرد حرث في بحر لن يحقق نتيجة ملموسة. ولا يبدو أن المرور علي الطرق السريعة وتحديد السرعات عليها قد جري الاستعداد له بطريقة منظمة قبل تنفيذ القانون وما يستلزمه ذلك من استخدام أجهزة رادار حديثة لتسجيل السرعات, وغير ذلك من الامكانيات لقياس درجة الكحول والمخدرات لدي السائقين وسوف تنكشف في أشهر الصيف مع ازدياد حركة مرور المصطافين علي الطرق السريعة مدي كفاءة القانون والقدرة علي تنفيذه. إن التعويل علي حسن سلوك المواطنين لن يتحقق بإعلانات الصحف والتليفزيون ولكنه يتحقق نتيجة الكفاءة في إدارة المرور!