..مجمع سجون قاعدة جوانتانامو الامريكية في كوبا.. برز في وسائل الإعلام مجددا في منتصف يوليو2008 عندما تم تسريب لقطات فيلمية مصورة بواسطة كاميرا للفيديو في عام 2003 توضح وسط العويل والصراخ وتمني الموت عملية استجواب احد المحتجزين والذي كان يبلغ من العمر16 عاما عند تصوير الفيلم الذي اكتسب اهمية كبيرة لكونها المرة الأولي التي يذاع فيها فيلم فيديو يظهر ما يتعرض له سجناء جوانتانامو اثناء استجوابهم. وعلي الرغم من ان الفيلم, الذي تضمن7 ساعات ونصف من التصوير,لم يظهر عمليات تعذيب جسدي فعلي الا انه جاء كحجر تم القاؤه لتحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بمسألة إغلاق مجمع سجون جوانتانامو ونقل المشتبه بهم الي سجون سرية بدول خارج الولاياتالمتحدة لتعذيبهم خارج نطاق تطبيق القوانين الأمريكية. ووفق ما أعلن فإن فيلم الفيديو الذي تم تسريبه مؤخرا في كندا تم تصويره بطريقة سرية,ويظهر فيه عمر خضر 16 عاما في ذلك الوقت الكندي الجنسية اثناء عملية استجوابه داخل مجمع سجون جوانتانامو عام2003 من قبل مسئولين بالمخابرات الكندية. وقد استمر استجواب المخابرات الكندية للصبي لمدة4 ايام ثم تم تعريضه لضغوط تمثلت في إخضاعه لبرنامج تعذيب لمدة3 اسابيع يقضي بنقله من زنزانة الي زنزانة اخري كل3 ساعات مع ضمان منعه من النوم. ولم يكن هذا هو كل ما تعرض له خضر ابن ال16 عاما فقد سقط خضر في يد القوات الامريكية اثناء اشتباك في افغانستان عام2002 وكان عمره وقتها15 عاما. واتهم بالتسبب في مقتل جندي امريكي بواسطة قنبلة يدوية ولكنه لم يعرض علي القضاء بل تم احتجازه وتعذيبه في قاعدة باجرام بأفغانستان قبل نقله الي جوانتانامو. وقد نقلت لقطات الفيديو خضر وهو يصرخ ويطالب من يستجوبه بقتله مظهرا له اثار تعذيب جسدي تعرض له. ثم شرع في مناشدة مسئول المخابرات الكندي نقله معه الي وطنه كندا الا ان رجل المخابرات الكندية رفض بقوله انه يفضل البقاء في جوانتانامو بجوار خضر لأن..الجو جيد ولاتوجد ثلوج! واليوم وبعد ان بلغ خضر من العمر21 عام قضي منها6 اعوام في جوانتانامو فإنه يستعد للمثول امام محكمة عسكرية امريكية في شهر اكتوبر القادم حيث ينتظر ان يحاكم علي5 جرائم حرب في مقدمتها قتل جندي امريكي. ..لم يكن الألم الجسدي والنفسي الذي تعرض له خضر سوي حالة احد من ابتلعهم العذاب والغموض والخوف في مجمع سجون جوانتانامو منذ عام2002 وحتي اليوم. فوفق الإحصائيات المعلنة تم ارسال775 شخصا الي جوانتانامو غادر منهم420 شخصا لعدم وجود تهم موجهة اليهم! وفي مايو الماضي قدر عدد المحتجزينا لمعلن عنهم ب270 شخصا ينتظر ان يفرج عن بعضهم بينما سيبقي الباقون في انتظار اجراءات محاكمتهم عسكريا علي افضل تقدير. وعلي الرغم من وقوف المحكمة العليا في الولاياتالمتحدة ضد ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش فيما يتعلق بمعاملة السجناء في جوانتانامو ومن الاحتجاجات المستمرة لمنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني المحلية والدولية, وفي مقدمتها منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية ومنظمة العفو الدولية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لأمانتها الدولية, فإن الإدارة الأمريكية الحالية تظهر عجزهاامام إغلاق مجمع سجون جوانتانامو وتقديم من فيه الي محاكمات عادلة بعد توجيه اتهامات واضحة لهم.. ووقفت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس تطلب العون من دول العالم..لمساعدة الولاياتالمتحدة في اغلاق جوانتانامو! ودفع هذا الوضع الضبابيالمحكمة العليا الي اصدار حكم في12 يونيو الماضي يقضي بالاعتراف بحق محتجزي جوانتانامو في الطعن في احتجازهم امام المحاكم المدنية.. وجاء ذلك الحكم بعد اكثر من6 سنوات من الاحتجاز والتعذيب دون توجيه اتهامات قانونية واضحة! واشارت هيومان رايتس ووتش الأمريكية في تقرير اصدرته في شهر يونيو الماضي الي ان اكثر من ثلثي المحتجزين في جوانتانامو يعيشون في ظروف لا انسانية ذات اثر ضار علي صحتهم النفسية.. ولم يكن من الغريب ان يتم الإعلان في وقت لاحق عن محاولات الانتحار المتكررة والمتعددة التي شهدها مجمع السجون واتجاه بعض المفرج عنهم( دون محاكمة ايضا) الي القيام بممارسات ارهابية وانتحارية ضد القوات الامريكية! وفي تقرير اخر نوهت هيومان رايتس ووتش بأن المحاكمات المنتظرة لمسجوني جوانتانامو لها ابعاد سياسية وهو الامر الذي دفع الكولونيل موريس دافيز رئيس الإدعاء السابق باللجان العسكرية الي الإستقالة من منصبه احتجاجا علي اهتمام البنتاجون بمثول محتجزي جوانتانامو للمحاكمة قبل بداية الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر القادم. ولم يكن من الغريب ان يكون الوعد بإغلاق جوانتانامو بندا بارزا من بنود الحملة الانتخابية لكل من مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية.. باراك أوباما عن الحزب الديمقراطي وجون ماكين عن الحزب الجمهوري. ..ومازال العرض المرعب مستمرا!