أعلنت سوريا رغبتها في التعاون في شكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يصل خبراؤها الاحد الى دمشق لكنها نبهت الى ان هذا التعاون لا يشمل سوى موقع قصفته اسرائيل العام الفائت ويهدف الى الاثبات ان هذا الموقع ليس منشأة نووية. وسيقوم خبراء من الوكالة الذرية يتقدمهم المسئول الثاني فيها اولي هاينونن من الاحد الى الثلاثاء بالتحقيق في اتهامات اميركية واسرائيلية لدمشق ببناء مفاعل نووي بمساعدة كوريا الشمالية في شرق البلاد قرب دير الزور. وقد دمر الطيران الاسرائيلي موقع الكبار هذا في ايلول/سبتمبر 2007. واكدت دمشق مرارا ان هذا الموقع كان منشأة عسكرية غير نووية. وقال الرئيس السوري بشار الاسد خلال زيارة اخيرة للكويت ان "سوريا هي التي دعت وفد" الوكالة الذرية آملا ان يتوجه هذا الوفد الى سوريا ويزور الموقع المفترض. لكن معلومات صحافية امريكية اوردت ان مفتشي الوكالة يرغبون في تفقد موقعين او ثلاثة اضافية الامر الذي ترفضه دمشق. وقال الاسد "لدينا اتفاقية مع الوكالة الدولية ، والحديث عن مواقع اخرى ليس ضمن مدى هذه الاتفاقية". ووقعت سوريا العام 1963 معاهدة حظر الانتشار النووي التي التزمت بموجبها عدم السعي الى امتلاك السلاح النووي والقبول بعمليات تفتيش. واوضح دراجي ان سوريا "تشغل مفاعل ابحاث واحدا يخضع لعمليات تفتيش دورية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية". لكن اجهزة الاستخبارات الامريكية عرضت في نيسان/ابريل على نواب شريط فيديو وصورا تظهر منشأة مفترضة لمفاعل نووي مقبل في موقع الكبار. واكدت واشنطن ان بناء المنشأة اوشك ان ينتهي وهي تشبه مفاعل يونجبيون الكوري الشمالي علما انها لم تزود المعدات النووية الضرورية. ورد الاسد في حديث الى صحيفة "ذي هيندو" نشر في الثامن من حزيران/يونيو عشية زيارته للهند ان هذه الادلة "مفبركة 100%. لقد تحدثوا عن صور لكوريين في سوريا هذا امر طبيعي فلسوريا علاقات طبيعية مع كوريا الشمالية ونحن نستقبلهم رسميا وعلنا". واتهم الرئيس السوري واشنطن بممارسة ضغوط على دمشق وقال "اغلب البلدان تعرف ماهية المشاكل بين سوريا والولاياتالمتحدة فهم (الاميركيون) يحاولون دائما ايجاد افخاخ لسوريا وهذه هي الحقيقة". ومنذ العام 2004 تفرض الولاياتالمتحدة عقوبات على سوريا متهمة اياها بدعم الارهاب. وقام السوريون بتنظيف موقع الكبار اثر الغارة الاسرائيلية ما يجعل عمليات التفتيش اكثر صعوبة. وكان المدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي انتقد اسرائيل لتحركها من جانب واحد ضد دول مثل سوريا. وقال في حديث الى صحيفة "دير شيبجل" الالمانية نشر في التاسع من حزيران/يونيو "لقد حصلنا على صور للمنشأة وتدميرها في الوقت نفسه الذي حصل عليها الكونجرس الامريكي. وهذا امر غير مقبول". وشدد البرادعي على ضرورة ان تظهر سوريا "شفافية تامة" في هذا الموضوع. وقال البرادعي لقناة "العربية" هذا الاسبوع ان الوكالة "لا تملك ادلة على ان سوريا تملك الدراية الفنية او الوقود الذي يمكنها من تشغيل منشأة نووية على نطاق كبير". وقال دبلوماسي على صلة وثيقة بالوكالة "الوفد يريد أن تشرح سوريا ماذا كان في الموقع وإذا استمرت سوريا في القول إنه لم يكن مفاعلا سيطلبون معلومات تثبت ذلك كما أن هناك خططا لأخذ عينات." أضاف "سنشرح لماذا تريد الوكالة فحص مواقع أخرى وأنه ليس من الضروري أن يحدث ذلك في نفس هذه الرحلة وإذا لم تحصل الوكالة الدولية على ردود مقبولة يمكن للمفتشين أن يذهبوا الشهر القادم ويحاولوا مجددا." وقالت واشنطن أن سوريا حليفة إيران التي تحقق وكالة الطاقة في برنامجها لتخصيب اليورانيوم منذ خمس سنوات استكملت تقريبا بناء المجمع بالاستعانة بخبرة كوريا الشمالية. ويقول محللون أن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن الموقع دمر تماما بعد الغارة الإسرائيلية في محاولة للتستر على طبيعته فيما يبدو. وقال البرادعي في مقابلة إعلامية ألمانية يوم السابع من يونيو/حزيران في إشارة للبعثة التي ستتوجه إلى سوريا ويرأسها نائبه من 22 حتى 24 يونيو "سنبذل كل ما بوسعنا لتوضيح الأمور ونتعامل مع هذه الاتهامات بجدية شديدة لكن من المشكوك فيه أن نعثر هناك الآن على شيء على افتراض أنه كان هناك شيء من الأصل." ويقول دبلوماسيون غربيون إن الوكالة الدولية ستحتاج إلى إرسال بعثات متابعة لسبر أغوار الحقيقة. واختلفت واشنطن مع رأي البرادعي القائل أن سوريا تبدو غير قادرة على تطوير طاقة ذرية. وقال توم كيسي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية الثلاثاء "الحقيقة أنه يوجد دليل قوي على ما كانت سوريا تفعله ومن المهم أن يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تحقق بشكل كامل في المنشأة وأي واحدة أخرى قد يجدون أنها تهمهم." من جهتها نفت سوريا إخفاء أي شيء عن الوكالة يعد انتهاكا لمعاهدة حظر الانتشار النووي. وقبل أسبوعين أبلغت سوريا اجتماعا لمجلس محافظي الوكالة الدولية في فيينا الذي يضم 35 دولة أنها ستتعاون مع التحقيق وتسمح بوصول المفتشين إلى الموقع الذي ضربته الطائرات الإسرائيلية. على صعيد متصل قال محلل نووي أمريكي مستقل أن صور الأقمار الصناعية التي التقطت منذ ذلك الحين أظهرت أن الجرافات أزالت الأنقاض وأقيم مبنى جديد في المنطقة. وصرح دبلوماسيون عرب في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أطلعتهم سوريا على الموقف في اجتماع منفصل أن دمشق رفضت طلب الوكالة لتفتيش ثلاثة مواقع أخرى استنادا إلى دواعي الأمن القومي قائلة إنها قواعد عسكرية تقليدية. وقال دبلوماسيون آخرون إن الوكالة تريد تفتيش هذه الأماكن بوصفها مصدرا محتملا لوقود المفاعل المزعوم أو معدات ذات صلة. (رويترز/أ ف ب )