أبدى عدد من المواطنين والمهتمين انزعاجهم من تجمع أكثر من ألفي أسرة أفريقية تحت جسر الميناء بجدة منذ موسم حج هذا العام، متسائلين" أين حملات الحج التي جاءت بهؤلاء الأفارقة من بلادهم، واستولت على مبالغ تذاكر سفرهم، ومعيشتهم، ثم تركتهم في العراء؟. وطالبوا الجهات المعنية بالتدخل لتتبع هؤلاء المخالفين للوصول إلى أسماء الحملات التي جاءت بهم من بلدانهم. يأتي ذلك مع افتراش أكثر من 4 آلاف أفريقي يمثلون أكثر من ألفي أسرة الأرصفة والميادين العامة تحت جسر الميناء، بينهم نساء وأطفال وشيوخ منذ نهاية موسم الحج، حيث شكلت أمتعتهم وحركتهم في الشوارع المجاورة للجسر مضايقات للمارة نظرا لامتهانهم التسول، واعتمادهم في الأكل على ما يقدمه لهم أصحاب المنازل المجاورة، وسائقو سيارات عابرون لهذه الشوارع. كما تنتشر بينهم الأوبئة والأمراض المعدية نتيجة تجمعهم في أماكن مكشوفة وغياب الرعاية الصحية. "الوطن" التقت عددا من الأسر الأفريقية التي تفترش جسر الميناء، حيث أكدوا أنهم ينتظرون فرصة التوجه إلى بلدانهم في أقرب وقت ممكن، وأن ما دفعهم إلى التجمع في هذا المكان هو عدم قدرتهم على إيجاد مسكن لهم، أو حتى قوت لأطفالهم الذين يرافقونهم. وأوضح كل من عبد الباسط ومحمد جوجو وياسين شيخ أنهم أدوا فريضة الحج هذا العام، ثم توجهوا إلى جدة لبحث كيفية عودتهم إلى بلادهم، ولكن حاجتهم، وعدم قدرتهم على المغادرة دفعتهم إلى السكن تحت هذا الجسر مؤقتا، وأشاروا إلى أن الأمراض بدأت تنتشر بين أطفالهم بسبب شدة البرد ليلا، إضافة إلى عدم وجود ما يلبسونه أطفالهم، وغياب المتابعة الصحية والدواء بحكم أنهم مخالفون لنظام الإقامة. وأشارت مريم (37 عاما) إلى أنها فقدت زوجها أثناء أداء مناسك الحج، وبعد البحث المضني عنه، وعدم قدرتها على إيجاده توجهت برفقة أبناء جلدتها إلى هذا الجسر. وكشفت مريم عن وفاة طفلة لها بعد ولادتها تحت الجسر بساعات نتيجة البرد وعدم وجود حليب خاص بالأطفال تقوم بتقديمه لها، وأنها بمساعدة زميلاتها الأفريقيات قامت بدفنها تحت الجسر. وعن كيفية ولادتها تحت الجسر، تقول " قدمت من النيجر وأنا حامل، وأديت الحج، وبعدما فقدت زوجي توجهت إلى هذا المكان، ووضعت ابنتي ليلا بمساعدة صديقاتي دون تدخل طبي، ولكن البرد والجوع أفقداني ابنتي". وأكدت أنها لا تحمل أي أوراق ثبوتية تدل على جنسيتها، أو اسمها، نظرا لاختفاء زوجها بهذه الأوراق. وبحسب كل من سلطان يحيى وسعيد الحربي منذر السقاف من سكان أحد الأحياء المجاورة لجسر الميناء، فإن تجمع المخالفين تحت هذا الجسر تزايد هذه الأيام بشكل كبير، وبدأ يشكل مشكلة بالنسبة لسكان الحي نتيجة تسولهم في الشوارع الداخلية، وعند مداخل البنايات. وأضافوا أن الحالة السيئة التي يمر بها هؤلاء المخالفون في المأكل والملبس قد تدفعهم لارتكاب أي محظور ضد المارة أو سكان الأحياء المجاورة. وقال كل من قاسم مباركي وسعود درويش وسالم المطرفي "السؤال الذي يطرح نفسه ونوجهه لقادة الأمن بالمنطقة هو: أين الحملات التي قدم عليها هؤلاء الأفارقة؟ هل تخلت عنهم بعدما دفعوا تذاكر سفرهم وحجهم، ولماذا لا تتابع الجهات المعنية هذه الحملات التي كبدت هؤلاء المخالفين خسائر مالية، وأدت إلى مرضهم، ووفاة أطفالهم من شدة البرد". إلى ذلك، أكد الناطق الإعلامي بجوازات منطقة مكة الرائد محمد الحسين أن الأفارقة يتجمعون سنويا في هذه الأماكن بعد موسم الحج مباشرة، وهم نتاج تراكم تخلفهم عن العودة لبلادهم بعد الحج لعدة سنوات،وأن بعضهم ربما يكون قد تعمد إتلاف أوراقه الثبوتية لترحيله مجانا، أو رغبة منه في البقاء أطول فترة ممكنة، وبعضهم غادر الحملة بهدف البقاء ، إضافة إلى أعداد أخرى تخلت عنهم حملاتهم، وأن الجوازات بدورها تقوم بالتنسيق مع حملاتهم عن طريق إدارة الوافدين بجدة، وأن دوريات الجوازات تقوم بجهود مضنية في سبيل ترحيلهم في أقل وقت ممكن، وأنه منذ نهاية موسم الحج المنصرم تم ترحيل ما يزيد عن 4 آلاف منهم إلى بلدانهم. وأكد أن العقبة التي تواجه إدارة الوافدين هي مشكلة الرحلات المتجهة إلى بلدان هؤلاء المخالفين. وعن مسؤولية حملات هؤلاء المخالفين التي ساهمت في تكدسهم بهذه الأماكن، أوضح أن هناك إجراءات تتخذها إدارة الجوازات ضد هذه الحملات، وذلك عن طريق مخاطبة إدارة شؤون الحج بإدارة الجوازات لوزارة الحج بشأن مخالفات حملات الحج التي ساهمت في هذه الظواهر. من جهة أخرى، شدد الناطق الإعلامي بشرطة محافظة جدة العقيد مسفر الجعيد على أهمية الإبلاغ من قبل المواطنين عن أي تجمع للمخالفين سواء في الميادين العامة أو تحت الجسور أو في الأحياء العشوائية ليتم اتخاذ الإجراء المناسب حولهم، وأن ذلك ينطلق من مبدأ عدم السماح للمخالفين بالتمركز في نقاط معينة، وأهمية نقلهم مباشرة إلى الترحيل عن طريق إدارة الوافدين بالجوازات التي تقوم بجهود مضنية في هذا الجانب. وحذر في الوقت نفسه من التعامل مع أي من المخالفين، وأن أي تعامل معهم من شأنه تشجيعهم على البقاء. وذكر الجعيد أن الدوريات الأمنية يتم تكثيفها في المربعات التي تشهد تجمعات المخالفين مثل جسر الميناء، والأحياء العشوائية والشعبية بأطراف مدينة جدة، مشيرا إلى أن تجمعات المخالفين بالأحياء والأزقة تعد من الظواهر التي تتابعها دوريات الأمن بكثافة لمنع وقوع أي حادث جنائي أو ترويج للممنوعات. وعن الإجراءات التي تتخذها دوريات الأمن أوضح أن شرطة جدة لديها خطة عمل إجرائية تتمثل في رصد مثل هذه التجمعات في الأزقة والشوارع أو تحت الجسور وفي الميادين العامة من خلال الدوريات السرية في المربعات، وبعد التثبت من ذلك تتم مداهمة تلك المواقع للقبض على هذه الفئات المخالفة، وتتخذ بحقهم الإجراءات المناسبة، وأن الدوريات السرية تتواجد بكثافة في ساعات الليل في الأحياء العشوائية، وفي منطقة جسر الميناء للإبلاغ عن أي تجمع وخصوصاً للمخالفين بغض النظر عن جنسياتهم.