الأهرام 24/5/2008 تشهد منطقتنا حاليا ومناطق أخرى بالعالم عمليات إغلاق متسارعة لملفات أزمات إقليمية وداخلية طغت طوال الفترة الماضية وكادت أن تصل إلي حد الانفجار الشامل. يشير إلي ذلك الاتفاق اللبناني اللبناني والإعلان الرسمي عن المفاوضات السورية الإسرائيلية وجهود التهدئة الفلسطينية الإسرائيلية وعمليات الحد من الامتدادات الإيرانية في العراق ولبنان وفلسطين كما يقع في هذا الإطار أيضا اتفاق الدولة الباكستانية مع الجماعات المسلحة داخلها. وليس سرا أن السياسة الأمريكية والموقف منها ظلت تشكل قاسما مشتركا أعظم في كل هذه الأزمات, لكن الملاحظ أن قسما من الأطراف الفاعلة في هذه الأزمات ظل يعتقد أنه لا حل لها في ظل أجواء الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية وأنه كلما اقتربت ساعة حسم هذه الانتخابات ازداد الشلل والفراغ بل يمكن اللجوء إلي تفجير الموقف وتأزيمه باستمرار والمساومة بالحل بعد اتضاح نتيجة هذه الانتخابات. لكننا نشهد الآن سقوطا لهذا الاعتقاد والمراهنات التي ترتبت عليه فمع آخر أشهر هذه الانتخابات صارت تظهر ملامح لاتفاقات وتسويات وإعادة ترتيب إقليمي بل داخلي أيضا. وقد ساعد علي بروز هذه الملامح بقوة عدم قدرة الأطراف المختلفة علي الحسم النهائي لمصلحتها وأن إقدامها علي خوض هذا الطريق ينذر بمواجهات شاملة طائفية وعرقية وقومية لا حد لها ولا سبيل للخروج منها. وبهذه الطريقة وجد من يملك الردع بالسلاح من يقابله بردع المعادلة الداخلية بكل مكوناتها الطائفية والقومية وامتداداتها الإقليمية والدولية فتم صنع التوازن والتوصل لاتفاق. وهذه هي قصة لبنان وليس مصادفة أن تكون كبلد وأزمة مختبرا رئيسيا لتطبيق توازن الردع بين قوة السلاح وقوة المعادلة الداخلية. وهذا هو سر رؤيتنا حسن نصر الله يتجرع السم باتفاقه مع جعجع والجميل والسنيورة والحريري كما تجرعه الخوميني مع صدام حسين ومثل نصر الله خامئني ونجاد. الشاهد أننا أصبحنا أمام توافق دولي إقليمي يقوم علي فرض أجواء الاستقرار داخل المنطقة من خلال تأكيد مكانة الدولة في الواقع المحلي لكل بلد ومكانة القوي المحورية وذات الثقل الكبير في الإقليم حيث يصاحب ذلك بلورة لأوزان قوي الشرق الأوسط بمصر والسعودية وسوريا وتركيا وإيران وإسرائيل. الحاصل أيضا أننا إزاء مرحلة جديدة بمعادلة جديدة بنظام جديد قد يشكل مدخلا للتعامل مع مرحلة أمريكية جديدة من المقرر أن تتضح معالمها بصورة جلية بعد الانتخابات الأمريكية المقبلة خاصة في ضوء بروز مصلحة أمريكية لفرض الاستقرار في المرحلة الراهنة وعدم تسليم الإدارة الجديدة كرات نار ملتهبة.