اذا كنت تعمل في بنك فانه قد يكون هناك جهاز كمبيوتر يقرأ رسائل البريد الالكتروني الخاصة بك أو يتنصت علي مكالماتك الهاتفية أو يحلل محادثات الدردشة فيما تكتب علي لوحة المفاتيح، وهو ما قد يردع موظفو البنوك الذين اعتادوا فكرة المراقبة قد تردعهم فكرة قيام جهاز كمبيوتر بهذا العمل. غير أن هناك امكانية كبيرة لانتشار استخدام هذه الانظمة حيث تحاول البنوك مراقبة الموظفين عن كثب في أعقاب فضائح مثل التعاملات التي أخفاها جيروم كيرفيل علي رؤسائه في بنك سوسيتيه جنرال او الشائعات القوية التي قوضت بنوكا منها اتش.بي.او.اس وبير ستيرنز. ويقول روجيرو كونتو المحلل في شركة جارتنر للاستشارات التقنية لتكنولوجيا المعلومات، إن القائمين علي المؤسسات المالية أضحوا أكثر حذرا في ظل أزمة الائتمان. وتشهد هذه التكنولوجيا التي تعرف باسم "الاكتشاف الالكتروني" ازدهارا بالرغم من التباطؤ الذي تعانيه مجالات أخرى، وتتوقع شركة جارتنر أن تدرهذه التكنولوجيا عائدات تقدر بنحو 760.5 مليون دولار خلال 2008، مرتفعة عن 524.5 مليون دولار في 2007. ويمكن أن تساعد الانظمة الخاصة بتسجيل ومراقبة أنشطة الموظفين بالشركات عن طريق جمع كميات هائلة من المعلومات الداخلية التي قد تحتاجها بشكل متزايد في مواجهة الدعاوى القضائية التي نجمت عن أزمة القروض العقارية او لتلبية الطلب المتزايد على هذه النوعية من البرامج التنظيمية. ويطالب ساسة أمريكيون بوضع قواعد اكثر صرامة في أعقاب انهيار سوق العقارات الذي كان مزدهرا ذات يوم وذلك بعد أن خلف قانون ساربينز- اوكسلي لعام 2002 بشأن محاسبة الشركات وحماية المستثمرين متطلبات قانونية ثقيلة للغاية. وقال جوزيب بوري المحلل بقطاع التكنولوجيا في دويتشه بنك، إن التكنولوجيا في مجملها ترزح تحت ضغط علي خلفية الازمة الائتمانية لكن هناك بضعة أسواق خاصة قد يستفيد من هذه اللوائح. ومن بين الشركات التي يتوقع لها النجاح الباهر في هذا الصدد شركة انجلو امريكان أوتونومي كورب التي أسسها مايك لينش الباحث بجامعة كيمبردج حيث طورت نظاما خاصا لرصد رسائل البريد الالكتروني التي كتبها كيرفيل. والشركة التي يتوقع لها عائدات تتجاوز 480 مليون دولار خلال 2008، تبيع تكنولوجيا تستطيع فهم رسائل البريد الالكتروني والبيانات النصية والصوتية بالاضافة الي الفيديو، وتجاوز سهمها مؤشر فاينانشال تايمز للاسهم باكثر من 50% خلال 2007. وهو ما أكده لينش قائلا يبدو أن تأثير أزمة القروض العقارية اصبح ايجابيا لصناع تكنولوجيا التجسس، وهو ما لقي دعما اضافيا من فضائح التعاملات في الاسهم والطلب المتزايد من المنظمين. وتحتفظ شركات كثيرة بالحق في مراقبة مراسلات الموظفين الالكترونية عند استخدامهم ممتلكات الشركة، فبريطانيا تتيح ذلك بشرط اعلام الموظفين، ويقول مكتب المفوض الاعلامي البريطاني أن الفوائد اكبر من المجازفة بخصوصية الفرد. وتستطيع تلك التكنولوجيا حل مشكلات كبيرة ومكلفة، فقد كلف كيرفيل سوسيتيه جنرال خسائر بلغت 4.9 مليار يورو (7.7 مليار دولار)، وفي مارس/ اذار 2008 فقد بنك اتش بي او اس البريطاني 3 مليارات جنيه استرليني (6 مليارات دولار) من قيمته بعد أن نشر بعض التجار شائعات بأنه يواجه مشكلات، وهو ما انتهي ببيع بنك بير ستيرنز. وألقى بنك كريدي سويس باللوم علي حفنة من المتعاملين في خسائر تقدر بعدة مليارات من الدولارات قائلا انهم تعمدوا تسعير منتجات ائتمانية مركبة بشكل مخالف للواقع. مثل هذه الاحداث المؤسفة ومنها المراهنات غير الموفقة علي القروض العقارية عالية المخاطر وضعت مسألة الأمن الداخلي وادارة البيانات على رأس جداول أعمال البنوك. ويقول كايلاش امبواني الرئيس التنفيذي لشركة "فيس تايم" للاتصالات، وهي شركة امريكية خاصة تساعد برامج الكمبيوتر الخاصة بها الشركات علي مراقبة تدفق الرسائل الفورية، ان قضية سوسيتيه جنرال زادت من الاهتمام بتكنولوجيا فيس تايم. وتشير شركة "اكونيكس" المتخصصة في الرسائل الفورية وتتخذ من الولاياتالمتحدة مقرا لها، الي ابداء جهات جديدة رغبتها في هذه التكنولوجيا، وتوفر الشركة تكنولوجيا تقوم بأرشفة ومراقبة محادثات الرسائل وقت حدوثها حيث ترسل تنبيهات عند ورود كلمات او اسماء او توليفات أرقام معينة. وتقول الشركة انها فازت خلال 6 اشهر بعميلين جديدين هما من اكبر 3 او 5 شركات أمريكية للسمسرة. وقال دون مونتجومري رئيس قسم التسويق في اكونيكس، ليست القواعد التنظيمية الجديدة هي التي أدت الي زيادة الاقبال بل أحداث كالتي شهدها سوسيتيه جنرال حيث استخدمت الاتصالات في ممارسة أنشطة غير مشروعة. وتستقطب الصناعة أيضا بعض الموظفين ممن هم علي دراية بكيفية ضرب النظام، وذكرت شركة ال.سي.ايه الفرنسية لبرامج الكمبيوتر في ابريل/ نيسان أنها عينت أشخاصا لا يقلون كفاءة عن كيرفيل متعامل سوسيتيه جنرال السابق. (رويترز)