رسمتها الطبيعة بيد من إتقان ، ذهبية اللآلي ، غريبة السطوع، نضرة الأغصان، تفوح بالصنوبر المجبول بتراب الوطن، وفي ارض دبين البهية ترسم ظلها على تربة غضة، ترقص جمالا، تشرب الماء ولا ترتوي لأنها عاشقة . جميلة كاللقاء الذي احتضنته قبل نحو سبعين عاما، حينما أمها المغفور له جلالة الملك المؤسس عبد الله الأول ، وتفيأ ظلالها وبمعيته جمع من ابناء المنطقة. لا ننسى تلك الكلمات التي أوصى بها الملك المؤسس موظفي دائرة الحراج آنذاك قائلا:'' هذه شجرة الخير شجرة مباركة ، أولوها اهتماما فائقا، لان الشجر يعني الحياة''. سموها شجرة ''الهدأة '' : لان فيها ما يجلب الطمأنية والهدوء للنفس ، وفيها دفء الحاضر والماضي، ولأنها كانت مهجعا للمتعبين من فلاحي بلادي ، وموئلا للعشاق والسمار. هادئة أحيانا، وأحيانا غاضبة، لا ترى نفسها إلا بنفسها، حلوة وعاشقة، تحيط ذاتها بصلاة الطبيعة، من شمس ومطر ، من براعم وتويجات، ترمي ظلها لكي يجلس المتعبون، يتهامسون ويتسامرون تحتها. ولعل النسيم الذي ينساب من بين أغصانها، يذكرنا بعبق تلك الجلسات الهنية لملوكنا وأجدادنا. إنها هرم يبعث فينا دفء الشتاء والصيف ، حلوة، أنيقة، مضيافة، أحيانا تبكي، كالأطفال وأحياناً تتجهم، ترفض أن تتعرى في الشتاء ، وترقص طربا لنسائم عبير الشوق آلاتي من وراء الأفق ، أغصانها تعانق السماء الزرقاء. وهي كما قال احد الشعراء:كجدائل ألام المرخية تقطر عسلا. وترتدي ثوبها الأخضر صيفا وشتاء. كمزمار راع ، حلوة، ممشوقة. إنها شجرة الرخاء ، كريمة ومسرفة في العطاء، لا يغشاها النعاس ولا تنام.