اعتبرت جمعية الصناعيين اللبنانيين أن الصناعة الوحيدة المزدهرة في لبنان الآن، هي «صناعة هجرة الشباب»، هرباً من الأوضاع السياسية والاجتماعية الصعبة التي يمرّ فيها. التوصيف أطلقه رئيس الجمعية فادي عبود ممثلاً بمديرها العام سعد الدين العويني، في حلقة بحثية حول الصناعة اللبنانية، نظمتها جامعة سيدة اللويزة وجمعية الصناعيين والتجمع الوطني للإصلاح الاقتصادي، وافتتحها مرحباً رئيس الجامعة الأب وليد موسى. وطالب العويني ب «إعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة، والتشديد على حاجة الاقتصاد الى تطوير كل قطاعاته، في مقدمها الصناعة والزراعة». واعتبر أن مطالب الصناعيين اللبنانيين المحقة «مهملة»، إذ «لم نتمكن من إقناع الحكومات والمسؤولين بأن الصناعة اللبنانية، وفي ظل تكاليف إنتاج باهظة، غير قادرة على المنافسة مع دول عربية وآسيوية تدعم صناعاتها وصادراتها في شكل مباشر، خصوصاً في ظل الانفتاح التجاري والاقتصادي وتوقيع اتفاقات للتجارة الحرة». وأكد عدم تزعزع «إيماننا بمقومات المواجهة التي تملكها الصناعة اللبنانية»، مذكّراً بأنها «كانت تشكل أكثر من 30 في المئة من دخلنا القومي في سبعينات القرن الماضي». فيما تحدث رئيس التجمع الوطني للإصلاح الاقتصادي إيلي يشوعي عن «إنتاج لبنان وسبل حمايته»، معتبراً أن قانون حماية الإنتاج الوطني «لا يزال يحتاج الى مراسيم تطبيقية تضعها الحكومة، كان متوقعاً صدورها منتصف 2007، لتحدد آليات قياس الإغراق والدعم وارتفاع حجم الاستيراد، والرسوم المقابلة فضلاً عن مهمات هيئة التحقيق». ورأى أن الصناعة «تواجه احتكارات في مجالات الطاقة والاتصالات والمرافئ، وفوائد غير مريحة على القروض التشغيلية تثقل تكاليف إنتاجها». في حين «تشكل المغالاة في تحرير التجارة وخفض الجمارك ورفع الفوائد الميزة الرئيسة للسياسة الاقتصادية في لبنان منذ بداية التسعينات وحتى اليوم». واعتبر أن «التسرع الحكومي في تحرير التجارة مع الخارج بحجة خفض أسعار الاستهلاك عبر خفض الرسوم الجمركية الى مستويات متدنية جداً تبلغ 5 وواحداً في المئة، يقود الآن الى استيراد التضخم من الخارج بسبب الدولرة العالية للاقتصاد اللبناني بنسبة 77 في المئة، وتراجع سعر صرف الدولار». كما أن هذا التحرير المبكر من دون الإفادة من سنوات طويلة للحماية، تسمح بها الاتفاقات الدولية، «يخفض نمو الشركات وربحيتها ويرفع معدلات البطالة وعجز الموازنة العامة والعبء الضريبي، ما يعطل بنسبة أعلى خفض الأسعار للمستهلكين». وأكد أن مع هذا التحرير المعجل «تتعرض القطاعات المنتجة لمنافسة خارجية حادة تلزمها التطور السريع والمكلف لكي تتمكن من المنافسة أو تعرضها للاندثار والتلاشي». ولاحظ يشوعي أن نسبة التكلفة الإجمالية للتدهور البيئي في لبنان «بلغت 3.5 في المئة من الناتج المحلي، أي ما يعادل 560 مليون دولار العام الماضي». وافترض احتمال «دخول منتجات مضرة بالبيئة الى لبنان، مع الإفراط في تحرير التجارة وضعف المراقبة». وخلص متناولاً موضوع زيادة الأجور الذي يبحث الآن في لبنان، موضحاً أن الأجر «عنصر تكلفة أساس أيضاً في الإنتاج الصناعي»، ويوظف القطاع 14 في المئة من مجموع القوة العاملة، أي نحو 175 ألف عامل وموظف. لذا يجب أن «تقتصر الزيادة على تصحيح الحد الأدنى للأجور، وجعله يغطي حقيقة الحاجات الأساسية للمعيشة، على أن تترك الشطور الأخرى حرة تخضع لقانون العرض والطلب في أسواق العمل». وقال: «إذا قضت الحقيقة بأن يُزاد الحد الأدنى بنسبة 57 في المئة، التي تمثل التضخم المتراكم منذ العام 1996 (سنة الزيادة الأخيرة للأجور)، فالواقع يفترض النظر الى حال المؤسسات في القطاع الخاص، التي تعاني من صدمات ارتفاع تكلفة المواد الأولية، وإلى أحوال الاقتصاد المتميزة بالركود والتضخم، إذا أُريد للزيادة أن تكون فعلية لا إسمية أو وهمية».