يحتفل العالم اليوم بالذكرى العاشرة لتوقيع «معاهدة اوتاوا» الدولية لحظر الالغام الارضية والتي تحظر بموجبها 156 دولة استخدام الالغام الارضية القاتلة. ولكن مازالت هناك دول ذات قوة عسكرية ضخمة ترفض المصادقة على المعاهدة، على رأسها الولاياتالمتحدة والصين وروسيا والهند وباكستان وايران، على الرغم من المآسي الانسانية المتكررة من استخدام هذه الاسلحة. ودعا رئيس قسم العمل على حظر الالغام لدى لجنة الصليب الاحمر الدولية بن لارك جميع الدول الى حظر الالغام، قائلاً: «لا يوجد أي نفع عسكري من استخدام الالغام الارضية». ووصف لارك في حديث ل«الشرق الاوسط» بمناسبة الذكرى العاشرة على توقيع «معاهدة اوتاوا» المشاكل التي تنتج عن استخدام الالغام في النزاعات المسلحة، من الاصابات البليغة التي تصيب ضحاياها الى التأثير النفسي على المقيمين في مناطق «ملوثة» بهذه القنابل. ولفت لارك الى ان «معاهدة اوتاوا» جاءت نتيجة ل«ارتفاع نسبة الغضب والرفض الشعبي للالغام والدمار التي تسببها، ودفعت ضغوط المجتمع المدني الدول والقادة الى توقيع المعاهدة». وشدد على اهمية المعاهدة، قائلاً: «كانت هذه المرة الاولى التي يحظر فيها نظام اسلحة كامل، وكانت سرعة المصادقة على هذه المعاهدة غير مسبوقة». وأضاف: «منع الالغام شكل سابقة تاريخية اذ بات من غير الممكن قبول مثل هذه الاسلحة بحجة الحاجة العسكرية، خاصة بعدما ثبت انها غير فعالة عسكرياً وتؤدي الى اذى بشري يفوق بشدة أي نوع من الفعالية العسكرية التي يمكن ان تدعيها بعض الدول». ولكن بينما صادقت 156 دولة على حظر الالغام، مازالت 39 دولة لم تصادق عليها، ومن بينها دول ذات فعالية عسكرية عالية. وامتنع لارك من الدخول في تفاصيل تلك الدول، ملتزماً بسياسة لجنة الصليب الاحمر الدولية بعدم الدخول في القضايا السياسية، لكنه قال: «ندعو جميع الدول لتوقيع هذه المعاهدة». وأضاف: «على الرغم من ان الولاياتالمتحدة لم توقع المعاهدة الا انها تصرف الملايين لتنظيف المناطق منها كما انها لم تستخدم الالغام منذ عام 1991»، مشيراً الى ان المعارضة الشعبية لاستخدام الالغام تساعد في الضغط على الحكومات للابتعاد عنها حتى وان لم توقع المعاهدة. وربط لارك بين «معاهدة اوتاوا» والجهود المبذولة حالياً لمنع القنابل العنقودية، قائلاً: ««مثل الالغام، تتسبب القنابل العنقودية باذى لا يمكن حسره، وكثيراً ما تفشل في استهداف الاهداف العسكرية وتتسبب بخسائر بشرية مدنية بريئة». واضاف: «الالغام والقنابل العنقودية تنتشر في مساحات كبيرة، وعادة ما تكون غير دقيقة في العمل العسكري، كما ان الدمار الذي تسببه يستمر بعد سنوات من انتهاء النزاع العسكري». ولفت الى ان فعالية الالغام الارضية يمكن ان تستمر حتى بعد 200 عام من زرعها، مما يجعلها من اخطر الاسلحة على المدى البعيد. وقد ادت المعاهدة حتى الآن الى التخلص من 42 مليون لغم في مستودعات الدول الموقعة على المعاهدة الدولية. الا ان من المشاكل التي تواجه العاملين على التخلص من الالغام هي عدم وجود احصاء محدد لعدد الالغام او مكان زرعهم. وقال لارك: «لا يوجد طريقة لتحديد عدد الالغام، وعلى كل حال الارقام غير مهمة، فالمهم هو التأثير الجسيم لهذه الاسلحة». ولفت لارك الى ان المشاكل من الذخائر غير المتفجرة تزداد خاصة في الاراضي الزراعية التي تنغرس فيها القنابل والالغام والتي احياناً لا يمكن العثور عليها حتى عند القيام بمسح المنطقة. وقال: «لدى الالغام تأثير واسع على نفسية الساكنين في مناطق تستخدم فيها الالغام، لأن التهديد خفي ولا توجد طريقة لتحديدها». واضاف: «الكثير من النزاعات تدوم سنوات طويلة، ولا احد يعلم اين تزرع هذه الالغام ولا يوجد احصاء حقيقي لها، مما يعني ان الخوف يستمر بعد سنوات من انتهاء النزاعات المسلحة». وتابع: «التأثير النفسي الجسيم يأتي من جراء الطبيعة المخيفة للاصابات التي تنتج عن الالغام ويبقى هذا التأثير السلبي على الناجين لسنوات طويلة». وبحسب منظمة «الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية» غير الحكومية والتي تعمل لحظر الالغام عالمياً، فقد ادت الاصابات من انفجار الالغام الارضية والعبوات الناسفة الى مقتل 1367 ضحية واصابة 4296 خلال العام الماضي في 68 دولة متفرقة. وقد فازت منظمة «الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية» ورئيستها السابقة جودي ويليامز على جائزة «نوبل» للسلام عام 1997 لعملهم لحظر الالغام. يذكر ان لجنة الصليب الاحمر الدولية لا تقوم بعمليات واسعة في ازالة الالغام، اذ تقوم الاممالمتحدة ومنظمات مختصة بهذا العمل. وشرح لارك ان اللجنة الدولية تختص بثلاثة جوانب في حماية المدنيين من الالغام، اولها «العمل المباشر خلال النزاعات وبعدها، اذ نقوم بعمليات محدودة لإزالة الالغام في المناطق المتنازع عليها لتأمين الوصول الى مصادر مهمة مثل مصادر المياه أو الوصول الى المستشفيات». وأضاف: «المهمة الثانية التي نقوم بها هي تحديد مناطق التلوث (المزروعة فيها الالغام) وتوعية السكان وتثقيفهم لتقليل التهديد من هذه الاسلحة الخطيرة». ولفت الى ان المهمة الثالثة تكمن في العمل مع «المنظمات المحلية مثل الصليب الاحمر او الهلال الاحمر الخاص في دولة معينة لدعم التوعية وإعطاء السكان الامان لاستخدام المناطق الملوثة بعد تنظيفها». ولفت لارك الى ان «الحكومات هي المسؤولة في نهاية الامر عن هذه الالغام وإزالتها».