رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن استيلاء مسلحي تنظيم "دولة العراق والشام الإسلامية" المعروف ب"داعش" على مدينة "الموصل" العراقية و التي تعد ثاني أكبر مدن العراق بعد العاصمة بغداد يمثل أكبر مهانة لحكومة رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي". واعتبرت الصحيفة أن هذا الأمر إنما يدق ناقوس الخطر والتهديد الذي يفرضه داعش ويحيط باستقرار العراق الذي وصفته ب"الهش" بل واستقرار المنطقة بأسرها. وأوضحت الصحيفة أن مقاتلي داعش فرضوا سيطرتهم على الضفة الغربية للموصل بعدما فرت قوات الشرطة والجيش العراقي تاركين وحداتهم فيما تواردت أنباء عن قيام بعض رجال الشرطة والجنود بالتخلص من زيهم الرسمي حتى يفلتوا من تعقب مقاتلي داعش لهم. وأشارت الصحيفة إلى أن عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين اضطروا أيضا للفرار من المدينة ومحاولة النجاة بأنفسهم من الهجوم الذي كشف أوجه القصور في قوات الأمن العراقية مما هدد بتفاقم الانقسام الطائفي الذي بات بالفعل على المحك. كما تعتبر السيطرة على الموصل بمثابة الجائزة الأكثر أهمية للمسلحين, نظرا لأنها أكبر وتقع على تقاطع حيوي استراتيجي يربط العراق بسوريا وتركيا، على حد قول الصحيفة. ومن جانبه فقد طالب المالكي ب"التعبئة العامة لقوات الأمن", ودعا البرلمان لإعلان حالة الطوارئ وأكد أن حكومته لن تسمح بسقوط الموصل في أيدي الإرهاب بحسب تعبيره. كما استولى مقاتلي "داعش" بالفعل على كميات كبيرة من الأسلحة عندما غادرت قوات الأمن مواقعها في الموصل, ومن بينها مركبات وذخائر ومؤن بما قد يساعدهم على تنفيذ المزيد من الهجمات ويلاحظ أن أغلب هذه الأسلحة حصل عليها العراق من جانب الولاياتالمتحدة. "تشارلز ليستر" من مركز بروكنجز الدوحة في قطر أوضح قائلا:" إن الاستيلاء على مدينة كبيرة مثل الموصل يمثل في حقيقة الأمر نصرا استراتيجيا يرمز لأمور غير عادية بالنسبة للمسلحين الذين أصبحوا أقوى مما كانوا عليه في الماضي". وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الموصل تقع بالقرب من الحدود مع إقليم "كردستان" الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي, والذي توجد خلافات بين رئيسه مسعود بارزاني وبين حكومة المالكي حول القضايا العالقة من النفط والمال وتسليم السلطة. ومن جانب آخر وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" هروب الجنود من الجيش العراقي بأنه يفتت المؤسسة العسكرية، فعقب أشهر من القتال الشرس ضد عناصر مسلحة استعادت نشاطها من جديد تضعف قوة الجيش العراقي ما يغير مجرى الحرب ويؤدي الى تفتيت مؤسسة دربتها ومولتها الولاياتالمتحدة كان البعض يأمل في انها ستقدم للعراقيين المعنى السليم للمواطنة. وأشارت الصحيفة الى انه في دولة تتمزق بسبب الخلافات الطائفية يخدم السنة والشيعة مع بعضهم البعض في الجيش العراقي غير ان انشقاقات الجنود السنة تهدد بتعميق التصور المتنامي لدى العراقيين من السنة ان الجيش يعمل كأداة للنفوذ الشيعي حتى مع فرار بعض الجنود الشيعة من الجيش ايضا. ووصل عدد الفارين من القتال وصل الى ذروته بعد ان ترك الجنود وقادتهم القواعد العسكرية بمدينة الموصل مما ادى لسقوط ثاني اكبر المدن العراقية في ايدي مسلحين ينتمون الى تنظيم "داعش". ولفتت النيويورك تايمز الى ان القوات الهاربة تركت وراءها اسلحة ومركبات وحتى زيها العسكري في وقت استولى فيه المسلحون على خمس منشآت تابعة للجيش على الاقل ومطار المدينة وانه في محاولة يائسة لاحتواء الخسائر اضطر الجيش الى قصف قواعد خاصة به للحيلولة دون تسليم المزيد من الاسلحة للعدو. واضافت الصحيفة ان الازمة تحصل على زخم مع تزايد نفوذ المتشددين من السنة واستيلائهم على اراض في الاجزاء الشمالية والغربية من العراق الى جانب ترك الجنود لمواقعهم القتالية في الجيش. ونقلت الصحيفة عن محلل امني يعمل مع الحكومة العراقية اشترط عدم الافصاح عن اسمه قوله إنه قبل ان تترك القوات العراقية مدينة الموصل كان الجيش يخسر ما يصل الى 300 جندي يوميا ما بين فارين وقتلى وجرحى. وبحسب الصحيفة فقد قللت الحكومة العراقية من حجم الازمة من خلال اللجوء احيانا الى تسجيل الجنود "مفقودين" بدلا من فارين من الجيش كما القى مسؤولون عراقيون باللوم ايضا على موضوعات لا علاقة لها بالامر, حيث صرحوا على سبيل المثال, بأن الجنود لا يعودون من اجازاتهم لكن فقط لأن الطرق التي تؤدي الى ميادين القتال لم تعد آمنة. واكدت الصحيفة ان الفرار من صفوف القتال بالجيش العراقي يهدد بتحويل النزاع المرير في العراق الى شيء اكثر خطورة من خلال حرمان الحكومة العراقية من مقاتليها مع محاولاتها المضنية لاستعادة السيطرة على مناطق استولت عليها العناصر المسلحة, مثل الفلوجة والآن الموصل, مشيرة الى انه مع وجود جنود اقل لمواجهة المسلحين اصبح الجيش العراقي يعتمد على قذائف المدفعية والغارات الجوية للتصدي لهم وقال بعض العاملين في مجال حقوق الانسان أن هذه الغارات تتضمن استخدام قنابل برميلية عشوائية مما يشكل خطرا على المدنيين.