عقب الاطاحة بحكم الإخوان في يوليو 2013 سارعت دول خليجية في دعم مصر بشكل استثنائي يتخذ صبغة سياسية، مما زاد إيرادات الدولة وقلص العجز الذي مازال يحتاج لعلاج عاجل لأنه مهدد بالارتفاع. وساهمت المساعدات الخليجية في زيادة المنح من الحكومات الأجنبية في الموازنة العامة - بيان تقديري للايرادات المتوقع للدولة تحصيلها والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة قادمة- بنحو 51.2 مليار جنيه وهو ما يشكل نحو ثلث الإيرادات خلال الثمانية أشهر الأولى من العام المالي 2014\2015 وتقدر بنحو عشرة أضعاف متوسط المنح التي حصلت عليها مصر خلال الخمسة أعوام المالية السابقة. ووعدت السعودية والإمارات والكويت بدعم مصر بنحو 12 مليار دولار وصل منها حتى فبراير 11 مليار دولار. وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية" بالتأكيد هذه المنح لها وجه سياسي.. ساذج من يعتقد أن هناك دولة ممكن أن تعطي منح لدولة أخرى بدون أغراض تخدم مصالحها." وأضاف نفعة أن الدول الخليجية التي ساعدت مصر عقب ثورة 30 يونيو لديها قلق مما سيترتب على انهيار الوضع الاقتصادي في مصر، وبالتالي فشل النظام السياسي الحالي، وعودة التيار الإسلامي للسيطرة على السلطة المصرية مما يهدد قدرة هذه الدول في السيطرة على مجريات الأمور في منطقة الخليج، كما أن العلاقات الخليجية مع الولاياتالمتحدة ضعفت، فبالتالي ربما تبحث من خلال مصر على غطاء عربي قوي. واستطرد أستاذ العلوم السياسية قائلا، لكن قدرة مصر على أن تصبح غطاء قويا لكل دول الخليج تعتمد على قدرتها على توظيف المعونات ومحاربة الفساد وتحقيق الإستقرار، وبناء مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسة العسكرية. واختلفت مصادر المساعدات ما بين حكم الإخوان وبعد الإطاحة بهم، فقد تركزت أثناء حكم مرسي بشكل كبير على قطروتركيا. وقدمت قطر قروضا ومنحا بقيمة خمسة مليارات دولار عقب تولي الرئيس السابق محمد مرسي السلطة في عام 2012 منها مليار دولار منحة و1.5 مليار وديعة و2.5 مليار لشراء سندات وفي مايو 2013 أقرضت مصر ثلاثة مليارات دولار أخرى. لكن بقاء الحال من المحال فبعد إزاحة الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم تدهورت العلاقات بين البلدين وظهرت اتهامات لقطر بأنها تدعم حكم الإخوان وتستخدم إعلامها لدعم رؤيتهم. وفي سبتمبر 2013 قال هشام رامز محافظ البنك المركزي إن مصر ردت الوديعة القطرية بمبلغ ملياري دولار، بعد أن طلبت الدوحة تغيير شروط تحويل الوديعة إلى سندات، كما كان متفقا عليه. وتماشيا مع موقف الدوحة عطلت تركيا جانبا من المساعدات، التي تعهدت بها سابقا وتصل إلى 2 مليار دولار، وأعلن الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط في أغسطس الماضي أن مصر تلقت مليار دولار تم توجيهها لدعم الاحتياطي الأجنبي، أما المليار الثاني، الذي تم تعطيله، فقد كان مقررا استخدامه كتسهيلات ائتمانية. وقال أحمد عبد الحافظ معين أستاذ الاقتصاد بجامعة السادس من أكتوبر أن المنح لعبة سياسية فبعد ثورة يناير أغلقت تقريبا باب الاقتراض الخارجي الا الودائع التركية والقطرية التي جاءت في وقت حكم الإخوان وكانت بغرض دعم نظام بعينه وليس لخدمة مصر. وأضاف معين أن شروط وديعة قطر كانت مجحفة، حيث تم الاتفاق على فائدة عالية بلغت حوالي 4.5 % وهي أعلى من الفائدة العالمية للدولار البالغة 1 %، ونظرا لتغير الأوضاع السياسية بعد ثورة يونيو التي إطاحت بحكم الإخوان، رفضت قطر تحويل الودائع إلى سندات لتشكل عبء على خدمة الدين. وتوزعت حزمة المساعدات العربية التي جاءت بعد ثورة يونيو- وفقا لبيان مجلس الوزراء - كالتالي "3.93 مليار دولار في شكل عيني (استيراد وقود)، ومليار دولار منحة من الإمارات الشقيقة، و6 مليارات دولار ودائع لدى البنك المركزي، أي أن أكثر من نصف تلك المساعدات بمثابة التزامات على الحكومة المصرية واجبة الرد. وقال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن المنح ساهمت في نمو الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، مما انعكس على استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولاروالعملات الاخرى، وقلل الضغوط على الموازنة العامة وبالتالي حافظ المركزي على فاتورة استيراد السلع وجنب المواطن تحمل أعباء اضافية وأوضح إبراهيم أن البنك المركزي استفاد من توافر العملة الصعبة للحد من عمليات المضاربة على الدولار، ونجح في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي و"السوق الموازية". وأضاف أن المنح تم ضخها في الحد الأدنى للأجور وكادرالمعلمين وفي تمويل مشروعات لم تكتمل كثيفة العمالة للحد من ارتفاع معدلات البطالة. وبينما يرى أحمد عبد الحافظ أنه "لا سقف للمساعدات الخليجية ولا حدود لها"، قال حسن نافعة أن استمرار المنح يعتمد على مدى تطابق المصالح المشتركة وقدرة مصر على تنفيذ ما تحتاجه الدول المانحة، وفي نفس الوقت استفادتها بشكل جيد من المساعدات في تحقيق أهدافها المرجوة.