الجمهورية 29/10/07 في دول العالم المتقدم يدفع المواطن الضرائب للحكومة وهو أحرص ما يكون علي ذلك لا لشيء إلا لأنه يحصل في مقابلها علي خدمات اجتماعية يشعر بها ويلمسها في حياته اليومية ويتفاخر بأنه دافع للضرائب.. لأنه يمكنه أن يشكو من سوء أية خدمة وتنال شكواه الاهتمام وربما يحصل علي اعتذار رسمي لتقصير أي جهاز حكومي في تقديم الخدمة. أما المواطن المصري فمن المؤكد أنه ليس سعيداً بدفع الضرائب.. خصوصاً الموظفين الذين يعانون من تدني الأجور ويكتوون بنيران الغلاء هم لا يدفعون الضرائب بإرادتهم الحرة ولكنها تستقطع إجبارياً من رواتبهم!! هم أيضاً لا يتفاخرون بأنهم من دافعي الضرائب لأنهم مجبرون علي قبول الأمر الواقع ولا يشعرون بأنهم يحصلون علي مقابل لها في صورة خدمات فالطرق مهملة وال 6 آلاف قتيل سنوياً يشهدون علي سوء حالتها.. والمستشفيات الحكومية. حدث عنها ولا حرج.. الداخل لها مفقود.. والخارج منها مولود.. أما في المصالح الحكومية فصور الإهمال لمصالح الجماهير فيها واضحة للعيان.. حتي الإعانات والمساعدات في حالات العجز أو الكوارث تدفعها لهم الحكومة بمنطق الإحسان. والسؤال الذي نطرحه.. ماذا نحصل مقابل الضرائب التي ندفعها؟ ما المقابل؟ * إبراهيم عبدالحميد اخصائي إعلام بالهيئة العامة للاستعلامات.. يقول: تستقطع الضرائب من راتبي شهرياً أوتوماتيكياً دون الرجوع إلي.. ورغم ذلك لم ألمس مقابلاً لتلك الضرائب المحصلة شهرياً. ويتساءل: هل رواتبنا أصلاً في ظل زيادة الأسعار الجنونية. تكفي لاستقطاع مثل هذه الضرائب حتي ولو كانت جزءاً يسيراً؟!.. ولعل ارتفاع أسعار الدواء والعلاج "الباهظ" ينفع معه انقطاع جزءاً من الراتب الصغير الذي يكاد يكفي جزء من الشهر فقط؟! ويتعجب إبراهيم قائلاً: الغريب أن الحكومة تتفنن في فرض إتاوات علي رواتب الغلابة بدلاً من زيادتها بما يتناسب والزيادة البشعة في كل أسعار السلع والخدمات. * إبراهيم الشريف "مدرس" بالتربية والتعليم.. أكد أنه من "المواطنة" أن تقدم الدولة الدعم والخدمات وتفرض بعض الضرائب علي ذوي الدخول المرتفعة. مقابل تقديم الخدمات الصحية والتعليمية لأفراد الشعب.. ولكن من الصعب أن تكون هذه الضرائب علي حساب ذوي الدخول المحدودة وطبقات الشعب القادمة والتي لاتكاد تكفي دخولهم الشهرية متطلباتهم الأساسية. * نفس الكلام يؤكده محمد محمد النجار "مدرس" قائلاً: هناك ظلم فادح. واقع علي رؤوس الموظفين فليس من العدل أن تقوم الحكومة بخصم نسبة من المرتبات كضرائب دون الحصول علي مقابل ذلك من خدمات صحية وتعليمية ومواصلات حقيقية والحد من ارتفاع الأسعار.. وينبغي علي الحكومة أن توفر الخدمات للناس مقابل هذا الخصم. طالما أنه مستمر. مصادر الإيرادات: * ومن جانبه.. يؤكد المحامي محمد محمد عبدالرحمن أن الضرائب علي الدخل من أكثر الضرائب حساسية وتأثيراً في القوة الشرائية للنقود. وتمثل مصدراً مهماً من مصادر الإيرادات الضريبية وتزداد أهمية أكثر خلال الأوقات التي تسود فيها معدلات عالية من التضخم. خاصة بالنسبة للأجور والرواتب وبالتالي فإن الموازنة هي المستفيد الأكبر من التضخم!! .. ويري أن الخدمات تقدم للمواطن برسوم باهظة.. ورغم ذلك يستقطع من دخله الكثير.. فلو ضربنا مثلاً بالمرور. نجد أن رسوم التأمين الإجباري تزداد بنسبة 100% لصالح الشركة المحتكرة ورغم هذه الرسوم التي يدفعها المواطن لا نجد أي خدمة أو ميزة لا من قريب ولا من بعيد. الغلاء مستمر: ويشير إلي أنه بالرغم من أن الحكومة فرضت الضرائب علي دخل الموظفين... لم نجد حلاً لأزمتهم المالية.. فالسلع في غلاء مستمر وبالتالي أصبح المواطن بين مطرقة الغلاء وسندان الحكومة!! *.. أما شقيقه الحاج عبدالرحمن علي "صاحب مخبز" فيقول: إنه للأسف هناك تقديرات جزافية في الضرائب. مما يجبر البعض علي التهرب الضريبي أو التلاعب في الدخل الحقيقي.. مشيراً إلي وجود بعض المحلات بالأماكن الشعبية تدفع ضرائب مثيلة لبعض المحلات الشهيرة بالأماكن المتميزة.. رغم أنه من العدل التفرقة بين ضرائب المحلات الراقية والمتواضعة. ويضيف الحاج عبدالرحمن علي أنه لابد وأن يستفيد الموظف من الخصومات التي تستقطع من راتبه وتمثل مصدراً أساسياً للأسرة.. مشيراً إلي أن أبسط مثال لعدم استفادته من خدمة رغيف الخبز المدعم هي ارتباط الأفران "المخابز" بوقت حدده التموين.. وبالتالي لا يمكن للموظف الاستفادة والحصول علي رغيف الخبز لأنه يجد "الأفران" أوصدت أبوابها بمجرد خروجه من العمل!! * صفوت منير "مهندس زراعي" أوضح أن ما يفرض علي الموظف وبالتالي علي أسرته من ضرائب كان ينبغي أن يقابله خدمات.. لكن خصمه بلا مقابل قمة الظلم والقسوة في ظل ارتفاع أسعار كل شيء حتي المواصلات فهل يعقل أن تجعل هيئة النقل العام تعريفة الأتوبيس 110 قروش بدلاً من 25 قرشاً!! ولمصلحة من هذه الفكة التي تخلق مشاكل لا حصر لها؟!.. أيضاً خدمة التأمين الصحي.. شيء مؤسف فالخدمة التي تقدم لا يستفيد منها السواد الأعظم.. فالتأمين مرتبط بعلاج وفق جدول معين لا ينفع المريض.. وفي النهاية يقوم المريض بشراء العلاج علي حسابه الخاص!! .. يستطرد المهندس صفوت: حتي قطاع الكهرباء زاد بنسبة فجة وبشكل خرافي. وأصبحت تمثل عبئاً ضخماً علي عاتق المواطن البسيط ومنهم الموظفون. .. فضلاً عن رسوم النظافة التي أصبحت عبئاً كبيراً هي الأخري.. ورغم ذلك فلا نظافة ولا جامعي قمامة ومحصلة الرسوم صفر!! دافعو الضرائب: * إذا كان هذا حال دافعي الضرائب لدينا تُري ما حال دافعي الضرائب في البلاد الغربية وهل هناك إجبار للضرائب كما هو الحال عندنا الصورة يوضحها لنا المصريون بإنجلترا . بداية يقول الإعلامي محمد عبدالمنعم: إنني كحامل للجنسية البريطانية قبل أن أكون صاحب منشأة في بريطانيا لا أشعر كغيري من الإنجليز بأي أثر سلبي للضرائب. لأن كافة المؤسسات هنا تقدم خدمات للمواطنين الإنجليز أو للرعايا الأجانب أو الحاملين للجنسية.. بلا تفرقة.. والكل سواسية.. والغريب أن هذه الضرائب التي تحصل من المواطنين. يتم توزيع حصيلة دفعها عليهم في شكل خدمات اجتماعية وصحية وتعليمية وفي حالات البطالة.. يتم تقديم إعانة فورية بشكل أسبوعي منتظم لحين اختيار أو الحصول علي وظيفة!! * ويواصل محمد عبدالمنعم كلامه: إن دافعي الضرائب في بريطانيا لهم حقوق كما عليهم التزامات.. ويمكنهم مقاضاة ومحاسبة أي مسئول في الحكومة حتي في الحالات الاستثنائية حول التقصير في الخدمات إذا ما تأخر مسئول "البلدية" عن توفير الخدمة وتتم مساءلته فوراً بناء علي طلب الشاكي.. وهذا شيء طبيعي.. فالكل له حقوق وعليه التزامات. وتلك قمة العدالة. *.. أما الدكتور أحمد إسماعيل استشاري أمراض النساء والعقم وصاحب مركز كوينز كلينيك بلندن.. فيقول: إن الضرائب التي يدفعها المواطنون أتوماتيكياً هي الداعمة لكل مؤسسات الحكومة البريطانية وهي تخوله الحق في ذات الوقت للانتفاع بكل هذه الالتزامات. بمعني أن ما يتم خصمه ضرائبياً من أي موظف خلال مدة خدمته.. يسترده كاملاً حال توقفه عن العمل لأي سبب. مع خصم نسبة ضئيلة جداً.. وبالتالي يستفيد المواطن مرتين بدفعه للضرائب في صورة خدمات وحقوق وفي صورة دعم مادي "تأميني" دفعة واحدة!! معاش أسبوعي: ويضيف الدكتور أحمد إسماعيل: كما يتمتع دافعو الضرائب بميزة أخري وهي المعاش الأسبوعي حال تقاعده أو توقفه عن العمل.. وكل دافعي الضرائب يتمتعون بحق السكن والاقتراض دون قيود عقيمة. والاقتراض من البنوك بالنسبة لهم يكون أشبه باختيار المواطن سلعته من أي سوبر ماركت!! المزيد من التحقيقات