مصر اليوم بصدد اعادة انتاج ظاهرة مراكز القوي ولكن الفارق الوحيد بين مراكز القوى المحدثة، وتلك التقليدية أو التاريخية، أن مراكز القوى القديمة كانت تعنى تمركز جماعة معينة فى موقع سلطة للسيطرة عليه بادارة منظمة، أو هى مجموعة من اصحاب النفوذ فى الحكم الذين تربعوا على الكراسي، وامسكوا بزمام الامور فى ايديهم وسيطروا على صنع القرار (يعنى تكونت من داخل السلطة).. اما النسخة الجديدة من مراكز القوى التى تظهر فى مصر الآن- فقد سبقت بزوغ النظام الجديد أو السلطة الجديدة التى سيكتمل بناؤها بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقا لخارطة المستقبل.. وهذه هى المرة الاولى على حد علمي- التى تنشأ فيها مراكز قوى افتراضية (من خارج سلطة مازالت فى رحم الغيب)، وخطورتها انها تجعل من الانتخابات البرلمانية القادمة صراعا على السلطة وليست صراعا على الديمقراطية. نحن ازاء شللية مقيتة جدا، ومحاولة لفرض سيطرة تيار واحد على الحكم من جديد، واستماتة لخلق حلقة تحاصر الحضور الجماهيرى الطاغى للمشير السيسي، ولفرض الهيمنة على عملية صنع القرار السياسى فى عهده اذا ترشح وفاز.. عشرات من الاقتراحات عن مجالس امناء وهيئات، ومفوضيات، وزمر خبراء، ومجموعات تنظيمية، وهياكل رئاسية، وجميعها تهدف بقول واحد- الى تأميم أو مصادرة عملية صنع القرار فى السلطة القادمة، يساعدها على ذلك صياغات فى الدستور قلصت سلطات رئيس الجمهورية لصالح رئيس الوزراء الذى سيأتى من الاغلبية فى البرلمان، أو من الظهير التشريعى الذى سيفرزه ظهير سياسى أو حزبي. لعبة مراكز القوى الجديدة هى تصنيع الظهير السياسى والظهير التشريعى للاستيلاء على مفاصل صناعة القرار واهمها رئاسة الحكومة، وسحب قدرة رئيس الجمهورية على فرض توجه بعينه على السياسات.. ولقد كان من الاقوال المأثورة والمنشورة عن حركة مايو 1971، ضد (مراكز القوي): «ان عناصر مجموعة مايو امتلكوا كل مفاتيح السلطة، ولكن السادات كنسهم من فوق الارض كنساً لان الجماهير كانت معه» ... وبيقين فان الجماهير اليوم- مع المشير السيسى كذلك!. نقلا عن الاهرام