تنطلق صباح اليوم الاثنين الجولة الثانية من المفاوضات بين وفدي نظام الرئيس بشارالاسد والمعارضة السورية بجنيف في مسعى جديد للبحث عن حل سياسي للنزاع الدامي المستمر منذ نحو ثلاثة اعوام وتأتي هذه الجولة بعد نحو عشرة ايام من نهاية جولة اولى غير مسبوقة من التفاوض في اشراف الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي من دون ان تؤدي الى نتائج ملموسة. ومن المقرر ان يعقد الدبلوماسي الجزائري المخضرم اليوم جلستين منفصلتين الاولى مع وفد المعارضة على ان تليها جلسة مع الوفد الرسمي السوري. وكان الوفد الرسمي السوري برئاسة وزيرالخارجية وليد المعلم وصل بعد ظهر الاحد الى جنيف والتقى الابراهيمي مساء ولم يدل اي من الطرفين بتصريحات. وبدأ اعضاء الوفد المعارض بالوصول تباعا الى المدينة السويسرية امس آتين من دول مختلفة ولم يكن رئيس الوفد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أحمد الجربا قد وصل بعد الى جنيف. كما لم يتضح بعد ما اذا كان الابراهيمي سيجمع الوفدين في جلسة مشتركة اليوم، على غرار تلك التي شهدتها الجولة الاولى التي انتهت الجمعة 31 يناير وخلال هذه الجلسات ترأس الوفد الرسمي مندوب سوريا الدائم الى الاممالمتحدة بشار الجعفري، في حين كان هادي البحرة كبير مفاوضي الوفد المعارض. وتأتي الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف-2 التي بادرت واشنطن الداعمة للمعارضة وموسكو حليفة النظام، بالدعوة اليها، اثر انتهاء الجولة الاولى دون التوصل الى نتيجة، وسط خلافات بين النظام والمعارضة حول بيان جنيف-1. وينص هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في حزيران/يونيو 2012، وفي غياب اي تمثيل لطرفي النزاع، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. كما ينص على "وقف فوري للعنف بكل اشكاله" وادخال المساعدات الانسانية واطلاق المعتقلين والحفاظ على مؤسسات الدولة. وخلال الجولة الاولى من التفاوض، شدد الوفد الرسمي على اولوية "مكافحة الارهاب"، في حين طالب الوفد المعارض بالبحث في "هيئة الحكم الانتقالية". وتعتبر المعارضة ان نقل الصلاحيات يعني تنحي الرئيس الاسد، وهو ما يرفض النظام التطرق اليه، مؤكدا ان مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. واعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الجمعة ان الوفد الرسمي "يؤكد على متابعة الجهود التي بذلها في الجولة الاولى من اعمال المؤتمر، بالتشديد على مناقشة بيان جنيف (1) بندا بندا وبالتسلسل الذي ورد في هذا البيان". من جهته اكد وزير الاعلام السوري عمران الزعبي الاحد ان اي قرار قد ينجم عن مؤتمر جنيف 2 للسلام سيعرض على الاستفتاء الشعبي العام. وقال الزعبي وهو عضو في الوفد السوري الحكومي الى جنيف-2 " أن وفد الجمهورية العربية السورية مخول بالنقاش والحوار في كل القضايا والمواضيع ولكن قرار قبول ما ينشأ عن جنيف إذا نتج عنه أي شيء فإن الإرادة الشعبية في سورية هي من ستحكم عليه عبر الاستفتاء الشعبي العام". وفي هذا الاطار كتبت صحيفة الوطن السورية الاثنين ان الجولة الثانية تاتي " بعد أن فشلت الأولى في إحراز أي تقدم نتيجة تعنت وفد الائتلاف وإصراره على حصر النقاش في كيفية الاستيلاء على الحكم في سورية في حين كان الوفد الرسمي السوري يبحث في عملية إنقاذ أرواح السوريين ووقف سفك الدماء ". ولم تتوقع مصادر الصحيفة أن تحرز الجولة الثانية تقدماً يذكر إلا "أن جهوداً ستبذل من قبل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من أجل المضي قدماً في بحث الملفات كافة واستكشاف النقاط التي يمكن إحراز أي تقدم فيها" كما اضافت الصحيفة. وكان الدبلوماسي الاممي المخضرم اقر الاسبوع الماضي في ختام جلسة اولى من المفاوضات المضنية بأن النتائج التي اثمرت عنها تلك المفاوضات كانت متواضعة. واشار الى ان الانجاز الاكبر الذي تحقق هو ان طرفي النزاع، وللمرة الاولى منذ اندلاع الازمة قبل ثلاث سنوات تقريبا وافقا على الجلوس والتفاوض سويا، وإن ليس وجها لوجه بل من خلاله كمرحلة اولى. ووعد الابراهيمي يومها بان تكون نقاط الحوار "محددة اكثر" في الجولة الثانية التي تنطلق الاثنين وتستمر حتى الجمعة وسيقرر خلالها الطرفان الخطوات التالية لها. وفي الواقع فان الثمرة العملية الوحيدة التي انتجتها الجولة الاولى من مفاوضات جنيف-2 كانت محاولة الاممالمتحدة انتزاع "اجراء انساني لبناء الثقة" تمثل في النهاية باتفاق بين المعارضة والحكومة على هدنة في حمص القديمة تضمنت اخراج مدنيين محاصرين داخل احياء تسيطر عليها المعارضة وادخال مساعدات غذائية وطبية اليهم. ومع ان الهدنة التي اقرت لثلاثة ايام اعتبارا من الجمعة خرقت مرارا عديدة الا ان الاممالمتحدة والهلال الاحمر السوري تمكنا من اخلاء مئات المدنيين وادخال مواد اغاثية الى الاحياء المحاصرة، وقد اكد ناشطون مساء الاحد ان الهدنة تم تمديدها 72 ساعة. وفي هذا الاطاراعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاثنين ان باريس ودولا اخرى ستطرح مشروع قرار في مجلس الامن الدولي للمطالبة بتأمين وصول المساعدات الانسانية للمدنيين في المدن السورية المحاصرة. ودعا فابيوس الى تسهيل الوصول لمدن سورية من اجل نقل " ادوية ومواد غذائية " معتبرا انه " لامر فاضح ان نكون نناقش هذا الامر منذ فترة طويلة وان يتواصل جوع الناس " واضاف "لذلك وبالتعاون مع دول اخرى سنطرح مشروع قرار في هذا الصدد". وهدف مفاوضات جنيف التوصل الى حل سياسي للنزاع المستمر منذ منتصف مارس 2011 وادى الى مقتل اكثر من 136 الف شخص وتهجير ملايين السوريين داخل سوريا والى الدول المجاورة.