لجنة المنشآت في جامعة بنها تتابع معدلات تنفيذ المشروعات الحالية    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    التخطيط تطلق «منصة بيانات أهداف التنمية المستدامة بالمحافظات»    البورصة تعلن أسماء الشركات المنضمة لمؤشر "EGX35-LV" الجديد    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بالقاهرة الجديدة    صلاح أساسيًا.. سلوت يعلن تشكيل ليفربول لمواجهة يوكوهاما مارينوس وديًا    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 121.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وفاة الفنان لطفي لبيب عن عمر يناهز 77 عامًا    3 جثث لفتيات و12 مصاباً آخرين حصيلة انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    تجدد أزمة حارس باريس سان جيرمان    تعليم الفيوم تعلن عن مسابقة لشغل الوظائف القيادية من بين العاملين بها    "رعايتك في بيتك"، بدء تنفيذ مشروع الرعاية الصحية المنزلية    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    براتب 550 دينار .. العمل تعلن عن 4 وظائف في الأردن    محافظ أسوان يوجه بسرعة الإنتهاء من مبنى قسم الغسيل الكلوى بمستشفى كوم أمبو    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هل اجتمع الجنايني مع عبد القادر لإقناعه اللعب للزمالك؟    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    المجلس القومي للطفولة والأمومة: نؤكد التزامنا بحماية أطفالنا من كافة أشكال الاستغلال والانتهاك    وزارة الصحة تشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المناخ والصحة 2025 بالبرازيل    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    إصابة طفل تعرض لعقر كلب فى مدينة الشيخ زايد    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    أكاديمية العلوم الروسية: هزات ارتدادية قوية بعد زلزال كامشاتكا قد تستمر خلال الشهر المقبل    وزير الخارجية: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري وإسرائيل تغلق جانبه الفلسطيني    1000 طن مساعدات غذائية إلى غزة فى اليوم الرابع لقوافل "زاد العزة".. فيديو    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    هنا الزاهد: حسيت إني بعيش فيلم ريستارت بعد اللي حصل في مصر (فيديو)    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    «مش كل حريف أسطورة».. تعليق مثير من محمد العدل على تصريحات عمرو الجنايني بسبب شيكابالا    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    الدكتورة ميرفت السيد: مستشفيات الأمانة جاهزة لتطبيق التأمين الصحي الشامل فور اعتماد "Gahar"    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبدالمنعم: المخطط الأمريكي... والحل على طريقة بوتين!
نشر في أخبار مصر يوم 15 - 11 - 2013

كما كانت حربنا في اكتوبر 73 زلزالا أو معبشة باللغة العبرية على حد وصف كبار الكتاب الإسرائيليين كما كان ذلك, بل وأكثر من ذلك, كانت ثورة 30 يونيو معبشة أخرى هزت أركان العالم بأكمله وعصفت ليس فقط بالجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط, بل امتدت آثار هذا الزلزال الهائل الى القارة الأوروبية, وعبرت الأطلنطي لتصل الى الولايات المتحدة الأمريكية حيث جرت عمليات التخطيط, والتجنيد, والتلقين, والتمويل.. ثم إذا بهذا الشعب الغريب والعتيد دونا عن سائر الشعوب التي تعرضت منذ الثمانينيات لهذا التآمر الأمريكي غير المفهوم, وغير المبرر.. إذا بهذا الشعب المصري صاحب حضارة السبعة آلاف عام, إذا به يهب كالمارد الاسطوري في 30 يونيو حاشدا أكثر من ثلاثة وثلاثين مليون مصري انطلقوا في وجه العالم كله يقولون لا, لن نخضع, لن نستسلم لهؤلاء المهووسين دينيا, ولا لأولئك المتضخمين بذاتهم المضطربة, وتصوروا انهم سادة الكون بكل ما, ومن فيه!
نعم كانت ثورة 30 يونيو زلزالا عصف بكل المفاهيم والنظريات والمؤامرات, لقد تصور بيت الحرية (فريدام هاوس) القابع في العاصمة واشنطن والذي يهيمن عليه رموز المحافظين الجدد والذي كان وراء كل الانقلابات التي وقعت في مختلف أنحاء العالم منذ الثمانينيات حتى يومنا هذا, تصور هذا البيت أنه يسيطر ويتحكم في باقي أجزاء العالم.
ولقد أكدت صحيفة فايننشيال تايمز أن هذا البيت من كبرى المنظمات التي اختارتها الخارجية الأمريكية لتلقي اعتمادات مالية لتمويل ودعم الأنشطة السرية في دول الشرق الأوسط, ودول الاتحاد السوفيتي السابق.
بيت الحرية هذا أصدر كتابا بعنوان كيف تظفر بالحرية ويضم هذا الكتاب 67 طريقة لقلب نظام الحكم وذلك بواسطة منظمات المجتمع المدني التي يعتبرها الأمريكيون الوريث الشرعي للزعيم التاريخي الهندي المهاتما غاندي, والزعيم الأسود الأمريكي مارتن لوثر كينج, والزعيم اليساري ليش فالينسيا وذلك في الكفاح النبيل الذي قام به هؤلاء الزعماء في مختلف أنحاء العالم!
ويضم هذا الكتاب كيف تظفر بالحرية 67 طريقة لقلب نظام الحكم من خلال منظمات الحكم المدني وذلك عن طريق تكتيكات المقاطعة, والمظاهرات الضخمة (المليونيات), والاضرابات, والاعتصامات, وتعطيل المرور, والعصيان المدني, وتجريد الحكام من الشرعية, وتقليص مصادر قوتهم ودعمهم وذلك من خلال استدراج ولاء القوات والأجهزة التي تقوم بحماية هؤلاء الحكام, وفي مقدمة هذه الأجهزة: الجيش والشرطة, وأجهزة المخابرات والأمن القومي, ومباحث أمن الدولة!
وتسهيلا للقيام بهذه المهام التي يصعب على دول خارجية القيام بها, فإنه بالاضافة الى التمويل السخي (في عام 2006 رصدت واشنطن 14 مليار دولار لتمويل منظمات حقوق الانسان) بالاضافة الى ذلك يعتمد هؤلاء العملاء على وسائط الانترنت والتليفون المحمول لتسهيل الاتصالات الدولية بين النشطاء الذين سيقومون بالانقلاب, وبين قادتهم ومدعميهم الذين يقيمون في العالم الخارجي وتحديدا في الولايات المتحدة!
وجدير بالذكر هنا أن بيت الحرية هذا يرأسه المدعو بيتر أكرمان الذي يصفونه بأنه مخطط الحروب الناعمة ومهندس العصيان المدني والثورات البرتقالية, والوردية, والقرمزية.. وما يستجد من باقي الألوان!!
ويعتبر أكرمان هذا نسخة ثانية من جورج سورس الملياردير الذي يمول بدوره منظمات المجتمع المدني, أما مهندس العصيان المدني بيتر أكرمان فقد قام باختراع لعبة فيديو اسمها قوات أكثر نفوذا وذلك بتكلفة ثلاثة ملايين دولار بغرض توفير مرجع أو كتالوج لإشعال أي ثورة ملونة في العالم برتقالية كانت أو هبابية وتقوم هذه اللعبة على الدروس المستفادة من نجاحات حركة تضامن في بولندا, وسقوط ميلوسيفيتش في صربيا, والثورة البرتقالية في أوكرانيا, والثورة الوردية في جورجيا, ويؤمن هذا ال أكرمان ايمانا شديدا بأن الطغاة يمكن اسقاطهم من داخل أوطانهم ولكنه نسى قول حقيقة أن الأجهزة المخابراتية والدعائية الأمريكية هي التي تحدد ما إذا كان هذا الحاكم أو ذاك من الطغاة أو من الحبوبين من أمثال حاكم قطر!
وتعليقا على لعبة أكرمان هذا المسماة قوات أكثر نفوذا فإن ثوار جورجيا الذين نفذوا الثورة الوردية هؤلاء الثوار صرحوا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية بأن فيلم أكرمان التسجيلي عن عملية إسقاط ميلوسيفيتش, كان هذا الفيلم هو قائدهم, وملهمهم, ومعلمهم, وأنهم حفظوا عن ظهر قلب كل التوجيهات والتكتيكات التي احتواها هذا الفيلم بالإضافة إلى ذلك كله فإن بيت الحرية (فريدام هاوس) الذي يرأسه أكرمان هو الذي يقوم بتمويل الصحف المستقلة!! إلى جانب المنظمات الحقوقية, وأن فريدام هاوس هذه تضع على رأس أولوياتها ما أسمته تهذيب الشريعة الإسلامية.. هكذا بكل صلف ووقاحة!
ومن أغرب الملابسات التي وقعت خلال تلك الثورات في دول الاتحاد السوفيتي السابق وتكررت عندنا, وتحديدا بواسطة جماعة الإخوان المسلمين, من أغرب هذه الملابسات أنه خلال الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا, فيما بعد الثورة, كان يتم حشد الناخبين وتوزيع الأموال الدولارات عليهم ونقلهم كما فعل الإخوان المسلمون عندنا بالسيارات والميكروباصات من مقار سكنهم إلى ميادين الحشد والمظاهرات, وإلى مقار الانتخابات للإدلاء بأصواتهم, كذلك ظهرت لأول مرة الأقلام الخفية التي ظهرت عندنا أثناء الانتخابات واستخدمها المواطنون عندنا دون أن يدروا ان اختياراتهم سوف تتبدد وتختفي بعد دقائق
معدودة وذلك في ذات الوقت الذي كان يتم فيه نقل الناخبين المأجورين الى أكثر من لجنة للإدلاء بأصواتهم.. وبالتالي يفوز في الانتخابات هنا وهناك من لا يستحق الفوز ومن لم تختره الجماهير!
ومثل المجرمين الذين يكررون بغباء اسلوب ارتكابهم للجريمة وبالتالي يكشفون عن أنفسهم وعن هويتهم.. مثل هؤلاء فإنه في جميع الدول التي قامت فيها تلك الثورات الملونة كانت هناك شخصيات في الظل لا يعرفها أحد ولم تقم بأي عمل لاقي اعجاب الجماهير, ومن الغريب أنه هنا وهناك كانت الدول الغربية المانحة تتدخل في الوقت المناسب كما تدخلت عندنا أكثر من مرة ولا أريد أن أذكر هنا أسماء بعينها تتدخل الدول الغربية لفرض مرشح بعينه لمنصب حيوي في الدولة عادة ما يكون منصب رئيس الوزراء كما حدث في أوكرانيا مع المغمور يوشنكو, أو كما حدث عندنا في عهد الاخوان, وفي أكثر من منصب عال ومرموق يمكن تلك القوى الخارجية التي تعبث في أحشائنا من المزيد في العبث والتخريب!
كان لابد من هذا السرد التفصيلي للأحداث التي نمر بها على مدى ثلاث سنوات كاملة فيما يعد رقما قياسيا عالميا لم ولن يتكرر في تاريخ ثورات الشعوب والمجتمعات.. أحداث كان أن عايشها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وراقبها بعين ضابط المخابرات السابق في ال كي جي بي (جهاز المخابرات العامة في روسيا حاليا وفي الاتحاد السوفيتي السابق) ورغم خبرته الواسعة في هذا الصدد كان ان أصابته الدهشة مما رآه ومما لم يتوقع أن يراه أبدا, وكان أول ما لاحظه بوتين هذه اللغة الجديدة لغة الجسد التي يستخدمها الثوار الجدد و شملت هتافات إيقاعية سبق تلحينها بنغمة قوية الايقاع والتأثير, والالتصاق الجسدي كتفا بكتف للشعور بالأمان, والقفز الجماعي إلى أعلى وفي نفس المكان والتصفيق الجماعي مرات محددة ثم فرد الذراعين الى الجانبين, وإشارات الدعوة من المتظاهرين الى المشاهدين كي ينضموا اليهم, والهجوم المكثف مثل أسراب الجراد على رجال الأمن ثم التراجع المنظم, ونزع بردورات الأرصفة وتكسيرها إلى قطع حجرية صغيرة يهاجمون بها الجانب الآخر.. ومظاهر أخرى متعددة ومماثلة جرت في جميع دول الاتحاد السوفيتي السابق خلال الثمانينيات الأمر الذي دفع بوتين وهو القائد القوي والمحنك الى أن يقول: لو حدث هذا عندنا في روسيا فإننا لن نستطيع السيطرة على مثل هذا الموقف ومثل تلك الأحداث!
وبدون تفاخر أو تباه علينا أن نتذكر جيدا اعتراف بوتين الرئيس القوي للقوة الثانية في العالم وضابط المخابرات المدرب علينا أن نتذكر جيدا اعترافه الصريح بأنه لو حدثت مثل هذه الثورات عندهم في روسيا فإنهم هناك لن يستطيعوا السيطرة عليها.. وفي المقابل وبدون زهو أو تعال علينا أن نتذكر وندرك أننا هنا في مصر كنا الدولة الوحيدة التي استطاعت أن تسيطر, وتمتص, وتعيد المسار الى الطريق الصحيح وأنها كانت الدولة الوحيدة على مستوى العالم كله التي استطاعت أن تجهض هذا المخطط الشيطاني وبأسلوب عبقري بسيط على غرار فكرة تجريف السد الترابي لخط بارليف المنيع عن طريق تجريفه بخراطيم المياه!
ونعود الى بوتين الذي فور عودته لرئاسة روسيا في عام 2012 كان أن لجأ إلى الحل الحاسم والمنطقي الذي مازلنا نحن نفتش عنه للعام الثالث على التوالي.. هناك في روسيا وبمجرد قيام المعارضة بتنظيم مظاهرات ضخمة إلى حد ما في العاصمة موسكو, وكان وراء هذه المظاهرات ذلك الوباء الأمريكي المسمى ب المنظمات غير الحكومية. فور قيام هذه المظاهرات, وعلى ضوء ما لاحظه بوتين قبل ذلك خلال مظاهرات دول الاتحاد السوفييتي السابق.
قام على الفور بإصدار قوانين جديدة وحاسمة تقضي على وجوب قيام المنظمات غير الحكومية الموجودة داخل روسيا التي تحصل على تمويل أجنبي, مهما كانت ضآلته ومحدوديته, وجوب قيام هذه المنظمات بالإعلان عن أنها تحصل على تمويل أجنبي من خارج البلاد وتعترف صراحة بأنها تعمل لتحقيق مصالح خارجية.
وهنا لا يخفي أن هذا الإعلان الواضح والفاضح يعد اعترافا صريحا بالعمالة الأمر الذي لا يمكن أبدا لأي عاقل أن يقرر الانضمام الى مثل هذه التنظيمات المشبوهة التي عبثت بالجغرافيا السياسية أو الجغراسية كما يسمونها حاليا للقوة الثانية في العالم وحققت هناك نجاحا ملموسا قابله فشل تام عندنا في مصر نأمل من الله تعالى أن يمتد هذا الفشل الى سائر المخططات الوضيعة الظاهر منها والخفي التي تستهدف جميع دول العالم العربي.
لماذا يكره البعض منا أمجاد هذا الوطن؟
يقول الخبر أن بعثة من علماء الآثار في إسرائيل يرأسها البروفسير أفيف جوفر من جامعة تل أبيب تمكنت بعد التنقيب في كهف قاسم الذي يقع في قلب إسرائيل, ويعتبر موقعا ينتمي إلى حقبة ما قبل التاريخ ولم يتم إكتشافة إلا في عام 2000! تمكنت هذه البعثة من العثور على أسنان بشرية تخص الإنسان الأول الذي عاش في هذه المنطقة منذ أربعمائة ألف عام!! وهو ذات الإنسان الذي نشأ أصلا في قلب القارة الأفريقية ثم هاجر منها بعد ذلك, وأعلن البروفسير أفيف أو البروفسير ربيع بالعربية أن التأكد من صحة هذا الكشف التاريخي من شأنه العمل على تغيير مفهوم نظرية النشوء والتطور التي تمحورت حولها نظرية دارون والتي مازالت حتى يومنا هذا مصدرا للجدل والتحقق!
وبمجرد قراءة هذا الخبر من جانبي كان رد الفعل الشرطي الذي طرأ على ذهني هو هذه الظاهرة التي سادت المانيا النازية وذلك عندما كان وزير الدعاية الشهير جوزيف جوبلز يلجأ بين الحين والحين إلى التركيز على إكتشافات أثرية وتاريخية داخل الأراضي الألمانية, وبالطبع كان معظمها مفبركا وبهدف تعميق المشاعر الوطنية وتوطيد علاقة المواطن الألماني بأرض الوطن وتراث الأجداد! واستطرادا في ظاهرة رد الفعل الشرطي التي حدثنا عنها العالم الروسي بافلوف كان أن تسيد فكري ومشاعري هذا الثراء التاريخي الذي لا مثيل له والذي تزخر به جميع أرجاء الأراضي المصرية, والذي بسببه تتدفق علينا كانت تتدفق أفواج السياحة من جميع أرجاء المعورة, وبسببه أيضا يكن لنا العالم المتقدم أرقى مظاهر
الإحترام ويقر الجميع بأن حضارتنا القديمة كانت مهد الحضارة الإنسانية كلها ومصدرها الرئيسي! ويالها من كارثة عندما قام الدهماء عندنا بمهاجمة المتحف المصري بميدان التحرير وتحطيم وسرقة بعض محتوياته.. ويالها من فاجعة عندما قام الأغبياء بإشعال النيران في المجمع العلمي بشارع القصر العيني, وياله من خزي وعار عندما قام الأحفاد بنهب متحف ملوي الذي يضم كنوز الآباء والأجداد وتراث الإنسانية كلها.. أي بشر هؤلاء إن جاز لنا أن نسميهم بشرا!! وحتى قبل هذه الجرائم المخزية لابد وأن نتساءل ونتعجب لماذا لا نوفي هذه الحقبة من تاريخنا ما تستحقه من تبجيل واحترام؟ لماذا لا نتعامل معها كما يتعامل معها الأجانب؟ ولماذا لانلقنها وندرسها للأبناء وتلاميذ المدارس في جميع المراحل التعليمية؟
ولماذا لا نستغلها في بناء ودعم أركان الشخصية المصرية؟ ولماذا لا نقيم فوق هذه الدعامة الأساسية كافة جوانب الشخصية المصرية والهوية الوطنية؟... وأخيرا ينبغي أن نطرح هذا السؤال على أنفسنا: لماذا يكره البعض منا أمجاد بلاده؟ ويغل على النابهين من بيننا؟ ويتجاهل أي إنتصار أو إنجاز؟ ويخاصم النجاح؟ لماذا هذه السلبيات وغيرها بين البعض منا؟ أتصور أنه لابد لنا أن نبحث عن إجابة!
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.