اخبار المتمردين الاكراد تفرد لها الصحف مساحات كبيرة واليوم تناولت جريدة الوفد سيناريوهات الحرب المحتملة في المنطقة حيث حشدت تركيا ما بين 140 إلي 200 ألف جندي علي الحدود العراقية وفقاً للتقارير التي صدرت في أنقرة، وينقسم هذا العدد ما بين 8 إلي 10 فرق علي الأقل تشمل في الأساس القوات الخاصة وقوات المشاة والقوات المحمولة جداً. من المتوقع في حالة تنفيذ التهديدات التركية بشن هجوم علي الأكراد في شمال العراق أن يتم نقل القوات التركية جواً لمحاصرة المعسكرات التابعة لحزب العمال وقصف هذه المعسكرات اعتماداً علي المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها القوات التركية خلال الفترة الماضية. وفي المقابل ذكرت الجريدة إن مقاتلي حزب العمال سيسعون إلي جر الجيش التركي إلي حرب عصابات، مستغلين بذلك درايتهم الواسعة بتضاريس كردستان، ويتوقع المحللون انضمام عدد كبير من مقاتلي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرازاني للقتال إلي جانب حزب العمال. ويقول المحلل السياسي التركي سينجيز سندار إن فرصة المقاتلين الأكراد ستكون أفضل بسبب تأقلمهم مع طبيعة المنطقة مما سيساعدهم علي التصدي للقوات التركية التي ستكون منتشرة علي مساحة واسعة. وحددت أنقرة عدة أهداف لهجومها المحتمل علي شمال العراق وهي: * تصفية قواعد حزب العمال الكردستاني. * إقامة منطقة عازلة تركية تمتد ما بين 30 إلي 40 كيلو متراً تمنع عناصر الحزب مستقبلاً من التسلل عبر الحدود لتركيا. * إضعاف حكومة إقليم كردستان العراقية. * إحباط مخطط الأكراد في إقامة دولة مستقلة. * توجيه رسالة تحذير للأطراف التي تدعم الأكراد من أن تركيا موجودة ولن تسمح بقيام أي كيان كردي مستقل. ابزت الجريدة تأكيد المحللون أن دخول أنقرة شمال العراق وتنفيذ عملية عسكرية ضد عناصر حزب العمال سيفقد تركيا الكثير علي المستوي السياسي والاقتصادي والعسكري. فعلي المستوي السياسي ستفقد تركيا علاقاتها الجيدة مع الغرب في ظل رفض الدول الغربية لهذه الحرب، خاصة الولاياتالمتحدة التي تأثرت العلاقات معها بالفعل. كما أن هذه الخطوة ستعرقل جهود تركيا المتعثرة للانضمام للاتحاد الأوروبي وهو الهدف الذي تضعه تركيا علي رأس جدول أعمالها منذ فترة. وعلي الصعيد الاقتصادي، فإن هذه الحرب ستكلف الاقتصاد التركي الكثير في تغطية نفقاتها، بالإضافة إلي احتمال هروب بعض الشركات الأجنبية التي أنعشت سوق الاستثمار في تركيا، علاوة علي الخسائر المتوقعة في قطاع السياسة التي تعتمد عليها تركيا كثيراً، وقد بدأت بوادر هذه الخسائر بانخفاض قيمة الليرة بنحو 2% مقابل الدولار عقب موافقة البرلمان التركي علي التوغل في شمال العراق، وتعدي الأمر إلي الاقتصاد العالمي، حيث سجلت أسعار النفط العالمية أعلي مستوياتها علي الإطلاق عند 88 دولاراً للبرميل. أما علي المستوي العسكري فإن هذه الحرب يمكن أن تكلف أنقرة الكثير من أرواح الجنود، خاصة في ظل التضاريس الوعرة لمنطقة كردستان وخبرة حزب العمال الجيدة بالمنطقة، وكان قائد الجناح العسكري لحزب العمال مرات كراييلان قد حذر تركيا من الإقدام علي العملية العسكرية، وقال إن الأكراد سيدخلون الجيش التركي فيتنام جديدة، كما هدد عبدالرحمن الجادرجي مسئول العلاقات الخارجية في الحزب بشن هجمات ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري ومراكز الشرطة التركية. والحكومة التركية وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه وأصبح عليها الاختيار بين أمرين، أما الموافقة علي غزو شمال العراق وأما الظهور بمظهر ضعيف أمام شعبها، فالهجمات الأخيرة التي شنها عناصر حزب العمال الكردستاني ضد القوات التركية لم تترك فرصة لرئيس الوزراء رجب طيب اردوجان في الاختيار بين أكثر من بديل. فقد أثارت هذه الهجمات من الاستياء الشديد داخل تركيا وشكلت فرقة ضغط علي حكومة أنقرة وزاد من هذا الضغط موقف الجيش ومطالبته باتخاذ موقف حازم ضد حزب العمال. ويؤكد المحللون أن جنرالات المؤسسة العسكرية التركية يسعون لإيجاد دور لهم من خلال الأزمة الكردية ويحاولون استعادة بريق مجدهم السابق الذي خفت كثيراً بوصول حزب العدالة والتنمية للحكم. جنرالات الجيش في اتجاه وضع حكومة اردوجان تحت ضغط الرأي العام التركي الرافض أساساً لمسألة القوميات والأعراق عن طريق اتهامها بأن تساهلها مع الأكراد شجع مقاتلي حزب العمال علي استئناف نشاطهم ضد الجيش وترغب قيادة الجيش التركي في شن حملة عسكرية واسعة للقضاء بشكل نهائي علي حزب العمال، في حين تتردد الحكومة في ذلك وتؤيد بشكل أكبر شن عمليات عسكرية محدودة داخل كردستان. ويؤكد المقربون من رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان أنه ينتظر قيام الولاياتالمتحدة باتخاذ إجراءات تساعده علي عدم تنفيذ عملية عسكرية، ومن هذه الإجراءات اعتقال بعض زعماء حزب العمال وتسليمهم لأنقرة. ويشير المحللون إلي اقتناع أردوجان وحكومته بصعوبة القضاء نهائياً علي حزب العمال، ويضعون في ذاكرتهم أن الجيش التركي نفذ في السابق 24 عملية عسكرية بدون تحقيق نتائج علي أرض الواقع. علاوة علي ما سبق فإن الحكومة تخشي من استعادة جنرالات الجيش لنفوذهم داخل تركيا إذا حدث تدخل عسكري واسع في كردستان.