انتخابات النواب 2025| ننشر نتائج الحصر العددي في جولة الإعادة بجميع دوائر قنا    برقية تهنئة من مجلس النواب للرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي الجديد    التعليم العالي تستجيب ل 9600 شكوى وطلب خلال عام 2025    تجديد حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدتين وترويعهما بكلب في السلام    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة الشهيد مارجرجس بأجا    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 29 ديسمبر في سوق العبور للجملة    رئيس جيبوتي يستقبل كامل الوزير وممثلي شركات القطاع العام والخاص المصري    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق «اليوم الواحد» بفيصل| صور    أمم أفريقيا 2025.. موعد مباراة مالي وجزر القمر والقنوات الناقلة    "شباب البحيرة" تنظم برنامجا تدريبيا لتعليم أعمال الخياطة والتريكو    استمرار هطول الأمطار على الإسكندرية والمحافظة تعلن حالة الطوارئ    6 خطوات أساسية لتأمين الحسابات وحماية الهواتف الهاكر    مديرية الصحة فى كفر الشيخ تُصدر نشرة توعية بطرق الوقاية من الأنفلونزا    الاعتراف رسميًا بنوع خامس جديد من مرض السكر    سوريا.. دوي انفجار غامض في محيط حي المزة بدمشق وسط صمت رسمي    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    شهيد الشهامة.. شاب يفقد حياته خلال محاولة إنقاذ شخصين من الغرق    لأولى ثانوي.. التعليم تعقد امتحانا عمليا فى مادة البرمجة للتيرم الأول غدا    نشر أسماء 8 مصابين في حادث انقلاب سيارة بالسادات في المنوفية    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    طفرة تاريخية فى صادرات الملابس لتتجاوز 3 مليارات دولار لأول مرة فى التاريخ    الزمالك لليوم السابع: تطبيق لائحة الغياب على محمود بنتايج بعد إنذار فسخ العقد    موعد مباراة المغرب وزامبيا في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    "القاهرة الإخبارية" تكشف آخر تطورات دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    إصابة 7 من الشرطة التركية في اشتباك مع مسلحين من تنظيم داعش    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 29 ديسمبر 2025    "الصحة" تعلن خطة 903 قوافل طبية مجانية للنصف الأول من 2026    قضايا الدولة تنعى المستشارة سهام صبري الأنصاري    الصين: نعارض أي محاولة لتقسيم الأراضي الصومالية    عودة المياه عن بعض المناطق التي بها ضعف بمركزي ابنوب والفتح بأسيوط    التحقيقات تكشف مفاجآت فى واقعة الهروب الجماعى من مصحة الجيزة    حظك اليوم الاثنين 29 ديسمبر.. وتوقعات الأبراج    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة وعدد من المحافظات    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    طارق الشناوي: المباشرة أفقدت فيلم «الملحد» متعته ولم يُعوِّض الإبداع ضعف السيناريو    مئات الالاف في غزة يرتجفون بردا والصقيع يقتل الأطفال في الخيام    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    وائل جسار وهاني شاكر يشعلان أبوظبي بليلة طربية نادرة في يناير    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    أحمد عبد الله محمود يكشف ملامح شخصيته في «علي كلاي»    وزير الخارجية: مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية والتهجير خط أحمر    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة وعلاقة عمرها 1500 عام
نشر في أخبار مصر يوم 25 - 10 - 2007

تناولت الجريدة تاريخ مدينة غزة من خلل العلاقة التاريخية بين المواطنين المسلمين والمسيحيين فى مدينة غزة والتي ترجع لآلاف السنين في أعرق مدن العالم
لا يتذكر أبو السعيد بائع الأجهزة الكهربائية في حي الرمال وسط مدينة غزة أن جاره منذ ثلاثين عاما
الملقب بأبي حنا تاجر مواد غذائية، مسيحي الديانة، إلا في الأعياد والمناسبات الدينية، وهو ما يؤكده
الأخير قائلا انه يقوم في كل عيد بتقديم تهانيه لأبي السعيد فيما يتعاملان طوال العام مع بعضهما
ويتسامران أمام الدكان ثم يذهبان كل واحد منهما للصلاة في أوقاتها، فأبو حنا يذهب للكنيسة، أما أبو
السعيد فيتجه للمسجد، في «المدينة المؤمنة» التي يعود تاريخها الى أكثر من 3 آلاف عام قبل
الميلاد وشهدت بناء أول دير قبل اكثر من 1500 عام.
وعرضت جريدة الشرق الاوسط معاناة اهالي غزة تحت حكم حركة حماس التي وضعتها االولايات المتحدة الامريكية علي لائحة الارهاب وقالت : ان العلاقة الحميمة بين أبو السعيد وأبو حنا نموذج عادي لعلاقة طبيعية بين المواطنين بغزة المسلمين والمسيحيين، حيث يعيش حوالي 3 آلاف فلسطيني مسيحي وسط مليون ونصف المليون مسلم علىمساحة ضيقة من الأرض لا تتجاوز 360 كيلومترا مربعا، باتت تتحكم في رقابهم منذ أربعة أشهر حكومة تتبع حركة إسلامية تم وضعها أميركيا على لائحة الإرهاب الدولي، وهى صورة سرعان ما لجأت العديد من وسائل الإعلام الغربية إلى استغلالها سياسيا بعد ساعات قليلة من وقوع جريمة قتل مطلع أكتوبر الجاري راح ضحيتها المواطن المسيحي رامي عياد.
الجريمة لم تتضح خلفيتها ودوافعها وأسبابها، وهذا ما دفع حركة حماس للقول بأن هذه الجريمة هي
محاولة لوصم حركة المقاومة الإسلامية حماس «بتهمة اضطهاد الأديان»! الأمر الذي دفع رئيس
الحكومة المقالة إسماعيل هنية ليأمر بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة لمتابعة القضية، قائلا: «نحن جميعا
جزء من شعب واحد نعاني معا ونخوض معا نضالا واحدا من أجل الحرية والاستقلال واستعادة
الحقوق الوطنية الثابتة، ولن نسمح لأي جهة كانت بالعبث في هذه العلاقة التاريخية».
وبذات الوقت سارع قادة حماس ووزراؤها إلى زيارة رجال الدين المسيحيين وتهدئة خواطرهم
وتقديم ما يلزم من حماية لجمعياتهم ومؤسساتهم، وترميم أضرار في مؤسسات مسيحية تعرضت
للتخريب والحرق أثناء أحداث السيطرة على القطاع قبل شهور بغزة. وعلى الرغم من محاولات
السياسيين ومعهم بعض الكتاب ووسائل الإعلام سبر غور الجريمة وخلفياتها بالتحليل والإدانة
والتوقعات وإشهار الخوف من المس بالعلاقة الحميمة بين المواطنين المسيحيين والمسلمين في غزة
إلا أن تلك الجريمة لم تحتل حيزا يذكر في سمر ودردشات أبو السعيد وأبو حنا، إذ يتهم الأخير «
السياسة» ومن وصفهم ب«ممتهنيها وانتهازييها» بتضخيم حادثة القتل ومحاولة حرفها عن كونها
جريمة قتل عادية قد تطال مسلما أو مسيحيا، ويقول «إن الجريمة حتى ولو تمت كما يقول البعض
على خلفية دينية فإنها لا تتعدى كونها جريمة فردية مدانة وليست ظاهرة تستحق دق طبول ومزامير
الفتنة، خاصة ان غزة تشهد ومنذ أشهر طويلة جرائم قتل لأتفه الأسباب راح ضحيتها مئات
الفلسطينيين». لكن هذا لا يعني غض الطرف عن أن جرائم القتل التي يكون ضحاياها من المواطنين
المسيحيين التي قد تصبح مادة للابتزاز السياسي تمارسها منظمات وقوى عالمية ودولية على دول
عربية، كان آخرها وأبرزها ما تعرضت له جمهورية مصر العربية جارة قطاع غزة ومنفذها الوحيد
من حملات دعائية منظمة لتخريب النسيج الاجتماعي والروابط الوطنية بين أبناء الشعب الواحد.
فأبو حنا يستذكر جريمة قتل سابقة راح ضحيتها مواطن فلسطيني يعتنق الديانة المسيحية إبان
الانتفاضة الأولى عام 1987 ويتذكر أيضا: انه بعد سويعات قليلة من جريمة القتل تلك زعمت وسائل
الإعلام الإسرائيلية أن قتله كان على خلفية دينية! ولكن بعد مضي أيام معدودة تبين أن الجريمة
وقعت على خلفية نزاع على قطعة ارض.
منذ سيطرة حركة حماس عسكريا على السلطة في قطاع غزة سارع قادتها إلى طمأنة المسيحيين
على أرواحهم وممتلكاتهم وحرية عبادتهم، وبنفس الوقت يحاول ه مسيحيو غزة الحفاظ على علاقات
جيدة مع جميع الفصائل الفلسطينية وعدم الزج بأنفسهم في الصراعات الداخلية. لكن علاقات مميزة
تربط الرئيس محمود عباس وحركة فتح مع المسيحيين الفلسطينيين. إذ تجسم هذا الحرص الدائم في
متانة النسيج الوطني الفلسطيني وتماسكه، وساهم في نجاح الطرفين بتجاوز آثار اعتداءات سابقة
طالت مؤسسات مسيحية بغزة بعد انقلاب حماس العسكري على سلطة الرئيس محمود عباس، حين
قام مجهولون بتفجير مدخل جمعية الكتاب المقدس ونهب وإحراق دير للمسيحيين يقع في مدرسة
الراهبات الوردية بالمدينة.
حرص المسيحيون والمسلمون في غزة على النأي بالدين عن الخلافات والمشاحنات الدموية التي
يشهدها قطاع غزة، ومرجع ذلك رغبتهم المشتركة في تجاوز كل ما شأنه تعكير صفو علاقاتهم
الوطيدة واستمرار وحدتهم وتماسكهم، وهذا ليس لإدراكهم بالمصير المشترك في مواجهة احتلال
وحصار وبطش اسرائيلى لا يميز بين فلسطيني وآخر وحسب، بل لأن العلاقة التاريخية بين
المواطنين المسلمين والمسيحيين هي نتاج طبيعي لمدينة ساحلية احتضنت الديانتين منذ آلاف السنين
في مدينة سميت غزة هي أعرق مدن العالم التي أنشأها الكنعانيون في الألف الثالثة قبل الميلاد. أول
دير بالبلاد المقدسة:
هذه المدينة سميت «المدينة المتلألئة» و«المدينة المتدينة» وذلك قبل عدة قرون من ميلاد المسيح عليه السلام، وحافظ سكانها الأصليون على مكانتها وموقعها الاستراتيجي بين قارتي آسيا وأفريقيا، وعلى الطريق الرئيسي «فياماريس»-Viamaris- طريق البحر وطريق حورس الذي يربط بين مصر وفلسطين والجزيرة العربية وجنوب شرق آسيا، وعبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.. لذا فقد حازت على صفة «سيدة البخور».
فسكانها الأصليون هم النواة التي نشأت عليها المسيحية في المدينة وما حولها، وحافظوا على
انتمائهم العربي طيلة الفترة الكنعانية إلى ما بعد قدوم «الباليستينيين» في القرن الثالث عشر قبل
الميلاد إلى أن أعادها العرب الأنباط إلى حاضرتهم سنة 150ق.م.
ازدادت نسبة العرب بالإضافة إلى الأنباط والآدوميين على ارض تلك المدينة بعد دخول قبائل الغساسنة لتشهد بعدها التركيبة السكانية تغيرا ملحوظا، خاصة ان أفراد الأخيرة الذين انتشروا في القرنيين الخامس والسادس شرق الأردن وفلسطين اعتنقوا الديانة المسيحية وساهموا بنشر رسالتها.
ومن الحقائق التاريخية التي يجمع عليها المؤرخون أن غزة أو المدينة المؤمنة تضم في أكنافها أول
دير تم بناؤه في فلسطين التاريخية سنة 329 ميلادية على يد القديس هيلاريون المولود في خربة أم
التوت الواقعة إلى الجنوب من وادي غزة. كما وفرت مدينة غزة استراحة للسيدة مريم العذراء مع
طفلها عيسى عليه السلام في طريق الهجرة إلى مصر بعد أن اصدر الحاكم الروماني هيرودس أمرا
بقتل جميع المواليد الجدد من الذكور حيث استجابت العائلة لوحي الرب كما جاء في «الإنجيل»
وسلكت أثناء عودتها طريق البحر Viamaris لتمر بمدينة غزة وتتخذ عليها من ظل شجرة جميز
مشهورة استراحة لها مع طفلها عيسى المسيح عليه السلام.
ويقدم المؤرخ سليم عرفات المبيض في كتابه «النصرانية وآثارها في غزة وما حولها» مجموعة
كبيرة من الأساقفة المسيحيين المؤمنين منهم الأسقف سلوانس في العام 285 م الذي استشهد مع
تسعة وعشرين مسيحيا في عهد الملك غلاريونس الوثني الذي أحرق بعضهم ورمى الآخرين
للوحوش الضارية.
وتحتضن غزة ثالث أقدم كنيسة في فلسطين بعد كنيستي المهد والقيامة وهى كنيسة القديس
برفيريوس وبنيت في القرن الرابع الميلادي وتمتد على مساحة على مساحة 216 مترا مربعا
وتجاور تماما جامع كاتب ولايات في حي الزيتون وبنيت في القرن الرابع الميلادي وتضم في جنباتها
قبر القديس برفيريوس الذي توفي عن 73 عاما في الكنيسة.
وساهم أهل غزة من المسيحيين عبر التاريخ فى شهرة المدينة فى الشرق والغرب، كما ساهموا فى
صنع حضارتها وثقافتها الفلسطينية عبر العصور وكان من بينهم الشاعر الغزي «انيوس»
والفيلسوف «بيرقوبيوس»، وقيل أن كثيرا من طلاب أثينا قد تركوها متجهين إلى غزة طلبا للعلم
والمعرفة، في حين لجأت بلاد فارس إلى استعارة أساتذة معاهد غزة و علمائها.
ومن تقسيم المدن الست التي شهدت تطور الفكر المسيحي نرى أن غزة قد أخذت مكانتها إلى جانب
المدارس المؤسسة لنهضة الفكر المسيحي وهي: أثينا، الإسكندرية، القسطنطينية، أنطاكيا، وبيروت.
فبينما عنيت أثينا بالأدب والفلسفة.. عنيت الإسكندرية وغزة بالعلوم.. كما أصبحت مركزاً فكريا وذات
شهرة واسعة بالبلاغة والشعر.
يبلغ تعداد فلسطينيو غزة من المسيحيين ثلاثة آلاف نسمة يعيش معظمهم داخل المدينة وخاصة حول
كنائسها الرئيسية الثلاث وهي كنيسة القديس بيرفيويوس وكنيسة اللاتين في حي الزيتون والكنيسة
الإنجيلية والتي تقع بجوار المجلس التشريعي وقبالة النصب التذكاري للجندي المجهول وسط غزة.
وهم يمارسون شعائرهم الدينية بحرية كاملة ويتبعون كنائس مسيحية كسائر المسيحيين في العالم،
فمنهم من يتبع الكنيسة الأرثوذكسية العربية، وآخرون يتبعون الكنيسة الكاثوليكية (اللاتينية).. ومنهم
من يتبع الكنيسة الإنجيلية، ويمارسون جميعهم طقوسهم الدينية في الأيام المقدسة والأعياد وفقاً
للتقويمات التي تتبعها الكنائس، وهي عيد الفصح، عيد الميلاد، عيد الصليب، ذكرى العذراء، ذكرى
القديسة بربارا، أحد الشعانين، وعيد القديس برفيريوس.
ويحظى الموظفون منهم في الدوائر الحكومية والخاصة بإجازة رسمية أسبوعية كل يوم احد
يخصصه بعضهم للصلاة الجماعية في الكنائس. ويسمح للفلسطيني المسيحي وفقا لوثيقة إعلان
الاستقلال والنظام الأساسي الفلسطيني وكافة النظم السائدة في فلسطين، العمل في شتى الوظائف
الحكومية منها والأهلية، ويتمتعون بكامل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الفلسطيني المسلم،
وخصصت للمواطنين المسيحيين عدة مقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني حسب نظام الكوتا في
الدوائر التي فيها نسبة المواطنين المسيحيين عالية. ولوحظ ان معظم مسيحيي غزة يهتمون بتحصيل
الدرجات العالية في العلوم المختلفة حيث يعمل 40% منهم في مجالات الطب والتعليم والهندسة
والقانون.
كما تمتلك الكنائس الفلسطينية بمدينة غزة مؤسسات تعليمية وخدماتية متميزة يقبل عليها المواطنون
المسلمون من دون أي تحفظ، ويستفيد منها كل فلسطيني بصرف النظر عن ديانته، ومنها: مدرسة
بطريركية اللاتين التي نشأت فكرتها من خلال التجارب اليومية للأب جليل عواد كاهن الرعية السابق
في المدينة وتأسست في العام 1974 وتتبع هذه المدرسة بطريركية اللاتين التي هي المركز
المسيحي الكاثوليكي في فلسطين وتقدم خدماتها في الإغاثة والصحة والتربية والحياة الاجتماعية منذ
ما يقارب 150 عاما.
ومنها مدرسة العائلة المقدسة التي تضم 1250 طالبا، ومدرسة الروم الأرثوذكس الابتدائية
المختلطة وهي امتداد لمدرسة البطريركية التي تأسست في حي الزيتون منذ حوالي عشرين عاما.
والى جانب المؤسسات التعليمية تمتلك كنائس غزة مؤسسات صحية واغاثية ومهنية مهمة للمجتمع
الغزي وتقدم خدماتها للمسيحيين والمسلمين من دون تمييز، ومنها مؤسسات تتبع مجلس الكنائس
العالمي ومنها جمعية الشبان المسيحية التي تأسست عام 1952 والتي تقدم العديد من الخدمات
الثقافية والتعليمية والاجتماعية، والرياضية.
وتعتمد كنيسة الروم الأرثوذكس والتي ينتمي لها معظم مسيحيو غزة المنهج العربي، ويقول الأب
إلياس عواد راعي كنيسة الروم الأرثوذكس «تعتمد كنيستنا المنهج العربي، فالكنيسة للعبادة ولها
مؤسسات تلبي الاحتياجات التعليمية لكل المجتمع. وبما أن أبناء رعية الكنيسة من العرب فإنها تعتمد
المنهج العربي بكل أعمالها، وبكل صلواتها، وبكل ما يخص الكنيسة، فالفلسطينيون في غزة ذوو
جذور عميقة وعريقة في هذه الأرض الطيبة».
ولمسيحيي غزة وفلسطين آراؤهم في المشروع الصهيوني، ويدركون خطورته على وطنيتهم
وإيمانهم. كما يدركون تأثيرات العقيدة المسيحية في تشكيل الهوية الوطنية الفلسطينية، ولديهم
مواقف معلنة من المصطلحات والصراعات المسماة «لصراع الحضاري».
يقول الأب عواد »الحضارات تتكامل.. ولا تتصارع ذلك لأن التكامل فيه مصلحة الإنسان وللاستفادة
من كل الحضارات المتتابعة»، ويقول أيضا «إن الكنيسة المسيحية في فلسطين كانت وما زالت
وستكون كنيسة وطنية تدافع عن حقوق رعيتها، كنيسة وطنية لا ترغب بالكراهية، لا ترغب
بالعنصرية لا ترغب بالحروب، وهي تشجع المحبة وتشجع السلم وتدافع عن حقوق الناس أجمعين».
ويشير الأب عواد الى نقاط التقاء ثقافي وعقائدي بين مسيحي غزة ويقول: «هناك اختلاف طفيف لا
بد منه، لكن بالمعنى المسيحي في فلسطين، فالمسيحي هو المسيحي المساهم، المسيحي الذي يصنع
السلام والمحبة لشعوب العالم، ومن يختلف من المسيحيين عن هذا المعنى فهو غير مسيحي، وإن
ادعى انه مسيحي، فأعلى مهمة للمسيحي هي صنع السلام.. صنع المحبة وصنع التآخي
والتسامح».
وعن رؤية رجال الكنيسة المسيحيين للمشروع الصهيوني يقول الأب عواد: «نحن كرجال دين
مسيحيين وكوننا فلسطينيين بالدرجة الأولى نعارض المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى احتلال
الأرض الفلسطينية، وطرد الفلسطينيين من ديارهم، لأنه يعدم فرصة إقامة دولة فلسطينية ويسلب
الحقوق الفلسطينية». ويضيف قائلا: «نحن مع اليهود المؤيدين للسلام والمؤمنين بحقوق الشعب
الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة واسترجاع أرضه المحتلة، ونحن نؤيد السلام ومع مشروع السلام
الذي تطرحه السلطة الوطنية الفلسطينية بأن نعيش مع الإسرائيليين جنبا إلى جنب بسلام، دولتين
متجاورتين بدون حرب وبدون احتلال».
ولعب آباء الكنائس المسيحية فى غزة دورا مميزا في النضال الوطنى ضد الاحتلال الاسرائيلي إلى
جانب دورهم الروحي والديني، منهم الأب إلياس الرشماوي الذي بقي راعيا للكنيسة منذ عام 1925
وحتى عام 1952، وهو كان من رجالات ثورة ال36 وهو من الثوار القدامى في فلسطين. ومنهم
الأب بنايوت خير الذي تولى رعاية الكنيسة منذ عام 1952 وحتى 1977 والذي تحسب له مواقفه
وتدابيره في الحفاظ على أبناء مدينته وأهله سكان مدينة غزة أجمعين مسلمين ومسيحيين أثناء
الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1956.
والأب جورج عواد الذي ساهم منذ عام 1977 وحتى 1999 في الانتفاضة الأولى مساهمة طيبة،
ويشهد له بذلك جميع الوطنين بغزة، وله بالغ الأثر في مستوى التآخي المسيحي الإسلامي، وصورته
المشرقة في النضال الوطني بقطاع غزة.
أما القس الدكتور حنا مسعد، راعي الكنيسة المعمدانية بغزة وهي كنيسة مستقلة، وعضو في
المجمع الإنجيلي في بيت لحم، فيقول «ان المسيحيين الفلسطينيين جزء لا يتجزأ من الشعب
والمجتمع الفلسطيني. صحيح أن هويتنا الدينية مسيحية لكننا مواطنون فلسطينيون ولنا دور في
تأسيس الهوية الوطنية والثقافية للفلسطيني».
ويضيف القس مسعد: إن للكنيسة دورا تعكسه من خلال المنهل الأساسي الذي نستمد منه قوة
إيماننا.. فكتابنا المقدس (الإنجيل) عربي اللغة.. وهذا أمر متعارف عليه في كنيستنا المعمدانية. إننا
نعكس محبة الله للإنسان حسب تعاليم الإنجيل». ويضيف «إننا نطمح إلى رؤية دولة ديمقراطية
وعاصمتها القدس تسترجع الحقوق الوطنية، إننا ننبذ الحروب، وندعو إلى المحبة والمسامحة
واحترام الإنسان لأخيه الإنسان والى قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب باحترام متبادل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.