منذ فجر عصر الفضاء، تبث وكالة الفضاء الامريكية (ناسا) بياناتها الفضائية الرئيسية إلى الأرض باستخدام اتصالات ترددات الراديو. ولكن هذا النوع من الاتصالات فى طريقة الى التغيير قريبا ، حيث يعكف علماء ناسا الآن على وضع اللمسات الاخيرة لتطوير نظم الاتصالات الفضائية بالليزر، ويقول مسؤولو الوكالة إنه المفتاح لضمان انتقال سريع ودقيق للمعلومات من المركبات الفضائية حول النظام الشمسي. فمع تزايد البعثات الفضائية ووجود كميات أكبر من البيانات، أصبحت وصلات الاتصالات القائمة على الراديو غير مكافئة لهذا الكم الهائل من البيانات التي يتم دفعها الى الأرض، واصبح هناك حاجة إلى معدلات أعلى سرعة و دقة لارسال و استقبال للبيانات ، و من هنا كان التفكير فى نظم الاتصالات البصرية التي أصبح من المقرر ان يدخل الخدمة اعتبارا من ديسمبر عام 2017 كوسيلة للتواصل مع الفضاء السحيق. تقنية الاتصال الجديدة التى يطلق عليها اختصارا LCRD وهو أول نظام قائم على استخدام اشعة الليزر للإتصال في إتجاهين ، و يعتمد على ارسال البيانات الى قمرا صناعيا يتم إطلاقه إلى المدار المتزامن مع الأرض و مزود باثنين من الوحدات البصرية التجربية تعمل بأشعة الليزر لإرسال المعلومات إلى اثنين من المحطات الأرضية، واحدة منها في ولاية كاليفورنيا و الاخرى في نيو مكسيكو، بمعدلات تصل إلى 1.25 جيجا بايت في الثانية الواحدة. و تعتمد منظومة الليزر الاتصالية على الاستفادة من التكنولوجيا التي تم استخدامها و تجريبها الشهر الماضى على متن مسبار ناسا الذى تم ارساله للقمر فى مهمة تستغرق مائة يوم وتكلّفت 280 مليون دولار ، والمسبار مزود بليزر مع طول موجي خاص بموجات الأشعة تحت الحمراء القريبة التي تعد أقصر بآلاف المرات من الموجات الأخرى ، وتم توظيفها في جانب من التجارب التي تظهر إمكانية إجراء اتصالات ليزرية مع القمر حيث تم استخدام شعاع ليزر نابض لإرسال البيانات من مسافة 239،000 ميل (384،400 كلم) من المدار القمري إلى الأرض بمعدل 622 ميجابت في الثانية. بينما كانت التجارب الاولية لاستقبال البيانات من القمر تقدر بنحو 150 ميجا بت في الثانية الواحدة. وتهدف التجربة أيضاً لإختبار إمكانية رفع الليزر من سرعة تغطية الإنترنت على الأرض. فمن المُتوقّع خلال سنوات أن تعتمد خدمة الأقمار الصناعية التجارية للإنترنت على الوصلات البصرية بدلاً من إشارات الراديو التقليدية، مما سيوفر سعةً أكبر لنقلِ البيانات. و ستصل سرعة التحميل في نظام الاتصالات الجديد إلى ستة أضعاف أسرع نظام راديو موجود حاليًا و الذي يُستعمل في الاتصالات على سطح القمر. و يرى مسؤولون في ناسا ان نظم نقل المعلومات بالليزر تعد خطوة نحو تطوير نوع من "الإنترنت فائق السرعة" عبر الفضاء، والتي من شأنها أن تمكن من نقل كميات ضخمة من البيانات التي من شأنها أن يستغرق عدة أيام في دقائق معدودة، و سيتم نقل البيانات بسرعة تتراوح بين 10 إلى 100 مرة أسرع مما هي عليه الآن. و يعتقد مدير المشروع دون كورنويل Don Cornwell ان الاتصالات القائمة على الليزر هى النقلة النوعية المقبلة في مجال الاتصالات الفضائية في المستقبل ، خاصة مع تطويرها لتكون قادرة على نقل صور الفيديو عالي الوضوح من كواكب بعيدة مثل كوكب المشتري وزحل. وهو ما تم تجربته بالفعل فى 19 يناير الماضى حينما تمكن فريق من وكالة الفضاء ناسا من ارسال صورة لتحفة ليوناردو دافينشي" الموناليزا " الى القمر محمولة على شعاع ليزرى .. وهى الصورة الرقمية الأولى التي تنتقل من الارض الى الفضاء لتصل إلى المسبار الفضائى الذى يدور حول القمر منذ عام 2009. و قد قطع شعاع الليزر ما يقرب من 240،000 ميلا (384400 كيلومترا)، حيث ارسلت نبضات الليزر من مركز جودارد للطيران الفضائي في ولاية ماريلاند التى تعد الجيل القادم للمحطات الارضية . وبينما توفر الاتصالات البصرية العديد من المزايا، فان هذه التكنولوجيا التى تقوم علي استخدام شعاع الليزر تطرح بعض التحديات و من بينها التكلفة، التي لا تزال مرتفعة نسبيا في الوقت الراهن.. كما يعكف فريق من ناسا حاليا لإجراء دراسة حول مستقبل المركبات الفضائية التى ستحمل نظم الاتصالات اللليزارية و كيف يجب أن تبدو، ما هي الميزات التي يجب أن تكون عليها من الناحية الهندسية المعمارية.