تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد مع اقتراب انتهاء مدة اتفاق المساعدات العسكرية الموقع بين اسرائيل والولاياتالمتحدة لمدة عشر سنوات والمقرر أن ينتهي في عام 2017، بدأ القادة العسكريون فى اسرائيل حملة ضغط موسعة من أجل ابقاء واشنطن على المساعدات السنوية وزيادتها عن قيمتها الحالية التى تقدر بنحو 3.1 مليار دولار. وعلى الرغم من ان الولاياتالمتحدة تكافح الآن للتغلب على الأزمة الاقتصادية التى تشهدها منذ سنوات ، الا ان الحكومة الاسرائيلية ستسعى فى حملتها من بين أمور أخرى، للاعتماد على القانون الامريكى الصادر فى عام 2008 الذى ينص على أهمية حفاظ واشنطن على تفوق اسرائيل من الناحية التكنولوجية - و هو بالطبع يضمن تفوقها العسكرى النوعى - على خصومها الإقليميين، وخاصة إيران، التي تسعي لامتلاك التكنولوجيا النووية. و يعتبر " التفوق النوعى " لاسرائيل هو حجر الزاوية في التحالف الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة على مدى العقود القليلة الماضية، و قد تم ترسيخ هذا المبدأ الدبلوماسى و تحويله لمبدأ قانونى لكى يضمن المساعدات العسكرية الأمريكية في جميع الأوقات و يضمن ان تكون إسرائيل قادرة تقنيا لمواجهة أي مجموعة من الدول المعادية والجماعات المقاتلة مثل حزب الله في لبنان. و تعد المساعدات الامريكية لاسرائيل هى أكبر حزمة مساعدات تقدم سنويا لاى بلد اخر فى العالم .. و لكن يبدو ان الاسرائيليين يجادلون بانهم يواجهون الآن مجموعة جديدة من التهديدات الأمنية في الشرق الأوسط - مثل الحرب الأهلية السورية، والاضطرابات في العراق وزيادة خطر تنظيم القاعدة - ولا تتطلب و تبرر فقط الابقاء على المساعدات بل ايضا ضرورة زيادتها لمواجهة هذه الاخطار التى تؤدى لزيادة انفاقها العسكرى . ويقول المحلل العسكري الامريكى "ناثان جوتمان" ،حسب " يونايتد برس انترناشونال "، إن المحادثات التمهيدية الجارية حاليا بين واشنطن و تل ابيب، تشهد ضغوطا اسرائيلية تطرح من خلالها " مجموعة المبادئ التى ستحكم التفاوض حول حزمة المساعدات المقبلة وقيمتها وأوجه تمويلها ". وأول هذه المبادى ، هو تحديد مبلغ ثابت بالدولار يُمكن اسرائيل من الحفاظ على تفوقها التكنولوجى و النوعى و يجعل القوات المسلحة الإسرائيلية هي دائما متقدمة بخطوة واحدة على الاقل عن خصومها فى المنطقة .. و هنا يأتى مجال الجدل ايضا حول تحديد نوعية هؤلاء الخصوم . و يشير " جوتمان" الى أن المبدأ الثانى سيكون حول "برامج الدفاع الصاروخي"، و التى تمول حاليا من خلال ميزانية منفصلة تابعة للبنتاجون ، بينما فى الاساس برنامج المساعدات الخارجية و منها المساعدات الخاصة باسرائيل يدار من خلال ميزانية تابعة لوزارة الخارجية. فلقد قدمت وزارة الدفاع الامريكية نحو 600 مليون دولار في العامين الماضيين لتمويل تطوير وإنتاج العديد من أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية التي لها دور كبير يتحكم فى الاستراتيجية الإسرائيلية لمواجهة تزايد الترسانة الصاروخية لإيران - والتي يمكن أن تحمل رؤوسا نووية في مرحلة ما - والأسلحة قصيرة المدى في أيدي حزب الله والفلسطينيين المتشددين فضلا عن النظام السورى الذى يعد ايضا تهديدا صاروخيا محتملا. وتشمل أنظمة الدفاع الصاروخى الإسرائيلية ، نظام " ارو" المضاد للصواريخ الباليستية و هو انتاج مشترك بين مؤسسة صناعات الفضاء الاسرائيلية المملوكة للدولة و شركة بوينج الامريكية .. و يعد نظام " ارو 3" هو الأكثر تقدما لاعتراض صواريخ بعيدة المدى خارج الغلاف الجوي للأرض. و هناك ايضا شركة "رايثيون" الامريكية التى لديها برنامج مماثل مع شركة "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة فى إسرائيل ، و يعملان معا من أجل تطوير في نظام يطلق عليه اسم " ديفيد" وهو سلاح مصمم لمواجهة الصواريخ المتوسطة المدى على ارتفاعات أقل من نظام ارو 3 . كما تشارك الولاياتالمتحدة بالأموال أيضا في إنتاج نظام القبة الجديدة المضاد للصواريخ قصيرة المدى الحديد الذى يعمل منذ أوائل عام 2012، وتؤكد الإحصائيات الرسمية، نجاحه فى مواجهه الصواريخ الفلسطينية بنسبة 85 في المئة . وتعتمد العسكرية الاسرائيلية بشكل كبير على التعاون التكنولوجى و التمويل الامريكى ، فى احداث تحول استراتيجي رئيسي فى عقيدتها بعيدا عن الاستراتيجيات التقليدية التى تعتمد على القوات الجوية والقوات البرية الكبيرة لمواجهة التحديات التي تشكلها التكنولوجيات الجديدة، مثل تهديد الحرب الإلكترونية و تهديدات الصواريخ بكل أنواعها . ويوضح " جوتمان " أنه في المحادثات الحالية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، اشارت إسرائيل بشدة من بين أمور أخرى، على المبيعات الأخيرة من الأسلحة الأمريكية المتطورة إلى المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالإمارات العربية حيث باعت الولاياتالمتحدة للسعوديين من الطائرة المقاتلة الجديدة والمطورة بوينج F-15 ، إلى جانب العشرات من طائرات بوينج AH-64 أباتشي المقاتلة ومروحيات بلاك هوك ، فيما اشترت الإمارات أنظمة لوكهيد مارتن للدفاع الصاروخي، والمعروفة باسم " ثاد " وطائرات هليكوبتر من طراز شينوك لنقل الجنود من شركة بوينج.. فيما تلقت كل من مصر والعراق وعمان طائرات F-16s المقاتلة الحديثة من شركة لوكهيد . وعندما كُشف النقاب عن ابرام الأميركيين لهذه العقود ، غضب المسئولون فى اسرائيل مؤكدين ان مبيعات هذه الاسلحة تقوض الميزة النسبية لاسرائيل و مسألة تفوقها التكنولوجى و النوعى فى مجال الاسلحة .. و هى ورقة رابحة ستقوم تل أبيب باستغلالها فى قضية تجديد اتفاق المساعدات و زيادة قيمتها السنوية و هو ما أكده سفير إسرائيل المنتهية ولايته فى واشنطن قائلا إن " عقود التسليح الكبيرة جدا فى منطقة الشرق الأوسط ... تثير مسألة وجود قدرات لجيوش مماثلة فى منطقتنا وتثير قضية أنه كيف يمكن لنا الحفاظ على التفوق التكنولوجى لدينا ".