اختلف المؤرخون والكتاب حول تاريخ الدولة العثمانية التي احتلت الدول العربية ونصف القارة الأوروبية مئات السنين..ولم يقتصر الخلاف بين الكتاب ولكن الشعوب ايضا لها آراء متناقضة لو سألت الشعب اليوناني عن الاحتلال العثماني فسوف يلعن اليوم الأسود الذي دخل فيه الأتراك اثينا. وسوف تجد الإجابة نفسها حين تنظر الي تاريخ الدولة العثمانية في مصر والشام فهي اطول فترات التاريخ ظلاما وتخلفا في هذه الدول وبرغم ان استاذنا د. احمد شلبي حاول في مجلده الضخم الدولة العثمانية المفتري عليها إنصاف الحكم العثماني إلا ان هناك صفحات كثيرة سوداء لم يستطع إخفاءها. ولكن الغريب في الأمر ان رئيس وزراء تركيا يحاول إحياء اسطورة الحكم العثماني ودولة الخلافة علي يد السلاطين ابتداء بالسلطان سليم الأول وانتهاء بالسلطان عبد الحميد مرورا علي تقسيم الإمبراطورية العثمانية علي يد القوي الكبري في بداية القرن الماضي. السلطان اردوغان يسعي لإحياء دولة الخلافة وعودة الاحتلال العثماني للدول العربية ولهذا شارك بقوة في الحرب ضد الأسد في سوريا ومازال يتطلع الي ضم اجزاء من سوريا الي الإمبراطورية التركية.. وكانت عين اردوغان علي القاهرة التي سقطت اخيرا في يد الإخوان المسلمون لتحمل راية الجهاد مع حماس في فلسطين واليمن في الجنوب وسوريا في قلب الإمبراطورية.. ان السلطان اردوغان يتصور ان التاريخ يعود للوراء وان والي مصر سوف يذهب الي الأستانة ليقدم الجزية والخراج والهدايا والعطايا للباب العالي. ان الرجل لا يعرف ان الباب العالي سقط منذ زمان بعيد وان آخر ما بقي للأتراك في مصر بقايا جمال شاحب توارثته بعض الأسر والعائلات وان المسلسلات التركية كانت مقدمة زكية لاستعادة ما بقي من تراث الأجداد في حياة المصريين.. أخطأ السلطان اردوغان حين تصور ان مسلسل حريم السلطان يمكن ان يعيد البيت العالي والعطايا والهدايا الي الأتراك مرة اخري.. هناك اشياء جميلة بقيت في ذاكرة المصريين حول الأتراك في مصر ولكن هذا لا يبرر عودة الباب العالي والطرابيش والخلافة العثمانية. * نقلا عن صحيفة الاهرام