تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد إن استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية يثير المخاوف الدولية ازاء التهديد المتزايد بتحويل الحرب الأهلية هناك إلى صراع أوسع نطاقا قد يطول الدول المجاورة خاصة اسرائيل.. و لكن هل حكومة بشار الأسد هى الوحيدة فى المنطقة التى لديها مخزون من غاز الأعصاب؟ . هذا التساؤل يجيب عنه تقرير مجلة فورن بوليسى الامريكية التى كشفت عن وثيقة تابعة للمخابرات المركزية الامريكية CIA تم الافصاح عنها حديثا و تفيد أنه من المرجح ان إسرائيل قامت بالفعل ببناء ترسانة كيميائية سرا مكنتها من امتلاك مجموعة من الأسلحة الكيميائية ترجع الى فترة الستينيات و السبعينيات ، كانت قد اعدتها للاستخدام فى حال تعرضها لهجوم من قبل الدول المحيطة بها. و قالت "الفورن بوليسى " فى تقريرها إن الوثيقة التى جاءت بعنوان " الاثار المترتبة على الاستخدام السوفيتى للاسلحة الكيميائية و السمية على المصالح الامنية الامريكية " تشير الى ان الأقمار الصناعية الأمريكية في عام 1982 كشفت عن احتمال وجود منشأة لانتاج و تخزين غاز الاعصاب في منطقة ديمونا الحساسة في صحراء النقب ". وعلاوة على ذلك ، يعتقد ان هناك المزيد من الاماكن المتطورة التى تنتج الاسلحة الكيميائية داخل اسرائيل . وأضافت الوثيقة أنه "على الرغم من أننا لا نستطيع تأكيد ما إذا كان الإسرائيليون يمتلكون الآن تلك العوامل الكيميائية القاتلة ، فان العديد من المؤشرات تقودنا إلى الاعتقاد بأن لديهم على الأقل غازات مثل الأعصاب ، و غاز الخردل ، وعدد من غازات مكافحة الشغب" وان عمليات البحث والتطوير لهذه الأسلحة يجري تنفيذها فى " سرية " بمعهد إسرائيل للأبحاث البيولوجية ، وفي منطقة نيس زيونا ، على مسافة قريبة من جنوب تل أبيب . ووفقا لمجلة فورن بوليسى، فان مشروح الاسلحة الكيميائية الاسرائيلى تم تطويره في أعقاب كارثة هزيمة حرب اكتوبر في عام 1973 ، و يشير التقرير أيضا أنه في يناير عام 1976، تعتقد الاستخبارات الأمريكية بان إسرائيل أجرت "اختبارا" للأسلحة الكيميائية في صحراء النقب ، حيث تمكنت وكالة الأمن القومي الأمريكي من اعتراض الاتصالات التي أثبتت أن قاذفات من سلاح الجو الاسرائيلى قامت بعملية محاكاة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في تفجير بنطاق النقب. و لا توجد الآن وثائق أو معلومات تشير الى ما إذا كانت إسرائيل لا تزال تحتفظ بهذا المخزون المزعوم من الاسلحة الكيميائية أم لا ؟ .. لكن في عام 1992 وقعت الحكومة الاسرائيلية ولكنها لم تصادق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية ، التي تحظر مثل هذه الأسلحة . و قد أرسلت الفورين بوليسى طلبا للسفارة الإسرائيلية في واشنطن للرد والتعليق على ما جاء بالوثيقة الا انها لم ترد باى تعليق ، و هو ما فعله ايضا البيت الابيض كذلك حينما تلقى نسخة ايضا للتعليق على أسباب صمت الادارة الامريكية ازاء الاشتباه فى امتلاك إسرائيل للأسلحة الكيميائية على الرغم من تقارير و شكوك أجهزة الاستخبارات الأميركية حول هذه المخزونات الكيميائية على مدى عقود. و أوضحت " الفورين بوليسى" انه بالنسبة للوثيقة المكتشفة ، فقد وجدها أحد الباحثين في مكتبة رونالد ريجان الرئاسية في ولاية كاليفورنيا ضمن تقرير غير مصنف ، و هى عبارة عن ورقة واحدة تحتوى على الجزء الكامل و غير منقح ، و يبدو أن شخصا ما في البيت الأبيض قد أزالها من نسخة سرية بتاريخ 15 سبتمبر 1983 وهى وثيقة خاصة بالاستخبارات الوطنية بعنوان تقدير الآثار المترتبة على استخدام السوفيت الأسلحة الكيميائية والسمية للولايات المتحدة المعني بالمصالح الضمانية . و تختتم الفورن بوليسى بملاحظة شديدة ازاء الازدواجية فى المعايير الامريكية ، و خاصية الانتقاء التى تتميز بها حتى فى طريقة الافصاح عن الوثائق السرية و الحكومية ، مشيرة الى انه و على الرغم من رفع السرية فى عام 2009 عن الوثيقة الاصلية والتى يرجع تاريخها لاكثر من 30 سنة و التى تتناول في المقام الأول استخدام الأسلحة البيولوجية و الكيميائية السوفييتي في أفغانستانوجنوب شرق آسيا ، الا ان أجزاء اخرى من الوثيقة و من بينها الشكوك ازاء ترسانة اسرائيل الكيميائية لم يكشف عنها . فقد كانت وكالة المخابرات المركزية على استعداد لرفع السرية عن تلك الأجزاء من التقرير التي تتعامل مع الاتحاد السوفيتي السابق و بعض الدول العميلة لها بينما كانت أقل استعدادا بكثير للافراج عن أية معلومات حول أنشطة الأسلحة الكيميائية من البلدان خارج الكتلة السوفيتية . وقد قامت الرقابة في وكالة الاستخبارات المركزية بحذف كل مايتعلق و يقرب من جميع المعلومات ذات الصلة إلى منطقة الشرق الأوسط من نسخة المستند الذي تم إصداره و تسجيله بالأرشيف الوطني الامريكى ، بما في ذلك المواد التي رفعت عنها السرية حول برنامج الأسلحة الكيميائية لصدام حسين في العراق .