بينما يستعد د. بطرس بطرس غالي رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الانسان للسفر الي لاهاي لحضور مؤتمر عن حقوق الانسان والحقوق الانسانية وقت الحرب كان الاعلام الفرنسي يتناول بالتحليل خطاب السياسة الخارجية لفرنسا للرئيس نيكولا ساركوزي الذي ألقاه امام مؤتمر سفراء فرنسا بالخارج وكان واضحا ان الأزمة النووية بين طهران والغرب وقضية حقوق الانسان قد احتلت حيزا كبيرا فيه, وقد كان وجود د. غالي في العاصمة الفرنسية فرصة لفتح ملفي حقوق الانسان والطاقة النووية وكان اللقاء أيضا فرصة يفتح فيها د.غالي قلبه للأهرام في موضوعات أخري تخص أحلامه وتطلعاته لمصر في الفترة المقبلة: * قبل أيام من سفرك للاهاي هل من الممكن ان تفسر للقراء الفارق بين حقوق الانسان والحقوق الانسانية؟ الحقوق الانسانية أو مايطلق عليه بالفرنسيةDroitsDeL'Homme أقدم من حقوق الانسان, وقد اخترع الفلاسفة والدبلوماسيون مايعرف بالحقوق الانسانية في اواخر القرن19 لحماية الانسان زمن الحرب وحماية الاسري علي وجه الخصوص وهو ماتطور في عصرنا الحالي الي حماية شاملة للمدنيين والاطفال وقت الحرب. أما حقوق الانسانDroitsHumanitaires فتشمل كما هو معروف جميع الحقوق السياسية والاجتماعية للانسان في حياة حرة وكريمة ؟. * بما ان حقوق الانسان قد انبثقت بشكل أو بآخر من الحقوق الانسانية هل هناك مجال لتطوير الحقوق الانسانية خاصة مع تطور وسائل الدمار في الحروب الأهلية؟ هناك ثلاثة أسباب لتطوير الحقوق الانسانية: أولا تزايد ظاهرة تفكك الدول بل ظاهرة عدم وجود حكومات كما هو الحال في الصومال وكما كان الحال في ليبيريا وسيراليون فكيف يمكن تطبيق قانون الحقوق الانسانية لحماية المدنيين في تلك الدول؟ ثانيا: الحرب ضد الإرهاب, فبعد11 سبتمبر أعلنت أمريكا الحرب ضد الإرهاب وفتحت سجونا خطيرة مثل جوانتانامو. والمشكلة ان الحرب ضد الإرهاب ليست حربا ضد دولة ولا ضد حركة وليس لها حدود وإنما هي حرب ضد عدو خفي فكيف يمكن حماية المدنيين في مثل هذه الحالات؟ ثالثا: الالتجاء الي مرتزقة أي أن هناك اتجاها لنقل القوات المسلحة النظامية للقطاع الخاص كما هو الحال في العراق اليوم. وذلك عن طريق شركات لها جنود تدفع لهم بسخاء ويتم بعقد مباشر بين الحكومة والشركة. وهؤلاء الجنود ليس لهم اعراف واخلاق العسكريين, كل هذه أسباب تجعل من تطوير القانون المدني ضرورة حيوية لحماية الانسان في زمن أصبح فيه العنف وسيلة مباشرة ويومية للتعبير السياسي. * كيف يمكن للأجهزة الرسمية وأجهزة المجتمع المدني القيام بعبء الارشاد للجماهير من ناحية والاتصال الدبلوماسي من ناحية أخري من أجل التوعية بهذه المخاطر؟ قلت إن حقوق الانسان ثقافة جديدة علينا ولكنها تكسب كل يوم أرضا جديدة في مصر والعالم العربي. أما توعية الناس بهذه الثقافة وبضرورة الدخول في عصر حقوق الانسان وهو أرقي ماتوصل اليه البشر في مجال العلاقة بين الانسان والسلطة, والانسان واجهزة المجتمع فيكون ذلك عن طريق الدبلوماسية الشعبية. * ماهي الدبلوماسية الشعبية؟ هي الاتصال والحركة المباشرة للمنظمات الأهلية أو بالتعبيرالحديث غير الحكومية ويقوم عملها علي الاشتراك في الندوات المختلفة والاتصال بالاحزاب والبرلمانات والتأثير في الرأي العام عن طريق وسائل الاعلام المختلفة وغيرها ووجودي في الخارج الآن لحضور مؤتمر لاهاي هو جزء من هذه الدبلوماسية الشعبية وهي جهود تبذل في مجال الدبلوماسية الشعبية تسهم في النهاية في خدمة صورة مصر في الخارج. * هل يمكن ان نتكلم الآن عن حقوق الانسان في مصر وهو موضوع يثير الجدل داخل وخارج مصر؟ لابد أن نعترف ان هناك تقدما كبيرا قد احرز في مصر في مجال حقوق الانسان سواء من قبل الدولة أو من قبل فعاليات المجتمع المختلفة ولكن المشوار طويل ويجب ان ندرك أن حقوق الانسان ثقافة جديدة علينا, وعلينا غرسها وزرعها في ثقافة الانسان المصري بشكل عام. * وماهو طموحك في هذا المجال؟ بصراحة طموحاتي كثيرة وكما قلت فإن المشوار طويل والأجهزة والناس تستجيب اذا ما تمت إقامة حوار حول مشاكل حقوق الانسان في مصر وأحد أهم طموحاتي في هذا المجال هو إلغاء ذكر الديانة في البطاقة الشخصية للمصريين علي غرار المتبع في كثير من دول العالم بل في كثير من الدول العربية والاسلامية كسوريا مثلا. * بالعودة الي خطاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ما الذي لفت نظرك فيه غير قضية حقوق الانسان؟ الذي لفت نظري هو اهتمام ساركوزي بالطاقة النووية ورفضه امتلاك ايران السلاح النووي وهو مع ذلك اعلن ولأول مرة من قبل رئيس غربي ان بلاده علي استعداد لتزويد العالم الاسلامي بالقدرة النووية. * هل تقصد الضجة المثارة حول تزويد فرنسا لليبيا بمفاعل نووي يقال انه متطور وماذا عنا نحن؟ ان لدي فرنسا مفاعلات نووية أصبحت قديمة الي حد ما لان هناك اجيالا جديدة دائما في هذا المجال ومع ذلك فإن هذه المفاعلات القديمة متطورة وتسمح بسهولة مع مرور عدد من السنين علي تخصيب اليورانيوم المكون الاساسي في السلاح النووي ويجب ألا ننسي ان فرنسا هي التي زودت إسرائيل بالسلاح النووي في أواسط الخمسينات وكان مهندس هذه الصفقة هو شيمون بيريز الذي أصبح مؤخرا رئيسا لإسرائيل. * هل الجدل الدولي حول القدرة النووية لايران الآن له دخل باهتمامك بالموضوع؟ كما قلت أنا مهتم بهذا الموضوع منذ30 عاما ويجب ألا ننسي أن حولنا قوي مزودة بالطاقة النووية بل بالسلاح النووي وإذا مادخلت ايران مربع السلاح النووي فسيكون علي مصر مراجعة حساباتها في هذا المجال الاستراتيجي الحساس لأن المسألة ستكون عندئذ ليست القدرة النووية بل أمن مصر.