في مستهل جولة له بدول أميركا اللاتينية وصل الرئيس الأميركي جورج بوش إلى ساو باولو ثاني أكبر المدن البرازيلية حيث تشمل جولته أيضا أورجواي وكولومبيا وجواتيمالا والمكسيك. وأشارا لمراسلون إلى تزامن بدء جولة بوش مع اندلاع التظاهرات في عدد من المدن اللاتينية الكبرى احتجاجا على سياسات الولاياتالمتحدة ، ففي ساو باولو استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف من المتظاهرين شاركوا في الاحتجاجات التي دعت إليها نقابات العمال والحركات اليسارية واتحادات الطلاب، وحمل المتظاهرون شعارات تصف بوش "بالعدو الأول للإنسانية" وبأنه داعية حرب وأكبر متسبب في تلوث كوكب الأرض.وفي بوجوتا عاصمة كولومبيا لم يكن الحال أفضل ،حيث نشبت مواجهات استخدمت فيها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المتظاهرين الذين كان معظمهم من طلاب الجامعة . وفرضت أجهزة الأمن إجراءات مشددة استعدادا لاستقبال بوش، وسط مخاوف من خطط لمتمردي الجيش الثوري الكولومبي لشن هجمات خلال الزيارة.وجدير بالذكر أن الرئيس الكولومبي ألفارو أوربي يعتبر من أوثق حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة، وهو من أشد المؤيدين لجهود التوصل إلى اتفاق أميركي للتجارة الحرة ،وتلقى خلال السنوات الماضية مليارات الدولارات كمساعدات أميركية لمكافحة التمرد اليساري وتجارة المخدرات. كما خرجت أيضا تظاهرات حاشدة في العاصمة المكسيكية مكسيكو. .وجدير بالذكر أن إدارةالرئيس الأمريكى بوش كانت اتهمت مرارا بإهمال أميركا اللاتينية التي توصف بأنها الساحة الخلفية للولايات المتحدة ولطالما أعتبرتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بأنهامجال النفوذ التقليدى لأمريكا.ويلاحظ المراقبون أنه مع تصاعد الاستياء الشعبي في هذه الدول من الغزو الأميركي للعراق وسياسات واشنطن في مجالات التجارة والهجرة فى امريكا اللاتينية، يسعى بوش الآن لبناء ما يمكن وصفه بحائط صد أمام تصاعد المد اليساري في الدول الرئيسية في القارة الجنوبية خاصة التى يحكمها رؤساء ذوو توجهات اشتراكية تعارض الهيمنة الأميركية،و في مقدمتهم رئيسا فنزويلا.. هوجو شافيز ،وبوليفيا.. إيفو موراليس. وكان بوش قد تعهد قبل بدء جولته بدعم العدالة الاجتماعية والرخاء في أميركا اللاتينية، وكشف خططا عن مساعدات في مجالات التعليم والصحة والإسكان.وأكد متحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي يحمل في جعبته أجندة إيجابية تركز على "فوائد الديمقراطية في مجالات مثل الاقتصاد والصحة والتعليم والإسكان"..ويناقش بوش في ساوباولو مع نظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا داسيلفا خططا للتعاون في إنتاج الوقود الحيوي والترويج لاستخدامه في أميركا اللاتينية.وينتج البلدان 70% من مادة "الكحول الإيثيلي" (الإيثانول) على مستوى العالم ،وهي مادة يمكن استخدامها لإنتاج الوقود في إطار سعي الولاياتالمتحدة لتقليل الاعتماد على النفط، لكن المبادرة خيمت عليها ظلال شكاوى من التعريفات الجمركية الأميركية على الإيثانول البرازيلي. وجدير بالذكر ان بوش يرى فى البرازيل أنها قد تمثل توازنا مضادا ًلنفوذ الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز وخططه الرامية لثورة إشتراكية فى أمريكا اللاتينية. ومن ناحيته قرر شافيز الرد على جولة بوش بتنظيم اجتماع حاشد مناهض له في ملعب أرجنتيني لكرة القدم حيث يقوم بزيارة رسمية إلى بوينس أيرس عاصمة الأرجنتين.وكان شافيزقد هاجم في تصريحات له الرئيس بوش بقوله "إنه يجب منح بوش الميدالية الذهبية للنفاق لأنه يبدي الآن قلقا تجاه الفقر في أميركا اللاتينية"، محمّلا ما وصفها بالإمبراطورية الأميركية المسؤولية عن الفقر في القارة.وكان شافيز قد وصف جولة بوش فى امريكا اللاتينية بأنها تهدف إلى شق صف دول المنطقة وإحتواء نفوذ بلاده ،كما أعرب شافيز عن توقعاته بالفشل الذريعة لهذه الجولة لأنها جاءت متأخرة للغاية على حد وصف شافيز. ومن جانبهم وصف المراقبون هذه الجولة بأنها مسعى أمريكي لتعويض أمريكا اللاتينية عن سنوات من التجاهل بسبب تركيز الولاياتالمتحدة على أفغانستان والعراق ثم مؤخراً إيران..وهو الأمر الذى أدى الى إنتشار موجة واسعة من العداء العميق تجاه الولاياتالمتحدة ..وأيضاً يصنفونها كمحاولة للتصدى لنفوذ الرئيس الفنزويلى شافيزالذى يعمل على نشر المبادئ الاشتراكية فى دول المنطقة بهدف إحداث ثورة إشتراكية فى أمريكا اللاتينية..ويأتى هذا فى الوقت الذى يؤكد فيه البيت الأبيض على أن الجولة تأتى فى إطار تأكيد الحكومة الأمريكية لإلتزاماتها فى المنطقة ونشر الديمقراطية ..