نقلا عن / جريدة اخبار الخليج البحرينية «لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير. وهذا الحق يشمل حرية إبداء الرأي من دون تدخل من الغير، وحرية استقصاء المعلومات والأفكار، والحصول عليها ونقلها بأي طريقة من طرائق النشر، أو ما يقوم مقامها، وبدون تقيد بالحدود« (المادة ال 19 - اعلان حقوق الانسان). من أقصى الغرب في واشنطن الولاية وليست العاصمة التي تحتضن البيت الأبيض حيث المحافظون الجدد ومن سار على نهجهم ومنوالهم إلى أقصى الجنوب حيث المزارع المعطاء ومشاعل الحرية التي لاتزال تضيء عتمة النفس البشرية المتعالية كما الفقاقيع إلى أبعد نقطة في الشمال حيث صراخ لوحات العربات يدوي في فضاء الحرية: «عش حراً أو مت« إلى الشرق الأمريكي حيث محافل صياغة الدستور وتاريخ رجالاته وولادة الجمهورية ومراسي سفن الاباء الاولى هناك رجالٌ ونساء يحملون لافتات تتفاوت أحجامها تطالب ليس الرئيس الأمريكي «جورج بوش« وحده بإعلان النية الصريحة للخروج من العراق وإخراج جميع «الأبناء« من المستنقع الشرق الأوسطي، بل تطالب جميع من يحملون ضميرا إنسانيا ضمن المؤسسة السياسية وضمن المؤسسة الأكاديمية وضمن المؤسسات العابرة للقارات وضمن المؤسسات الروحية أن يتحملوا المسئولية الملقاة على كواهلهم وينقذوا ما يمكن إنقاذه من تاريخ مشرف للجمهورية. وبالأمس فقط ضمن هذا النشاط البشري المعادي لكل ما يراه غير إنساني شن بعضٌ من أفراد المجتمع الامريكي هجوماً لاذعاً سخروا فيه من النظام ومن سوء تصرف إدارته وأفعالها وقدموا في الوقت ذاته اقتراحات لإصلاح ما تم تخريبه ومنهم - الافراد - من وظف الاداة القانونية أو الادوات التي تخوله المطالبة بمحاكمة الرئيس وعزله أو تشكيل لجان تحقيق وآخرون أبدوا الاستعداد للقيام بثورة مسلحة قاصمة للظهر وقام بعضٌ آخر بحملات إضراب ومقاطعة مؤسسات بعينها وبحملات جمع تواقيع لعرائض وحفلات موسيقية تهدف إلى جمع تبرعات عينية تساهم في الخروج من هذا المأزق التاريخي. يرى هذا الجمع حتمية الخروج. هذه المجاميع البشرية الامريكية ترى أخطارا محدقة بالجمهورية تماماً كما رأت زرقاء اليمامة الاخطار القادمة نحو بلادها، ومع ان هذه المجاميع لم تر شجراً يتحرك بل رأت شيئاً أخطر من الشجر حسب اعتقادها يتمثل في شخصية الرئيس «جورج بوش« و«تنظيم القاعدة« والخطر الثالث هو قيام ثورة عارمة في أمريكا نتيجة الترهل في القيام بإصلاح الخلل الداخلي الذي تنامى بشكل مثير منذ سقوط أمريكا في مستنقع أفغانستان والعراق. ففي مقال يصب في خانة الخطرين الأولين يتحفنا المحلل «إلياس هارفوتش« بمقال يعنونه بالتالي: «أخطار بوش والقاعدة« ويبدأ مقاله بهذه العبارة: «أولئك الذين يُراهنون على خروج أمريكي بسرعة مِنْ العراق وتغير في سياسة الرّئيس بوش تجاه إيران يستحسن منهم أن يقرأوا التقرير الأخير للمخابرات المركزية الأمريكية - تقرير يشير إلى خطة استعمال العراق كقاعدة للعمليات التي ستشَنّ منها الهجمات ضدّ التهديدات الإقليمية للمصالح الأمريكية«. وهذه المصالح الأمريكية التي قد يشن ضدها بعض من هذه التهديدات لا تعدو كونها مصالح نفطية. ولا يغفل الكاتب عن أن يذكرنا حتى مع مرور سنوات ست على هجوم القاعدة على البرجين في مدينة نيويورك وحتى مع الضربات القاسية التي تلقتها تلك المنظمة الإرهابية التي يترأسها «ابن لادن« لاتزال في قوة متنامية حسب التقارير المخابراتية للسي اي ايه وهي «لها القدر نفسه من قوة التهديد الآن تماماً كما سبق«. وهذه القوة حسب التقرير تنامت بمساعدة حرب أمريكا ضد العراق أو في العراق و«نمو الحركات المتعصبة«. فإذا ما تركنا القاعدة وقوتها المتنامية يذكر الكاتب عن تقرير المخابرات المركزية ويشير إلى قوة متنامية أخرى وهذه القوة قادمة من «لبنان« ويشير إلى «حزب الله« الحزب العربي اللبناني الذي هو الآخر «هاجم الأهداف الأمريكية في الماضي ويرى من المحتمل أن يُهاجم من جديد ثانية إذا ما رأى أن مصالحَه مُهدّدة أَو أن حليفته إيران تكُونُ معرضة لهجوم أمريكي«. بيد أن تقرير المخابرات يفند «ادعاءات بوش وإدارته« ويرفض النهاية التي يعلنونها في المحافل المختلفة بأن «الحرب في العراق« قد «جعلت أمريكا أكثر أمننا«. مما مضى مع «ادعاء« بوش بأن «ثلثي قادة القاعدة قُتِلوا أَو أُسِروا من قبل القوات الأمريكية« وان المقاومة في العراق لا تعدو كونها «فئات متطرفة« ترمي إلى الدفاع عن نفسها ولا ترمي إلى اخراج الامريكان. وهذا بحد ذاته حسب وجهة نظر البيت الأبيض منعهم من «تشكيل خطر حقيقي على الولاياتالمتحدة في عقر دارها«. ومع ان التقرير المشار إليه قد صدر عن إحدى إدارات الحكومة الامريكية الحالية اي «من قبل إدارة بوش نفسه« فهو يشير إلى الإخفاق الكبير للقوات الأمريكية في إحلال السلام المدني داخل العراق ويفتقد «خطة« صلبة «لتَوفير الأمن والديمقراطية للشعب العراقي« ولتوفير شروط النجاة بل أدناه للجندي الأمريكي هناك. هذه الحرب التي تدخل عامها الخامس أو انها تخرج من عامها الخامس لتدخل السادس هي في الوقت ذاته تدخل النفق المظلم جداً الذي لا يرى بصيص نور في العتمة. الكاتب يشير هنا تحديداً إلى أن الرئيس بوش حاول أن يجعل الرئيس الباكستاني «مشرف« يمد يد العون له ويساعده على القبض على عناصر قاعدية ذات أهمية. وبعد أن يمضي الكاتب في تحليله الأمور عدة منها النزاعات الأجنبية الكثيرة، وخاصة تلك التي مع «إيران« التي يرى انها تستهدف أكثر ما تستهدف تغطية «عورة الفشل« في العراق وخيبة الأمل في «المغامرات الأكثر شؤماً«. يستنتج ان «إدارة بوش تعَارض أيّ نداء لانسحاب أمريكي منْ العراق«. لذا ان هذا الإعلان المستمر بأن هناك تهديداً للولايات لا يعدو كونه انبثاقا «مِنْ الحماقة الأمريكية في العراق«. يطلعنا الكاتب على سر اكتشفه يقول: - إن العقبة الكبرى في كل هذا هو «ديك تشيني« لكونه يؤمن إيماناً مطلقاً بأن «لا إدارة مستقبلية - جمهورية أَو ديموقراطية - ستكون قادرة على مُوَاجَهَة الخطر القادم مِنْ إيران«. لو ترك العراق بمخزونه النفطي. وإن الشهور «القليلة القادمة في الشرق الأوسط« ستكون «حرجة« جداً وهذه الشهور لن تكون شهور حرم بل شهورا تسيل فيها الدماء سيلا عارما و«يَجِبُ أَنْ تَكُونَ داعية للقلق لنا جميعاً«. أما عن «غرق أمريكا الشمالية« في ثورة حاسمة ستجر العالم إلى «تغييرات« بكل تأكيد «يحتاج إليها العالم« أجمع فهذا أمرٌ حتمي فكل المؤشرات التي تبثها قنوات المعرفة وقنوات السياسة وقنوات المخابرات داخل أروقتها وخارجها تشير إلى تدهور البنية التحتية للنظام وتدهور البنية التحتية لقواعد المؤسسات المدنية التي غيبت فترة تزيد على عشرة أعوام إلى اشتعال ثورة قد تبدأ من تكساس حيث يعود الرئيس الحالي بعد انتهاء فترة رئاسية أو إنهائها بشكل ما يتسبب في قيام تلك الثورة. نختتم: «ستمثل سيوفنا دور الخطيب لنا«. (ماركهام، أدوين. شاعر أمريكي).