صرح دنيس روس (58 سنة) المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط بأن إسرائيل لن ترضي حصول إيران علي أسلحة نووية، وقال في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة (دي فيلت) أنه يعتقد أن بين القادة الإيرانيين من يريد حلا سياسيا للنزاع النووي مشيرا إلي وجود انقسام بين قادة إيران حيث البعض يفضل فرض عزلة علي بلاده لقاء رفض التساوم علي خططها النووية. وطالب روس الذي عينه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون مبعوثا وسيطا بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 1988 واشتهر بجولاته المكوكية في المنطقة وبمواقفه المنحازة لإسرائيل، بأن تنضم الولاياتالمتحدة للمفاوضات التي يجريها الأوروبيون كما طالب السعودية بالضغط علي الشركات والمصارف والحكومات الأوروبية التي تتعامل معها ومع إيران كي تستغل نفوذها لدي إيران وتقنعها بالتراجع عن خططها النووية. لا أحد يختلف علي تشدد سياسات زعيم كتلة الليكود الإسرائيلي بنجامين نتنياهو الذي عارض بقوة انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان بعدما تكبدت خسائر فادحة وقال حينها أنه سوف تنشأ ثغرة أمنية يستغلها حزب الله لمهاجمة إسرائيل. في العام الماضي وقعت حرب بين الجانبين كان مسرحها أيضا جنوب لبنان مما يجعل مؤيديه يثقون بما يقوله. والسؤال إذا جرت اليوم انتخابات عامة في إسرائيل، ما هي فرص فوز نتنياهو مقابل رئيس الوزراء الذي أنهكته حرب لبنان، إيهود أولمرت، والسؤال الثاني هل ستهاجم إسرائيل المنشئات النووية الإيرانية؟ - لو جرت انتخابات عامة في إسرائيل اليوم سوف يفوز نتنياهو ولا أشك بذلك. لكن الارتفاع العالي في شعبيته يعكس ضعف أولمرت، وكذلك حزب العمل المشارك في الائتلاف الحاكم في إسرائيل. لو جرت انتخابات فعلا فإن فرصة نتنياهو بالفوز تعتمد علي مدي ثقة الناخبين الإسرائيليين بوزير الدفاع الحالي إيهود باراك، وما إذا بقدرته استرجاع ثقة المواطنين بالحكومة الحالية. في الوقت الحالي فإن حكومة أولمرت أكثر صلابة مما يظنه البعض، لأن نصف عدد أعضاء الكنيسيت سوف يخسرون مقاعدهم إذا جرت انتخابات جديد. الأمر الأكثر أهمية هو موقف نتنياهو من إيران مقارنة مع السياسيين الآخرين في إسرائيل. انطباعي أن مصادر الأمن الإسرائيلية واثقة بأنه ينبغي عدم السماح بحصول إيران علي أسلحة نووية، وذلك بغض النظر عمن يقود الحكومة الإسرائيلية. أين هو الخط الأحمر الذي رسمته إسرائيل؟ - يأخذ الإسرائيليون التصريحات التي يدلي بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد علي محمل الجد. في الشهر الماضي جدد تهديداته للدولة العبرية وقال: لقد بدأ العد التنازلي لتدمير الحكومة الصهيونية. حتي أن الرئيس الإيراني السابق رفسنجاني، الذي يعرف بأنه سياسي براغماتي، صرح قبل سنوات، أن المرأ يحتاج فقط إلي قنبلة نووية لتدمير إسرائيل. إن غالبية السياسيين والعسكريين البارزين في إسرائيل يريدون أن تنتهي مفاوضات بقية العالم مع إيران، وقف العمل في المنشئات النووية بطريقة أو بأخري. وإذا لم يحدث ذلك وهو مستبعد، يزداد الضغط لاستخدام القوة لوقف إيران عن امتلاك أسلحة نووية. بالنسبة لإسرائيل ليس الخط الأحمر عندما تحصل إيران علي كمية كافية من المواد التي تحتاج إليها لصنع القنبلة، إنما الخط الأحمر سوف يظهر بعد عام ونصف، عندما يصبح نظام الصواريخ الذي يطوره الروس، جاهزا. عندها يصبح من الصعب القيام بغارات جوية علي المنشئات النووية الإيرانية. أي كل ما اقترب هذا التوقيت كلما زاد احتمال قيام إسرائيل بالهجوم علي إيران لتعطيل برنامجها النووي. في الوقت الحالي تتجه الأمور نحو الخيار العسكري لأن إسرائيل تري أن الدبلوماسية الغربية لم تحرز أي تقدم مع إيران ولم تدفعها عن التراجع عن طموحاتها النووية. ماذا ينبغي عمله خلال فترة العام ونصف العالم التي حددتها كي يجري منع وقوع حرب جديدة في منطقة الخليج؟ - يجب حصول ثلاثة أمور علي الجبهة الدبلوماسية، وأن يكون الأوروبيون علي استعداد للموافقة علي فرض عقوبات اقتصادية علي إيران. بوسع الأوروبيين هنا أن يقوموا بدور رئيسي، خاصة ألمانيا وإيطاليا، حيث سعتا في السنوات الماضية لمنح إيران ضمانات مالية لتعزيز علاقاتها مع الشركات الألمانية والإيطالية وبذلك أنقذتا الاقتصاد الإيراني من الانهيار. أولا: يجب علي السعوديين الضغط علي الأوروبيين لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لأن حصول إيران علي هذه الأسلحة، يشكل تهديدا للسعودية، التي تتخوف أن يكون مسعي إيران لتنضم لنادي الدول النووية، هو السيطرة علي كامل منطقة الشرق الأوسط. بوسع السعوديين استغلال علاقاتهم الاقتصادية مع الأوروبيين للتأثير علي الشركات والمصارف والحكومات الأوروبية التي لها علاقات قوية مع إيران كي تعارض هدف إيران بشدة. ثانيا: يجب علي الإسرائيليين أن يذهبوا إلي الأوروبيين ويقولوا لهم: إذا كنتم تعتقدون أنكم بصدد تجنيب المنطقة انفجار حرب جديدة، فأنتم علي خطأ. بل إنكم تسهمون في زيادة خطر وقوعها لأن إسرائيل لن تقبل حصول إيران علي أسلحة نووية. ثالثا: يجب أن تنضم الولاياتالمتحدة مع الأوروبيين لمفاوضات مباشرة مع إيران. كثير من الأوروبيين يرغبون في أن يسبق ذلك تراجع الولاياتالمتحدة عن الشروط التي وضعتها للتفاوض في مقدمتها وقف إيران برنامج تخصيب اليورانيوم قبل عقد مفاوضات مباشرة معها. إنني لا أؤيد التراجع عن هذا الشرط إذا رفض الأوروبيون قطع علاقاتهم الاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية. كثيرون في أوروبا يشيرون إلي قلقهم من أن تؤدي عقوبات مشددة إلي التعجيل بالحرب وإذا لم تجلس الولاياتالمتحدة علي طاولة المفاوضات. لكي يحصل الأوروبيون علي بعض الطمأنينة ينبغي علي الولاياتالمتحدة منحهم شيء مثل قرار الانضمام للمفاوضات مع إيران. قبل وقت قصير قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أنه سوف يتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوصل إلي حل للنزاع مع إيران. - هذا يمكن أن يساعد كثيرا. تعتمد إيران علي روسيا التي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، كي تستخدم حق النقض(فيتو) ضد قرار يدعو لفرض عقوبات اقتصادية فعالة ضدها. كلما نجح الغرب في كسب روسيا إلي جانبه كلما أصبحت العقوبات أشد فاعلية. سوف نري ذلك لكنني أخشي أن تستغل إيران المدة الزمنية المحددة للمفاوضات الدبلوماسية لإنهاء برنامج تخصيب اليورانيوم وفي الوقت نفسه تكون إسرائيل قد استعدت سرا لمهاجمة المنشئات النووية الإيرانية. ما الذي يجعلكم تعتقدون أن تشديد العقوبات الاقتصادية علي إيران سوف يدفعها إلي القبول بالتفاوض بناء علي شروط الولاياتالمتحدة؟ - هناك انقسام بين أوساط الحكم في طهران، هناك من يعتقد أنه بوسع إيران العيش في عزلة دولية إذا أصرت علي سياسة رفض التساوم، وهناك من يعارض هذا الرأي. بالنسبة إلي كانت واقعة الجنود البريطانيين الذين احتجزتهم إيران كرهائن قبل نحو شهرين، بالغة الأهمية. فالحرس الثوري الذي قام باحتجاز هؤلاء الجنود لم يكن يرغب في الإفراج عنهم إذا لم تحصل إيران علي مقابل. في نهاية الأزمة لم يحصل الحرس الثوري الإيراني علي شيء، لأن قرار الإفراج عن الجنود البريطانيين صدر من أعلي مرجع في البلاد. في النهاية سوف تميل كفة ميزان القوي لصالح القادة الإيرانيين الذين يريدون تجنب تعرض بلادهم لمزيد من الويلات والاضطرابات الاجتماعية. إن الاحتجاجات التي حصلت ردا علي قرار الحكومة الإيرانية تقنين وقود السيارات يعتبر مثالا علي ذلك. وفرض عقوبات أكثر فاعلية سيزيد هذه الاضطرابات. لذلك هناك احتمال قيام عمل عسكري، وهو ما نريد تحاشيه، وهناك حلول بديلة، لكن الساعة تدق.