ورد الجناين.. وزهر البساتين مستقبل مصر المشرق وأملها في حياة أكثر أمنا وحرية وعلما وقوة، هذا الورد وذاك المستقبل قد صار قنبلة مولوتوف تنفجر يوميا في وجه ذلك المجتمع الذي قبل بالتحدي وانصاع لثورة شبابه وحميتهم واندفاعهم وإصرارهم علي التغيير الثوري وعلي إسقاط نظام الحكم وتحمل المجتمع عنادهم وكبرياءهم وإصرارهم علي إجلاء وإخلاء الوطن من العديد من المؤسسات لأنها فاسدة ظالمة متحكمة متورطة في كل ما أصاب الوطن من جهل وفقر وقهر وفساد، هذا الشباب وذاك الجيل الذي من المفترض أنه يبني مصر المستقبل وأنه قد تلقي علما وتعليما وتربية وتوفرت للعديد من منه وسائل الاتصال الحديثة، ذلك الجيل الذي حصل علي قدر من المعرفة الإنسانية وانخرط في مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية حتي خرج من عنق الزجاجة المسمي الثانوية العامة وأتيحت له فرصة الالتحاق بالحياة الجامعية وصار طالبا وطالبة جامعية أي أنهم من خيرة وصفوة المجتمع المتعلم المتربي الواعي، هذا الجيل وهؤلاء الطلاب في خلال أيام وعلي مدار أسبوعين أو أكثر تحول إلي مجموعة من المشاغبين الذين يقتربون من تعريف البلطجية وليس الثوار الأحرار، يمسكون الأسلحة البيضاء من سكاكين ومطاوي وسيوف وعصي وطوب ومولوتوف بدلا من القلم والكتاب والكراس، ويتهجمون علي أساتذتهم ومعلميهم ويسبون ويلعنون ويهددون ويقتحمون ويعتصمون ويحتجزونهم بدلا من أن يقفون إجلالا وعرفانا لمن يعلمهم الحروف والكلمات والأفكار ويمنحهم شهادة ودرجة علمية تؤهلهم لمعترك الحياة العملية في شتي المجالات.. في إحدي الجامعات الخاصة ضرب وحرق ومولوتوف واعتصام ودماء وتهديد ووعيد أدي الي غلق الجامعة لحين إشعار آخر.. في جامعة الأزهر العريقة معقل العلم والشريعة والأخلاق الحميدة مؤامرات وتوجهات وصلت إلي حد مهاجمة مشيخة الأزهر ودق الأبواب علي مكتب شيخ جليل ووكيل للأزهر من علماء الأمة الإسلامية في مشهد همجي بربري لا يمت لا للعلم ولا للدين ولا للأخلاق ولا للثورة بصلة من قريب أو بعيد. في جامعة المنصورة عصي وسكاكين وطلبة تحتجز الأساتذة الموقرين والموظفين وتمنع الخروج والدخول من مبني الإدارة بالجامعة مطالبين بإقالة رئيس الجامعة ومحاكمة الأستاذة التي صدمت سيارتها بطريق الخطأ طالبة بل ويطالبون بمحاكمة وإقالة أطباء المستشفي الجامعي.. وقد نصبوا أنفسهم نيابة وقضاة وقبل كل شيء شرطة وأمن وداخلية.. حاجة تفرح؟!!أما في جامعة القاهرة فالحال قد بدا منذ أن اعتصم طلاب الإعلام في بدايات الثورة وأصروا علي إقالة عميد الكلية ورئيس الجامعة والمفاجأة أنه مع إعادة الانتخابات لمنصب رئيس الجامعة فاز وأعيد اختيار ذات الرئيس د. حسام كامل من قبل الأساتذة وليس الطلاب الذين يثورون اليوم ويهددون مرة أخري بالتصعيد. وفي جامعة عين شمس بعد أن نشبت أكثر من معركة بين الطلاب وبعض الخارجين علي القانون وتم تكسير أبواب ومدرجات وتهديد الطلبة والطالبات والأساتذة وبعد أن انهزم التيار الإسلامي ونجح في انتخابات اتحاد الطلاب وجوه مستقلة ومدنية نشبت الحرب مرة أخري داخل أروقة الجامعة بين طلاب وعناصر مجهولة كما يدعي الأمن والإعلام في غياب تام للأمن الجامعي وحرس الجامعة الذي يعاقب الأساتذة والطلاب لأنهم رفضوا تدخله السابق في التعليم والحياة الجامعية. تلك هي صورة طلاب العلم والمستقبل المبهر الذين سوف يحددون موقع مصر علي خريطة الحضارة والاقتصاد والسياسة فهل من أجل هذا كانت الثورة؟ وهل هذه هي الحرية؟ أم أنها كارثة حقيقية علي المسئولين الوقوف في وجهها بكل حسم وقوة إلا إذا كانت هناك خبايا وخفايا ومخطط يتم تدبيره من أجل عودة حاسمة قاطعة للحرس الجامعي وللأمن الوطني وللمخابرات داخل الجامعة؟! إن مستقبل التعليم في مصر صار مرهونا بالسياسة وبالتمكين وبتغيير تركيبة المجتمع. فما يحدث في المدارس من اعتداء علي الفتيات وإجبارهن علي ارتداء الحجاب أو الصلاة وحذف تاريخ كفاح المرأة المصرية من الكتب والمقررات مع إضافة تاريخ ونضال الجماعة السرية المحظورة غير القانونية الدولية هو ذاته ما غير من نظام الثانوية العامة ودمجها في سنة واحدة ولم تشهد العملية التعليمية في المناهج أو تأهيل المعلمين أي تطوير أو تحديث اللهم فكرة تحويل المدارس الي كتاتيب في صورة فصول مع إقحام أفكار ومفاهيم سياسية في ثوب ديني يغذي الفتنة ويزيد من التعصب والتخلف ويبعد التلاميذ عن الفكر الحر المستنير الذي يعوق التحليل والابتكار وليس العنعنة والاتباع الأعمي.. أما التعليم الجامعي فإن الكارثة في أن منظومة الجودة تخص الشكليات واللوجستيات المادية وملء الأوراق والنماذج ومتابعة الأساتذة وهيئة التدريس المعاونة أما الطلاب فإنهم فئران تجارب وأعداد تملأ المدرجات في كليات وتخصصات لا تقدم أي إضافة للمجتمع وإنما هي جراچات تمنح الطلاب شهادات ومسميات ولا تؤهلهم لأي تنافس أو ابتكار في سوق العمل المحلي والدولي أما الإداريون فإن المأساة أنهم يطالبون بالمال والدرجة ومعظمهم عمالة زائدة يأكلون ويشربون ويعيشون علي النميمة أو التظاهرة أو الترتيب للإضراب من أجل المساواة مع الأساتذة الذين تفوقوا ودرسوا وتعلموا وأفنوا حياتهم بين صفحات الكتاب وضاعت أبصارهم وصحتهم في دراسة وتعلم وتعليم وتصحيح وبحث ومحاولات بائسة.. للتمرد في وجهة قبع الحياة المادية المظهرية التي يعيشونها في مجتمع لا يقدر ولا يحترم العلم إلا في يوم عيد يمنح البعض شهادات وجوائز لا ترقي لما يلاقيه لاعبو الكرة أو الفنانون ويكفي أن ثورة الألتراس أرهبت دولة وقضاء وشرطة.. الجيل القادم خرج عن كل النصوص وإن لم يعد إلي صوابه فإن القادم أسوأ.. فهل من علمهم حرفا قد صار لهم عبدا؟! أيها الأستاذ عد إلي موقعك ومارس مهامك وعلم وربِّ قبل فوات الأوان. نقلا عن الوفد