اليوم يحل الرئيس مرسي ضيفا في بلاد يسكنها الفقر, ويمزقها الثأر ويستوطن فيها الجهل, بلاد تمتلك أدلة الاتهام, وبراهين الإجرام, وأسانيد الإهمال, ضد كل المسئولين الذين تخاذلوا وتجاهلوا وتناسوا ملايين المصريين في الصعيد. هكذا تستقبل محافظات الصعيد رئيس مصر, بعد سنوات من النسيان والتهميش خلفت وراءها فقرا وبطالة, وأمية, وجهلا, وكأن المواطنين الذين يعيشون في هذا الإقليم لا ينتمون لمصر, وأرضها, وترابها, ويستظلون بعلمها, ويرددون نشيدها. عشرات السنوات كانت فيها محافظات الصعيد خارج اهتمام المسئولين, وخارج حسابات الحكومات, فتحولت إلي مجتمع الفقر, لا دواء, ولا غذاء.. ولا خدمات, ولا منتجات, حتي أنها ضاقت بسكانها وأصبحت مناطق طاردة للسكان, بل أن جزءا رئيسيا من أزمة الزحام في القاهرة أرجعتها دراسات عدة إلي الهجرة الكبيرة من الصعيد بسبب ضعف فرص العمل المتوافرة في الإقليم إذ بلغ معدل الفقر في أسيوط وسوهاج التي يزورها الرئيس اليوم نحو50% حسب تقديرات وزارة التخطيط. أزمة الصعيد إنها خارج اهتمام الحكومات المصرية ولا يرد ذكر الصعيد في خطط التنمية إلا إذا حدثت كارثة في إحدي محافظاته حينها يتباري المسئولون في طرح الخطط, واقتراح الحلول ثم ما تلبث أن تتواري هذه المقترحات, وتختفي المخططات. أم المشكلات في محافظات الصعيد انهيار المرافق والخدمات, ولن تقوم للصعيد قائمة مالم يتم التعامل مع هذا الملف بحسم, فلا يعقل أن يتم دعوة المستثمرين للاستثمار في هذه المحافظات بينما لا توجد طرق, أو خدمات ضرورية في هذا الإقليم, في السابق كانت هناك مبادرات لتشجيع الاستثمار في الصعيد منها منح المستثمرين الأرض بالمجان, وإعفاء المشروعات من الضرائب, ومنح المستثمر15 ألف جنيه لكل فرصة عمل يتم توفيرها, ورغم ذلك ظل الصعيد طاردا للاستثمار, بسبب غياب الخدمات. ولا أظن أن حكومة قنديل فعلت شيئا يذكر في الصعيد إن لم يكن تسببت في تطفيش بعض ما تبقي من مشروعات بسبب غياب الأمن, وتصاعد أزمة الطاقة, التي أصبحت تهدد التنمية في كل محافظات الوجه القبلي, إذ أن انقطاع الكهرباء أصبح يتجاوز6 ساعات يوميا في هذه المحافظات. الصعيد يمكن أن يكون فتحا جديدا لمصر إذا ما تم استغلال موارده الكبيرة, وهو أيضا قنبلة موقوتة قد تدمر الوطن بأكمله إذا ما استمر تجاهل النظام لمشكلات لم تعد قابلة للانتظار في إقليم يصارع الفقر والجهل. نقلاً عن الأهرام المسائي