شهدت الساعات الأخيرة لمواجهات مخيم نهر البارد أجواء متناقضة بين تسريع عجلة الوساطات بين الجيش ومسلحي «فتح الإسلام»، من جهة وتشديد الإجراءات الأمنية عند المعابر الأساسية وبعض النقاط الحساسة. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة «السفير» كانت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تتابع ساعة بساعة وقائع العرض المفاجئ الذي وصلها عبر رابطة علماء فلسطين، حيث أبلغها أحد قادة «فتح الإسلام» أبو سليم طه استعداد الحركة للاستسلام مقاتلين وجرحى وقياديين ولكن وفق سلة شروط مع طلب الحصول على ضمانات معينة من جهات خارجية. وذكرت «السفير» أن عرض «فتح الإسلام» جاء بعدما رفضت قيادة الجيش اللبناني عرض إخراج الجرحى وحدهم وبرزت شكوك داخل القيادة العسكرية من أن شاكر العبسي يخطط لعملية فرار في ضوء نجاح مبادرة إخراج العائلات النساء والأطفال. ولدى إلحاح أبو سليم طه ممثل رابطة العلماء على إيجاد حل عاجل لقضية العائلات، توجه عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج إلى دمشق وأنهى مسألة الأوراق الثبوتية وسهّلت قيادة الجيش عملية انتقال زوجة طه من صيدا إلى الشمال لمقابلة بعض أفراد عائلتها. وفي الوقت نفسه، وبعد إلحاح من الجيش، سلم أبو سليم طه عرضاً ل«الرابطة» يتضمن عدداً من العناصر تبدأ بطي ملف انتقال عائلاتهم إلى خارج لبنان ومن ثم تتم عملية الاستسلام بعيداً عن الإعلام على أن تتوفر ضمانات لاحقة تقضي بعدم إساءة المحققين أو أعضاء المحكمة لاحقاً لهم ولمعتقداتهم الدينية كما طلبوا ضمانات تتعلق بحدود العقوبات وهل يمكن أن تصل إلى الإعدام؟، فضلاً عن طلب الحصول على ضمانة إحدى الدول العربية. وفيما كان العرض محور مداولات إيجابية بين عدد من القيادات السياسية والأمنية كانت قيادة الجيش اللبناني تقيم المعلومات الاستخباراتية والميدانية فضلاً عن الاستمرار برصد الاتصالات بين قياديي« فتح الإسلام» وعائلاتهم ودائماً وفق فرضية مفادها ترجيح أن يكون القرار السياسي بالفرار قد اتخذ من لحظة إخراج العائلات ولذلك طلب من وحدات الجيش أعلى درجات الجهوزية والحذر. فقد هاجم مسلحون انتحاريون في سيارة مرسيدس بيضاء اللون، عند فجر الأحد حاجزاً للجيش اللبناني على« اوتوستراد المنية العبدة » لتليها مباشرة محاولة فرار جماعية في ثلاثة اتجاهات أحبطها الجيش اللبناني ودارت مواجهات عنيفة استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الرشاشة والقنابل الهجومية. وتمكن الجيش من القضاء بشكل كامل على مجموعتي المحمرة والعبدة في حين تمكنت المجموعة التي سلكت طريق مجرى النهر من الفرار والوصول إلى بلدة عيون السمك في قضاء الضنية ومن بعدها إلى بلدات وادي الجاموس ببنين والمحمرة في قضاء عكار لتبدأ المطاردة في الوديان والجبال الوعرة في تلك المناطق بمشاركة المروحيات العسكرية وعدد كبير من الجنود الذين انتشروا على طول الطرقات وقاموا بعمليات تمشيط واسعة وحرق العشب بحثاً عن عناصر التنظيم بمساعدة أبناء تلك البلدات .