"إحسان عبد القدوس" هو اسم لامع في عالم الأدب والفن، نشأ فى بيئة دينية تؤمن بالحرية، وبيئة أدبية فنية تمارس حرية العمل والكتابة، تألق في الكتابة الروائية والصحفية، ونجح في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية ليس فقط لانتاجه الغزير من القصص والروايات، بل لعُمق كتاباته وتجسيد مفهوم الحرية بمُختلف جوانبها السياسية والاجتماعية. مقدمة كتابه "أيام شبابي" كتب إحسان عبد القدوس، الذي رحل عن عالمنا في 12 يناير/كانون الثاني عام 1990:"يا قارئ خطي لا تبكي على موتي .. أنا معك وغدًا في .. ويا مارًا على قبري لا تعجب من أمري .. الأمس كنت معك وغدًا أنت معي .. أموت ويبقى كل ما ذكرى .. فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي". وتعكس تلك السطور البيئة الدينية التي عاش فيها إحسان عبد القدوس الذي ولد في الأول من يناير/كانون الثاني 1919 وفي طفولتة كانت هوايته المُفضلة هي القراءة، فقد اهتم والده بتعليمه وتشجيعه على القراءة، وقد تخرج من مدرسة الحقوق في عام 1942، وعمل كمحامي تحت التمرين بمكتب أحد كبار المحامين وهو "إدوارد قصيري" وذلك بجانب عملة كصحفي بمجلة "روز اليوسف"، فجده هو "الشيخ رضوان" من عُلماء الأزهر، الذي رباه وأنشأه على الحرية التي يدعو لها الإسلام ولا يكره أحدًا على فعل شئ حتى الإيمان، وهو صاحب مدرسة "الكتابة في الهواء الطلق". أثرت كتاباته الأعمال السينمائية على مدار عقود من الزمن، والتي بلغت أكثر من 600 قصة، فضلاً عن مقالاته السياسية والتي تعرض بسببها للسجن والمعتقلات، ومن أهم تلك القضايا قضية "الأسلحة الفاسدة"، بل تعرض للاغتيال عدة مرات، كما سُجن بعد ثورة يوليو 1952 مرتين في السجن الحربي. وكان إحسان يستمع إلى الندوات الدينية التي يعقدها جده فى بيته، وهو ما حافظ عليه إحسان في علاقته مع ابنه محمد عبد القدوس الذي انضم إلى جماعة "الإخوان المسلمين". وسُجن محمد عبد القدوس في عصر السادات، لكن والده رفض التدخل لإطلاقه، مؤكدًا أنه مر بتجربة السجن مرتين بسبب آرائه السياسية والدعوة إلى حرية الاعتقاد وهو ما كان يدعو إليه إحسان في كل أعماله وكتاباته الصحفية.