أودعت محكمة جنايات القاهرة الثلاثاء حيثيات حكمها في قضية التحريض على قتل المتظاهرين بميدان التحرير يومي 2 و3 فبراير 2011 والمعروفة إعلاميا بموقعة الجمل, والتي قضي فيها ببراءة جميع المتهمين البالغ عددهم 24 متهما من رموز النظام السابق وقيادات الحزب الوطني المنحل, يتقدمهم الدكتور فتحى سرور, وصفوت الشريف (رئيسا مجلسي الشعب والشورى المنحلين), وعائشة عبدالهادى وزير القوى العاملة الأسبق , والمحامى مرتضى منصور, ورجل الأعمال محمد أبوالعينيين. وذكرت المحكمة في بداية حيثيات الحكم الصادر برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله وعضوية المستشارين أنور رضوان وأحمد الدهشان , قول الله تعالي "إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا " وأكدت أن محكمة الموضوع لا تلتزم فى حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ما دام أنها رجحت دفاع المتهم أو داخلها الريبة والشك فى عناصر الإثبات لأن فى إغفالها التحدث عن أدلة الاتهام ما يفيد ضمنا أنها لم ترى فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم فأطرحتها جانبا . وأضافت المحكمة أنها لا تطمئن إلى صحة الاتهام المسند إلى المتهمين حيث أن أوراق القضية خلت من أى دليل يقينى وجازم على ما نسب إليهم من اتهام بالتحريض على ارتكاب الجريمة أو الاتفاق والمساعدة على ذلك ، مؤكدة أن الأحكام الجنائية في الأصل تبنى على الجزم واليقين من الواقع ولا تؤسس على الظن والاحتمال . وذكرت المحكمة "حيث أنه من المقرر أن الشهادة فى الأصل هى إخبار الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو إدركه على وجه العموم بحواسه, إلا أن الثابت بالأوراق كان افتقار أقوال شهود الإثبات إلى أى دليل يقينى يؤيدها وتطمئن المحكمة إليها , الأمر الذى يجعلها محل ريب وشكوك ولا تطمئن إليها المحكمة لأن معظمها والغالب منها بني على شهادات تسامعية وظنية واستنتاجية ونقلا عن مصدر مجهول لم تكشف عنه التحقيقات ". وأضافت المحكمة "أن أكثر الشهادات جاءت عما تم ضبطهم بمعرفة المتظاهرين داخل ميدان التحرير , أو إقرارات من ضبطوا نتيجة الإكراه الواقع عليهم بالتعدى بالضرب واحتجازهم بمعرفة المتظاهرين فى أماكن عدة داخل ميدان التحرير وذلك حسبما شهد به بعض شهود الإثبات". وقالت المحكمة إنها لا تطمئن إلى شهادة بعض شهود الإثبات إذ جاءت مشوبة بالكيدية والتلفيق لخلافات سابقة سياسية وحزبية ونقابية بين الشهود والمتهمين, فضلا عن التناقض الواضح بين الشهود فى وقائع محددة وعدول عدد من شهود الإثبات بالتحقيقات الأولية وبجلسات التحقيق النهائى أمام المحكمة عما شهدوا به بالتحقيقات. وأوضحت المحكمة أنه ثبت بشهادة المهندس ممدوح حمزه أنه كان يتواجد بميدان التحرير يومى الواقعة, وأنه لا يعلم شيئا عن ضبط أسلحة نارية داخل الميدان ولا يستطيع تحديد من قام بالهجوم على المتظاهرين . كما قال حمزة في شهادته إنه لا يعلم من الذى كان يقوم بقذف المولوتوف أو إطلاق الأعيرة من أعلى العمارات بالميدان ولم يشاهد قتلى به, رغم تأمين مداخله بمعرفة اللجان الشعبية وشباب جماعة الإخوان المسلمين ,وأنه لم يشاهد أيا من المتهمين فى الدعوى الراهنة بميدان التحرير. وأشارت المحكمة في حيثياتها إلى أن الدكتور محمد البلتاجى شهد بأنه كان متواجدا بميدان التحرير وشاهد أشخاصا قادمون من جهة ميدان عبد المنعم رياض يحملون حجارة وزجاجات مولوتوف وأنه التقى باللواء حسن الروينى رئيس المنطقة المركزية العسكرية السابق, بالميدان والذى طلب منه إنزال الأشخاص الموجودين فوق أسطح العمارات الموجودة أمام المتحف المصرى بميدان التحرير وإخلاء كوبرى 6 أكتوبر وإلا سيتم إطلاق النار عليهم وأنه لم يشاهد بعينه أيا من المتهمين الماثلين بميدان التحرير يومى الواقعة. وأكدت المحكمة أنه ثبت بشهادة اللواء حسن الروينى أن المهمة الأساسية لوحدات القوات المسلحة بميدان التحرير اعتبارا من 28 يناير حتى صباح 3 فبراير عام 2011 كانت تأمين الأهداف الحيوية والمنشآت الموجودة بمحيط الميدان, وأنه كان متواجدا بالميدان أيام 1و2و3 فبراير من العام الماضى وشاهد على شاشة مركز القيادة أفرادا أعلى العقارات الموجودة أمام المتحف المصرى بالميدان وأحدهم كان ملتحيا ويرتدى جلبابا ويعتقد أنه من جماعة الإخوان . كما قال الرويني إنه التقى يوم 3 فبراير بالدكتور محمد البلتاجى بالميدان وطلب منه إنزال الأشخاص الموجودين أعلى العقارات وإلا سيستخدم القوة معهم وتم إنزالهم وتعهد له بتأمين المتظاهرين داخل الميدان ولم يحدث أي تعد على المتظاهرين بالميدان اعتبارا من 3 فبراير وحتى 11 من ذات الشهر تاريخ تخلى الرئيس السابق عن الحكم. وذكرت المحكمة أنه ثبت بتحقيقات النيابة العسكرية أنه باستجواب المتهمين المقبوض عليهم , لم يقر أو يشر أى منهم لا من قريب أو من بعيد إلى قيام أى من المتهمين فى الدعوى إلى تحريضهم أو مساعدتهم أو الاتفاق معهم على الاعتداء على المتظاهرين المتواجدين بميدان التحرير . وأشارت المحكمة إلى أن أوراق القضية خلت من أى دليل قولى أو فنى على حدوث أية اتصالات هاتفية بين المتهمين تؤيد ما تضمنه أمر الإحالة بالتهمة الأولى المسندة إليهم بتلاقى واتفاق إرادتهم من خلال الاتصالات الهاتفية التى جرت بينهم على إرهاب وإيذاء المتظاهرين السلميين بميدان التحرير . كما خلت الأوراق أيضا من دليل يؤكد أن المجنى عليهم المتوفين أو المصابين قد حدثت إصابتهم أو وفاتهم فى ميدان التحرير يومى 2 و 3 فبراير , كما خلت تحقيقات النيابة العامة وقضاة التحقيق وقائمة أدلة الإثبات من شهادة أى شاهد على صحة ما نسب من اتهام إلى المتهمين. وأضافت المحكمة أنه ثبت لها من مشاهدة الأقراص المدمجة المحرزة بالدعوى والتى تحوى بعض المشاهد للمتهمين, وبعد مطالعة تقرير الخبير المعد من خبير الأصوات , أنها عبارة عن مشاهد للمتهم العاشر مرتضى منصور حال تواجده بميدان مصطفى محمود ضمن المتظاهرين المتواجدين بذلك الميدان وهو يردد السباب والشتائم لأشخاص معلومين وآخرين مجهولين , ومشاهد للمتهم ال`11 محمد عودة وهو أمام سيارة نقل مع آخرين يحملون لافتات وصورا للرئيس السابق وذلك لا يعد دليلا على صحة الاتهام المسند إليهما. وذكرت المحكمة أنه تبين أيضا من مشاهدة القرص المدمج والذى يحوى حوارا تلفزيونيا للمتهم ال`13 إبراهيم كامل مع محطة أجنبية باللغة الإنجليزية , وبمطالعة تقرير الترجمة تبين أنه يخاطب كل مصرى حريص على بلده أن يعود إلى عمله وقال "إن الموجودين بالميدان لا يمثلون مصر وهم جزء من أقلية تنتوى توجيه ضربة لمصر وللنظام الحاكم وأنه سيتم انتقال سلمى للسلطة وأن 90% من المصريين سيقولون لك بأن الرئيس السابق شىء قيم جدا لمصر" .. في حين لم يتضمن الحوار أية عبارات للتحريض على الاتهامات المسندة إليه. وقالت المحكمة إنها لم تطمئن على الإطلاق لشهادة الدكتور صفوت حجازى لكونها شهادة تسامعية عن مجهولين لم يرشد عن هويتهم , لذا فقد جاءت شهادة عارية من الدليل.