المنطقة الصناعية بقناة السويس تمثل فصلا محوريا في كتاب التنمية الاقتصادية في مصر..مشروع قومي تم تدشينه ليكون أحد الأعمدة التي تقوم عليها النهضة والتنمية الاقتصادية في مصر، وتم تشكيل هيئة مستقلة لإدارته. فما هي طبيعة هذا المشروع والإطار العام له..وما هي الصناعات التي ستنشأ فيه..وما هي الامتيازات التي يختص بها..وما هي التحديات التي يواجهها ..الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حملتها معي وأنا في طريقي للقاء الرجل الذي أسندت له القيادة السياسية إدارة المشروع..في مكتبه بالقاهرة..استقبلنا الدكتور أحمد درويش رئيس هيئة تنمية المنطقة الصناعية بقناة السويس..بابتسامته الهادئة ليبدأ حوارنا معه. دكتور أحمد درويش، في البداية نريد التعرف على المنطقة الصناعية بقناة السويس؟ المنطقة الصناعية بقناة السويس تدار عن طريق هيئة مستقلة تم إنشاؤها بالقانون رقم 83 لسنة 2002 والذي تم تعديله في 2015 ، وهذه الهيئة لها سلطات كاملة تنفيذية وإشرافية على كل مناطق العمليات والمشروعات وفرق العمل والميزانيات والتمويل من كافة الشركاء وتقديم كافة التسهيلات والخدمات للمستثمرين. وأضاف درويش أن المشروع يتم تنفيذه على مساحة إجمالية 461 كيلومتر مربع ويهدف لإنشاء مجتمع حضري جديد يعتمد على النشاط الاقتصادي والصناعات التي تستخدم التكنولوجيا المتقدمة بحيث يتكامل في هذا المجتمع الاستثمار والتعليم والبحث العلمي. وما هي مكونات ومناطق المشروع؟ هناك مساحات مقسمة ومخصصة لمختلف الخدمات المطلوبة؛ فهناك مساحات للموانئ والخدمات اللوجيستة وهناك مساحات أخرى مخصصة للخدمات البحرية وأيضا المساحات المخصصة للصناعات المختلفة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، بالإضافة إلى مساحات الطاقة الجديدة والمتجددة فضلا عن مساحات الخدمات المعلوماتية التكنولوجية السريعة. وأوضح درويش أنه وفقا لذلك تم تقسيم المشروع إلى أربعة مناطق استيراتيجية؛ الأولى هي منطقة العين السخنة، وتشمل ميناء السخنة والمنطقة الصناعية والمخصصة للصناعات الثقيلة والمتوسطة في الجنوب، والصناعات الخفيفة في الشمال، وهي تقدم أكثر من 70 ألف فرصة عمل، ومن أهم هذه الصناعات؛ تكرير البترول والبتروكيماويات والصناعات الكيميائية، وصناعة قطع غيار وتجميع السيارات وصناعة مواد البناء وصناعة النسيج والملابس، وصناعة الأدوية وصناعة الإلكترونيات. أما المنطقة الثانية فهي شرق بورسعيد، وتم تخطيطها لتخدم منطقة البحر المتوسط وشرق أفريقيا والشرق الأوسط وشرق أوروبا، ومن المجالات التي يجري فيها الاستثمار في هذه المنطقة؛ تحلية المياه وتوليد الطاقة، وهذه تقدم 80 ألف فرصة عمل. والمنطقة الثالثة هي غرب القنطرة وتتركز فيها الصناعات الخفيفة مثل صناعة المصابيح والصناعات التكنولوجية. والمنطقة الرابعة والأخيرة نطلق عليها وادي التكنولوجيا، وتتركز فيها الصناعات التكنولوجية المتقدمة والصناعات التكاملية. ذكرت أنه من بين مكونات المشروع عدد من الموانئ، فما هي هذه الموانئ وما أهميتها للمشروع؟ يوجد ستة موانئ تابعة للمشروع وهي: ميناء غرب بورسعيد، وميناء شرق بورسعيد، وميناء العريش، ميناء الأدبية، وميناء السخنة، وأخيرا ميناء الطور، وهي تمثل محطات لوجيستية وتقدم الخدمات المختلفة وما الذي يميز هذه المنطقة الصناعية عن غيرها لتقدر على منافسة مثيلاتها على مستوى العالم، وما هي التسهيلات التي تقدمونها للمستثمرين لتشجيعهم للاستثمار في هذه المنطقة؟ المنطقة الصناعية بقناة السويس لديها العديد من المقومات التي تميزها عن غيرها والتي تعتبر في الوقت ذاته ضمن التسهيلات التي تشجع المستثمرين للقدوم هنا، بداية الموقع؛ فالمنطقة تقع في قلب التجارة العالمية، بالإضافة للموقع الجغرافي الاستيراتيجي بين طرق التجارة العالمية، كما أن المنطقة تعد المدخل للأسواق العالمية في أوروبا والخليج وشرق وشمال أفريقيا بالإضافة إلى الأسواق الأسيوية، بالإضافة للسوق المحلية المصرية، وأيضا وفرة الأيدي العاملة بأسعار مناسبة للمستثمين. واستطرد درويش قائلا: ولا ننسى خدمة الشباك الواحد التي نقدمها للمستثمرين لإنهار كل أوراقهم وإجراءاتهم من نافذة خدمية واحدة، حيث يقوم موظف واحد بإنهاء كل الأوراق والتصاريح والموافقات اللازمة، مما يوفر الجهد والوقت والمال، وأيضا تقديم كافة خدمات البنية التحتية من مياه وكهرباء واتصالات ووسائل نقل وغيرها، وهناك أمر آخر غاية في الأهمية؛ وهو أن كل ما يستورده المستثمر من ماكينات ومعدات وخامات يكون معفيا من الرسوم الجمركية والضرائب، حيث أن الهيئة لديها لجنة عليا تشرف على الضرائب والجمارك. ولكن ما هي المعوقات والتحديات التي يواجهها المشروع؟ درويش: إننا قادرون على تذليل أية معوقات تواجهنا ، فنحن هنا نسابق الزمن لنحقق أكبر الإنجازات في أقل وقت ممكن، فنحن لا نساعد المستثمرين الذين يأتون للمنطقة الصناعية لأول مرة، وإنما نساند وندعم الشركات الموجودة عندنا لتتوسع وتنمو ، ونحن بذلك نخلق الآلاف من فرص العمل. وماذا عن مشاركة مصر في قمة ال جي توينتي ( G20 ) التي تقام أول سبتمبر في الصين، وسيحضرها الرئيس السيسي؟ درويش: نحن لم ننتظر قمة العشرين لنتعاون مع الصين وغيرها، بل إن التعاون مع الصين يجري بشكل ملحوظ ، حيث قام الرئيس بزيارة سابقة للصين، كما جاء الرئيس الصيني لمصر، بالإضافة لتبادل الزيارات الرسمية للوفود من البلدين، وتحديدا في المنطقة الصناعية ستجد الصينيين متواجدين هناك بكثرة حيث يشاركون في العديد من المشروعات هناك، وإن شاء الله سأكون ضمن الوفد المرافق للرئيس وسيتم هناك توقيع عدد من الاتفاقيات سيتم الإعلان عنها في حينها. وماذا تعني مشاركة مصر في هذه القمة؟ مشاركة مصر هي رسالة للعالم أن مصر قد عادت للطريق الصحيح للتنمية الاقتصادية والصناعية، وسنواصل مسيرتنا ليأتي اليوم الذي تصبح فيه مصر إحدى الدول العشرين المشاركين في G20 . **************************** إلى هنا انتهى حوارنا مع الدكتور أحمد درويش..ولكن الآمال المعقودة على هذا المشروع القومي ستظل قائمة كالشجرة الوارفة التي تتعمق جذورها في الأرض..وتتكاثر فروعها وينضج ثمرها وينتشر ظلها في دنيا الواقع والحقيقة يوما بعد يوم..لتمنح المصريين الأمل في غد تزدهر فيه الصناعة وينمو فيه الاقتصاد وينعم فيه المصريون بالحياة الكريمة الإنسانية.