لمدة 3 ساعات.. مواعيد وأماكن قطع الكهرباء عن قرى ومدن محافظة الدقهلية    ارتفاع جديد ب 340 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بالصاغة    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    حريق هائل بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة (صور)    صندوق النقد: مطلوب زيادة اسعار الطاقة باسرع وقت .. مصطفى مدبولي: بنزين وسولار وبوتجاز من أول أكتوبر يا افندم!    نائب رئيس جامعة الأزهر يعلن موعد نتيجة التنسيق (فيديو)    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    أخبار الفن اليوم.. وفاة النجم روبروت ريدفورد.. وائل جسار يكشف أسرارا جديدة حول صراع راغب علامة وفضل شاكر    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    توتنهام يفوز على فياريال.. وقرة باج يتجاوز بنفيكا في دوري أبطال أوروبا    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    وفاة اللواء خالد العزازى مستشار رئيس هيئة قناة السويس للإعلام والعلاقات العامة    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    ما زال الحبل السري متصلا بها.. أنثى حوت أوركا تحاول إنعاش طفلها الميت (فيديو)    ضرب وسحل وألفاظ خادشة.. الأمن يفحص فيديو اعتداء أشخاص على شاب وسيدة بالهرم    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    ريال مدريد «المنقوص» يهزم مارسيليا في دوري الأبطال    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    على باب الوزير    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    4 لاعبين مصريين يتأهلون لنصف نهائي بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    الهلال يحقق فوزًا صعبًا على الدحيل في دوري أبطال آسيا للنخبة    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل من بلدة دير أبو ضعيف    وزير الدفاع السعودي وقائد القيادة المركزية الأمريكية يبحثان تعزيز التعاون الدفاعي    يوفنتوس يتعادل 4-4 مع دورتموند في أجمل مباريات دوري أبطال أوروبا    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    اجتماع سوري إسرائيلي مرتقب في باكو    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    الحماية المدنية تخمد حريق منزل في سرابيوم بالإسماعيلية    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 خلال هجمات الاحتلال اليوم    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: النيل مسألة وجودية لمصر    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    وقت مثالي للبحث في تحسين الدخل.. برج الجدي اليوم 17 سبتمبر    ضغوط العمل لا تطاق.. حظ برج القوس اليوم 17 سبتمبر    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    وزير الري: ندرة المياه لا تسمح بزراعة الصحراء بالقمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالدورة الثامنة    رئيس الوزراء: الأعاصير الإقليمية تكشف حكمة الرئيس السيسي    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    بالزي الفرعوني.. نجمة "تايتانيك" كيت وينسلت أمام الأهرامات بالذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد حمدان: الإمارات... وصناعة الكتاب
نشر في أخبار مصر يوم 07 - 11 - 2012

تتنافس الدول اليوم في صناعة الكتاب وفي استقطاب المثقفين والاهتمام بالأدب والفنون كإرث حضاري وكهوية تحاول أن تسير بها أو تعرف بها في المستقبل، لكن الواقع لم يكن كذلك قبل 30 عاماً عندما نظمت الإمارات أول معرض للكتاب في الشارقة، واهتمت الدولة باستقطاب كبار المفكرين والشعراء والأدباء لإحياء مواسمها الثقافية التي كانت تستمر على مدار العام وتشمل جميع أنحاء الدولة. كانت البداية صعبة لكن الأحلام كانت كبيرة. وكثيرون راهنوا على أن تلك "الفورة" لن تتخطى مرحلة "الحبو" كما هي متطلبات مرحلة نشوء الدول وأنها ستتعثر وستنتهي، فهي مجرد مزاجية وحماس البدايات كما صوّرها بعضهم!
فدول النفط -كما كانوا يسمونها- لا تصنع ثقافةً ولا تتقبل الكتاب، وهي مجرد دول استهلاكية تنتشر فيها الأمية ولا تقوى على تقبل الفكر ولا يمكنها أن تدعم المشروع الثقافي العربي! هكذا كانت نظرة بعض شعراء وأدباء ورؤساء دول عربية لها ثقل حضاري يفرض عليها أن تقود وتحرك الأمة نحو الأمام، لكنهم ساروا بها نحو مسالك مختلفة وأنفاق مظلمة.
تلك هي الصورة التي حاولوا ترسيخها عن خليج البترول وأهله، كما حاولوا أن يمارسوا عليهم التهميش والإقصاء. لكن محاولات فرض التبعية لدور المحور جميعها فشلت بعد تجارب وخيبات، لأن الدول الجديدة الغنية بالنفط والطيبة كانت تحمل الصدق وحسن النوايا في رسالتها وتعاملاتها.
إن هذه الدول التي اتهمت ب"نقمة النفط" و"الرجعية" و"البداوة" وغيرها من مصطلحات الصحافة الصفراء في شارع " اجورد روود" بلندن، والتي كانت تنشط وتتنافس في هجاء الخليج وأهله، وعلى ألسنة مثقفي وشعراء وكتّاب غذتهم وصنعتهم ودعمتهم أنظمة عربية أسقطتها شعوبها بعد أن تبينت حقيقة الوهم الذي عايشته وحالة الاستنزاف والنهب التي تعرضت له تلك الأوطان تحت تلك الأنظمة.
تلك الحروب العربية التي شُنت أزمنةً طويلةً أثبتت فشلها وقسوتها على إنسان هذه المنطقة تحديداً، فعندما تغيرت المعادلة، وأصبحت هذه الدول تملك مفاتيح صناعة الإعلام وتساهم في تغذية ونشر الثقافة العربية بمختلف فنونها ومدارسها، اكتشف المثقف العربي أن دول مجلس التعاون الخليجي هي سنده في أزماته وهي التي حاولت فعلا تغذية صناعة هذه الثقافة.
الإمارات -لو ينصفها كتّاب التاريخ- هي أكثر وأكبر الدول العربية دعماً للمثقف العربي ولصناعة الكتاب ولنشر الثقافة العربية والإسلامية، وأوسعها أحلاماً وإخلاصاً لمستقبل هذه الثقافة. لقد سعت ولا تزال إلى أن تكون هذه الأمة وثقافتها رائدةً تنافس الثقافات العالمية الأخرى.
نتحدث عن مشروع تنموي مستمر لنشر الثقافة وصناعة الكتاب من خلال معارض عريقة أصبحت اليوم محطات دولية في صناعة الكتاب، مثل معرضي الشارقة وأبوظبي للكتاب، أو عن جوائز مرموقة تكرّم المثقف الحقيقي مثل جائزة زايد للكتاب وجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية أو جائزة "البوكر" العربية التي تستضيفها وتدعمها أبوظبي بهدف إبراز الروائي العربي وتقديم الرواية كعمل فني مميز له شهرة ومكانة في المكتبات العالمية.
وماذا عن مشروع رائد مثل مشروع "كلمة" الذي غذى المكتبة العربية بأكثر من 700 كتاب مميز، وساهم في رفد المكتبة العربية بإصدارات نوعية وتشجيع صناعة الترجمة ودعم المترجمين ودور النشر العربية؟ واليوم يأتي ومعرض الشارقة للكتاب الذي يحتفي بدورته التي تحمل الرقم 31، ما يعني مفصلا جديداً في مسيرة هذا العمر الطويل والمتواصل من العمل الثقافي. فكم يكلّف هذا النشاط إذا حسبناه مادياً؟ وكم خسرت عليه الإمارة؟
المشاركات ظلت طوال تلك السنوات مجانية، بالإضافة إلى دعوات شرفية للضيوف لحضوره أو لإحياء النشاط الثقافي طوال أيامه، وكذلك حملات ترويج وتسويق المعرض. كم تقدر أيضاً تكلفة الشراء التشجيعي الذي تقوم به مؤسسات الدولة، عدا عن إقبال الجماهير، وبعد ذلك كله تشتري الشارقة من جميع العارضين إصداراتهم الجديدة وتوزعها على مكتبات وأهالي الإمارة. هذا الجهد تكرر على مدار ثلاثين عاماً، في خسارة مادية، في حساب المال والأعمال، لكن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يقول إن الإمارات والشارقة والثقافة عموماً مكسبها من ذلك ثمين لا تساويه النقود، لقد كسبت الثقافة والعلم والمعرفة.
وقبل أشهر كان صاحب السمو حاكم الشارقة يتحدث لجمهوره في الإذاعة، حديثاً عفوياً كيف أن هذا المعرض طوال سنوات إقامته كان يمثل له هاجساً ومصدرَ فرح، يفتتحه في الصباح، وكان قد زاره في مساء الليلة التي سبقت الافتتاح واطمأن على ترتيباته وعلى رضا الناشرين، ثم يزوره كأي فرد من الجمهور طوال أيام إقامته، ويكون قد قرأ فهرست المعرض وتعرّف على عناوين الكتب وأسماء المؤلفين.
فمن يمكنه القيام بهذه المهمة اليوم، أي قراءة كشاف يحوي ما يزيد على ربع مليون عنوان كتبت بخط صغير متراص الحروف؟ وأي حاكم عربي يمكن أن يمارس هذا الدور ثلاثين عاماً، لا يمل ولا يتعب؟ إنه مثابرة عاشق للمشروع الثقافي، من جعل الكتاب هاجساً وملهماً. المعرض -كما ذكر صاحب السمو حاكم الشارقة في ذلك اللقاء- ولّد عنده قصيدة فصيحة طويلة هي "منابع العز" نظمها في ليلة واحدة، وفي كل دورة يحرص أن يكون له إصدار جديد يغني المكتبة العربية في مجاله التخصصي.
الوعي الذي صنعه هذا المعرض وتلك النشاطات المتواصلة، هو الذي يبقى لأنه استثمار في الإنسان. فأن ينمو الطفل وتكبر الأسرة في محيط مثل هذا، يصحو وينام على ذكر الفعل الثقافي، يعني أن الثقافة ستكون في وجدانه وسلوكه واهتماماته، وسترتبط بمستقبله ونهج حياته. الطفل الذي ذهب مع والده إلى الدورة الأولى لمعرض الكتاب، وكان في مرحلة الروضة مثلا، وواظب على زيارته كل سنة، كم عمره اليوم؟
وما هو شعوره عندما يدخله مع أطفاله هذه المرة كما كان والده يفعل معه؟ الثقافة فعل تراكمي، وقد يكون هذا الحراك الثقافي الذي اشتغلت عليه الإمارات طوال سنوات الاتحاد هو أهم مكسب استراتيجي في مسيرة المجتمع وتنمية الدولة.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.