في تحد لتهديد بالفيتو من الرئيس جورج بوش' ووسط اجواء من المزايدات السياسية ' وافق مجلس النواب الامريكي فى وقت متأخر من ليلة امس الاربعاء على مشروع قانون يقدم تمويلا جديدا للحرب ويحدد إطارا زمنيا لسحب جميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق بحلول الحادي والثلاثين من مارس 2008 . جاء إقرار مشروع القانون، الذي يتيح تمويلاً إضافياً للجيش الأمريكي، قدره 124 مليار دولار، بموافقة 218 عضواً من أعضاء مجلس النواب، مقابل 208 أعضاء فقط، فيما امتنع عضوان عن التصويت. مشروع القانون، الذي طرحه الديمقراطيون الذين يسيطرون على غالبية مجلسي الكونجرس، حظي بموافقة اثنين فقط من النواب الجمهوريين، فيما عارضه 13 عضواً من الديمقراطيين. ومن المتوقع أن يجري مجلس الشيوخ تصويتاً صباح اليوم الخميس، على مشروع قانون مماثل للمشروع الذي أقره مجلس النواب، حيث يتوقع أن يرسل المجلسان نسخة واحدة من مشروع القانون إلى الرئيس بوش، والذي كان قد هدد مراراً بأنه سيستخدم حق "الفيتو" الرئاسي، الذي يخوله له الدستور الأمريكي، لنقض مشروع القانون الجديد. وعلى عكس نسخة سابقة أقرها مجلس النواب الشهر الماضي فان هذا المشروع لا يتضمن موعدا محددا لكي تغادر جميع القوات المقاتلة العراق وتم تعديله الى موعد غير ملزم لاتمام الانسحاب بحلول الحادي والثلاثين من مارس فهو مجرد موعد "مستهدف". على الجانب الآخر يرى الجمهوريون ان تحديد أي مواعيد للانسحاب سيقيد أيدي القادة العسكريين الامريكيين وسيشجع الاعداء في العراق على حد وصفهم. وفور إقرار مشروع القانون من مجلس النواب، أصدر البيت الأبيض بياناً أعرب فيه عن رفض الرئيس بوش لهذا القانون، واصفاً القرار بأنه يتضمن روحاً انهزامية، حيث يتضمن جدولاً زمنياً لسحب القوات الأمريكية من العراق على مدى ستة أشهر، تبدأ في موعد أقصاه بداية أكتوبر المقبل. كان بوش قد جدد الثلاثاء، موقفه من مسألة إقرار الصيغة الأخيرة لمشروع موازنة الحرب الداعي إلى الانسحاب من العراق، بتلويحه مجدداً باللجوء لحق النقض "الفيتو" لرد المشروع إلى الكونجرس، معرباً عن خيبه امله إزاء قادة الديمقراطيين، لرفضهم فصل موعد سحب القوات الأمريكية من العراق، عن مشروع قرار الموازنة'و دعا بوش، النواب الديمقراطيين في الكونجرس إلى التخلي تماماً عن فكرة سحب القوات الأمريكية من العراق، مشدداً على أن فشل الجيش الأمريكي في العراق ستكون له عواقب وخيمة ليس على الولاياتالمتحدة وحدها، بل ستمتد إلى أنحاء مختلفة من العالم. وفي حالة استخدام بوش حق الفيتو الرئاسي، فسيتم إعادة القانون مرة أخرى إلى الكونجرس الذي يحتاج عندها إلى ثلثي الأصوات لتمريره، وهو ما يستبعده المراقبون في ظل التوازنات الحالية. ورغم أن الديموقراطيين لهم الأغلبية في مجلسي الكونجرس إلا أنهم ليس لديهم ما يكفي من الأصوات لتجاوز فيتو الرئيس.
كان الكونجرس قد شهد جلسة مثيرة ، أدلت خلالها جيسيكا لينش المجندة السابقة التي أُسرت خلال خدمتها في العراق، وكيفن تيلمان، شقيق الجندي بات تيلمان، الذي خدم وقتل في أفغانستان بنيران صديقة، ورفاق له من الجنود الأمريكيين، بشهاداتهم حول حقيقة ما جرى في أرض المعركة، مناقضين بذلك معلومات البنتاجون إزاء هذا الشأن. واندلعت حرب كلامية قبل الاقتراع، بين الجمهوريين والديمقراطيين الذين يسيطرون على أغلبية مجلس النواب. وانتقد جو ويلسون عضو الكونجرس الجمهوري وعضو لجنة المجلس للقوات المسلحة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في أعقاب ما أوردته تقارير صحفية بأنها لن تحضر جلسة الاستماع مع القائد الأمريكى فى العراق الجنرال ديفيد باتريوس. ومن جانبها قالت بيلوسي إن التضحيات التي قدمتها قواتنا وأسرهم تتطلب أكثر من مجرد الشيكات التي يطلبها الرئيس من أجل حرب لا نهاية لها. وحثت بيلوسي الرئيس بوش على التصديق على القانون من أجل التركيز على الانتصار في الحرب ضد الارهاب والذى يمثل التهديد الحقيقي للشعب الأمريكي. وكان ديك تشيني نائب الرئيس قد اتهم زعيم الأغلبية في مجلس النواب هاري ريد ب "الانهزامية" فيما يتعلق بموضوع حرب العراق. يشار الى انه من المقرر ان يستخدم حوالي 100 مليار دولار من مشروع القانون المقترح البالغ قيمته 124 مليار دولار لتغطية نفقات الحرب في العراق وافغانستان هذا العام بما في ذلك نفقات 30 ألف جندي إضافي أمر بوش بارسالهم الى العراق لمحاولة كبح العنف الذي يضرب معظم البلاد. وستضاف هذه الاموال الي 70 مليار دولار خصصها الكونجرس بالفعل للحرب هذا العام. ويريد الديمقراطيون ان تستخدم باقي الاموال في مشروع الانفاق الطاريء لتمويل برامج محلية تتمثل فى زيادة الرعاية الصحية للاطفال الفقراء وقدامى المحاربين و المساعدة في تعويض المزارعين عن الخسائر الناتجة عن العوامل الجوية. ويسمح مشروع القانون لبعض القوات الامريكية بالبقاء في العراق بعد مارس 2008 لمواصلة تدريب الجنود العراقيين وحماية المنشات الامريكية والقيام بعمليات محددة لمكافحة الارهاب. جدير بالذكر انه يوجد حاليا حوالي 146 ألف جندي امريكي في العراق وهناك جنود إضافيون في طريقهم الى البلاد في اطار زيادة حجم القوات التي أمر بها بوش. وقتل أكثر من 3300 جندي امريكي في العراق منذ بدء الحرب في 2003 وبانتظار الفيتو الرئاسي المتوقع الاسبوع المقبل يحاول كل معسكر الحصول على مكاسب سياسية من هذا الجدل عبر شن هجمات قوية متبادلة. ويتسلح الديموقراطيون باستطلاع جديد للرأي لمحطة "ان بي سي" وصحيفة "وول ستريت جورنال" تظهر نتائجه ان 55% من الاميركيين يؤيدون تحديد جدول زمني للانسحاب وهم يؤكدون وجود رغبة عامة لحدوث توجه جديد في ادارة الحرب في العراق. ويرى المراقبون ان الكونجرس سيفرج في النهاية عن الاموال التي يطالب بها البنتاجون تدريجيا كحل مطروح مقابل ' ان تجبر الادارة الأمريكية على تقديم مبررات التقدم الذي تؤكد انها تحرزه فى العراق .