موجة من الجدل صاحبت بدء إخلاء مجمع التحرير ،أكبر مجمع للمصالح الحكومية بقلب العاصمة ،حيث سيطرت حالة من الحيرة والقلق على نحو 100 ألف مواطن يترددون عليه يوميا لإنهاء أوراقهم الرسمية من عدة إدارات عبر 14 طابقا . وصار البحث عن مكان بديل مناسب يشغل حوالى 13 وزارة لاستيعاب الاف الموظفين الذين سيعودون اليها ،وبالفعل قامت وزارة التضامن الاجتماعى بإخلاء جميع موظفى الديوان العام للوزارة من مجمع التحرير تمهيدا لإخلائه وبلغ عدد الموظفين الذى تم نقلهم 774 موظفا. ولعل التساؤلات الأهم : كيف يتم تنفيذ قرار الإخلاء دون مشاكل وما مصير هذا المبنى الاثرى بعد اخلائه وهل سيترتب على تجديده وإعادة استخدامه فوائد تستحق تفريغه وتحمل المواطن مشقة الترحال بين عدة جهات لانهاء مصالحه مستقبلا ؟: *أين ..راحة المواطن ؟ وياستطلاع آراء عينة من المواطنين ، قالت فاتن حنفى موظفة لموقع أخبارمصر "لايهمنى انتقال المجمع لمكان اخر مادام هذا للصالح العام وسيحقق سيولة الذى سيضطر الى الانتقال بين عدة وزارات فى أماكن متفرقة لانهاء مصالحه بدلا من التنقل بين هذه الادارات المجمعة فى مجمع واحد بمكان واحد باليوم نفسه ". وطالبت فاتن حنفى الوزارات التى ستعود اليها الإدارات التابعة لها بتخصيص مكان لها بقلب مبنى الوزارة أو بمبنى قريب منه حتى لا يتعذب المواطن بين مبنى الوزارة وملحق الادارة اذا انتقل لمكان بعيد مثل الشروق أو العاصمة الادارية الجديدة . و تتفق معها د.هبة عبد الحميد طبيبة فى أن ميزة المجمع كانت تجميع ادارات مختلفة فى أدوار مبنى واحد بمعنى انه يمكنك إنهاء اجراءات البطاقة وجواز السفر والضرائب بيوم واحد اذا ذهبت للمجمع فى الصباح الباكر وطبعا المواطن سيفقد هذه الميزة الكبيرة. واستدركت هبة ،قائلة : اذا كان المواطن سيتحمل عبء اللف على الوزارات ،فعلى الاقل يجد من ينهى إجراءاته بيسر ودون طوابير أو رشوة أى يلمس تطويرا وتحسينا فى الخدمة الادارية بدلا من عذاب البيروقراطية التى كانت سمة اغلب المكاتب الادارية بالمجمع . منطقة سياحية والتقطت أميرة حسين مضيفة خيط الحديث قائلة "تحول المبنى الى فندق يتناسب مع طبيعة المنطقة وماتضمه من فنادق وشركات سياحية والمتحف المصرى والقرب من النيل ولكن تنفيذ ذلك سيحتاج ايضا عددا كبيرا من الموظفين وسيتردد عليه زواروسائحون بسياراتهم وبالتالى لابد من بناء جراج مرفق به ومن هنا لن يتحقق الهدف لأن الزحام لن يقل كثيرا بميدان التحرير . فى حين أبدت هالة محمد مدرسة استياءها من نقل المجمع لأنها تسكن فى جاردن سيتى وكان المجمع قريب من بيتها ولم تكن تتحمل سوى مشقة الطوابير الطويلة والزحام لانهاء مصلحة مثل استخراج أوراق انهاء الخدمة العامة أو الرقم القومى ولكن الآن ستضطر الى الذهاب لمقر الوزارة المختصة فى مدينة نصر مثلا. وطالبت بانهاء مصالح المواطنين عن طريق الانترنت والواتساب للحد من الزحام والطوابير خاصة اذا كان المواطن سيتحمل عناء الذهاب لمكان متطرف لاستخراج ورقة أو الحصول على ختم رسمى . بديل مناسب أما عبد الرحمن ملاك صاحب مقهى بالوايلى،فقال " اذاكانت الإدارات التابعة لمحافظة القاهرة بالمجمع مثل البلدية واصدار التراخيص ستعود لمبنى المحافظة، فليست هناك مشكلة لأن المبنى بعابدين أى بوسط القاهرة ولن يحمل المواطن مشقة الانتقال لمكان متطرف لكن اذا انتقلت مثلا لمبنى بمدينة نصر أو النزهة فهذا يعنى مشوار طويل يحتاج يوم كامل ورحلة شاقة بين الادارة والمحافظة وهناك كبار بالسن لايتحملون ذلك " . فى حين تساءل موظف بادارة الضرائب مازال يمارس عمله بالمجمع :لماذا لا ننتقل لمبنى وزارة المالية أو حتى مصلحة الضرائب لأننا سمعنا أنه لايوجد مكان واحتمال نأخذ مبنى بالعباسية أو النزهة ؟ وقال :"اذا كنت عندى سيارة للانتقال من بيتى فى الهرم للنزهة أو العباسية ..فماذا عن سائر الموظفين ثم ما موقفنا حال عدم الانتهاء من تجهيز مبنى مناسب خلال المدة المحددة ؟". عذاب الموظفين بينما يرى أحمد سيد محاسب وموظف بالمجمع أن المشكلة ليست فى عذاب المواطن الذى يتردد على المجمع مرة أو مرتين فى العام لكن المشكلة الاكبر فى الموظف الذى كان يذهب للمجمع يوميا من 7 صباحا للمجمع بالاتوبيس او حتى تاكسى لايتكلف كثيرا ولايتأخر أما بعد نقل ادارتى مثلا للعجوزة محتاج استيقظ 6 صباحا وان تاخرت اذهب بتاكسى ب20 جنيها من السيدة للعجوزة وبعد هذه المشقة قد يجلس الموظف فى مكان أضيق وغير مناسب فكيف يخدم الجمهور ؟. و التقط محمود موظف اخر خيط الحديث ليطالب بمراعاة الموظفين من حيث توفير مكان قريب من منازلهم او سيارات للانتقال لعملهم حال النقل لمكان خارج القاهرة وتعويضهم عن مكاتبهم حتى لايتكدسون بمكتب واحد ولايجدون ادراجا للاوراق المهمة وان تتوافر لهم التكنولوجيا التى تمكنهم من التنظيم والتيسير على المواطنين او حتى معاونتهم على انهاء مصالحهم عن بعد . الخدمات الالكترونية وهنا ذكر المهندس محمد فرج مبرمج كمبيوتر أن الحكومة بدأت توفير بعض التطبيقات التكنولوجية على الهواتف الذكية والحواسب حيث يمكن للمواطنين استخدامها لاتمام معاملاتهم عبر الانترنت والواتساب والفيسبوك . ثم استطرد ،قائلا :المشكلة أن تعميم هذا الحل اجراء غير عملى حيث أن ما يقل عن ثلث المصريين فقط هم من يتوفر لهم امكانية استخدام شبكة (الانترنت) حسب احصاءات البنك الدولي. الإخلاء خلال عام وقد أعلن اللواء ياسين عبد البارى رئيس حى غرب القاهرة أن قرار مجلس الوزراء الخاص بإخلاء مجمع التحرير، نص على أن يتم الإخلاء خلال الفترة من 30 يونيو 2016، حتى 30 يونيو 2017،تحت اشراف المحافظة . وأضاف أنه تم اخطار الجهات المعنية لتدبير أماكن بديلة لمقراتها، حيث أن المحافظة لديها نحو 395 مكتبا تابعا لمديريات القوى العاملة والتربية والتعليم والشباب والرياضة والنقل الى جانب مقرات اخرى تابعة لوزارات كالصحة والتضامن الاجتماعى والداخلية. ونفى رئيس الحى ما تردد عن تحويل مجمع التحرير إلى فندق عالمى، أو مبنى ادارى استثمارى مؤكدا أنه حتى الآن لم يصدر قرار بشأن تحويله لمشروع آخر. يشار الى أن مجمع التحرير قام بتصميمه د.م. محمد كمال إسماعيل (مصمم مبنى دار القضاء العالي بشارع رمسيس)عام 1951وتكلف إنشاؤه قرابة 2 مليون جنيه وقتها، وتم بناؤه على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً وبه 1356 حجرة للموظفين، لكن عدد من المصادر الصحفية تؤكد أن تاريخ إنشائه يعود إلى حقبة الملك فاروق، وتحديدا عام 1949 وأنه كان يمثل آنذاك أيقونة دخول مصر إلى الحداثة والوقوف على أعتاب النصف الثاني من القرن العشرين. *تجهيز مقار بديلة وصرح اللواء محمد أيمن عبد التواب نائب المحافظ للمنطقتين الشمالية والغربية للموقع بأن مجمع التحرير يضم حوالى 1310 مكاتب ، وأن هناك 400 مكتب تابع لمحافظة القاهرة و400 أخرين تابعين للداخلية وباقى المكاتب موزع على حوالى 12 وزارة. وتابع نائب المحافظ أن نقل مجمع التحرير سيتم على مراحل خلال عام لينتهى فى 30يونيو القادم 2017 مشيرا الى أنه تم بالفعل نقل المكاتب التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، وسيتم إخلاء مجمع التحرير بالتدريج بالتنسيق مع الوزارات المختلفة موضحاً أن وزارة الداخلية قررت نقل مباحث الآداب والجوازات والهجرة من داخل المجمع قبل إخلائه رسمياً. وأكمل : أما بالنسبة للادارات والمدبريات التابعة لمحافظة القاهرة فسيتم نقلها الى 3مناطق حيث خصصت المحافظة 3قطع أراضى فى حى الوابلى مساحتها نحو 740 مترا مربعا ومدينة نصر 680م والنزهة620 م وذلك لاقامة مبان ل 3 مقرات تضم جميع الإدارات التابعة لمحافظة القاهرة المتواجدة بالمُجمع لكن لم يتم تحديد موعد معين لإخلاء هذه الادارات نظرا لعدم البدء فى بناء الأبنية الجديدة فى ال 3 أحياء ، ومن أبرزها مديرية الطرق والكبارى، و المكاتب التابعة لمديريات القوى العاملة والشباب والرياضة ومقر المنطقة الغربيةبالقاهرة، وإدارات عابدين وغرب القاهرة التعليمية . *تجديد المبنى وإعادة توظيفه وأكد نائب محافظ القاهرة للمنطقتين الغربية والشمالية أنه لن يتم هدم مبنى مجمع التحرير بعد اخلائه لأنه أثرى من طراز معمارى متمبز ومن معالم القاهرة القديمة ولكن سيتم طرح مسابقة لتجديده والحفاظ على شكله الجمالي، كمبنى أثري ،وجارى دراسة اعادة توظيفه فى مشروع جدبد لم يتحدد بعد نافيا ماتردد عن تحويله الى فندق . *طراز معمارى متميز ويرى د.أيمن عاشور استاذ التخطيط العمرانى بهندسة عين شمس أن طرازمبنى مجمع التحرير وتصميم هيكله الخرسانى من حيث الممرات العديدة والصالات الواسعة وكثرة الحجرات والطوابق المتعددة أقرب للفندق او مبنى إدارى استثمارى ولكن لابد من دراسة جدوى لبحث اعادة توظيفه وهناك تجارب مماثلة فى دول عديدة يمكن الاستفادة بها . وأكد انه من غير المقبول هدم المبنى لأنه من معالم القاهرة الخديوية ولكن يمكن تجديده دون المساس بشكل الواجهة أما اعادة تخطيطه وتغييره من الداخل، فهذا مطلوب بما يتناسب مع طبيعة المشروع الجديد وحسب ما توصى به دراسات المكاتب الاستشارية الهندسية . واضاف د.ايمن عاشور أن تحويل مجمع التحرير لمبنى استثمارى أو فندق سيقلل الزحام وسيدر عائدا يمكن الانفاق منه على تطوير المبنى والميدان كواجهة حضارية بقلب العاصمة . وأكد أن بقاء المبنى كما هو دون الاستفادة منه بعد إخلائه من الموظفين وادارات العمل يمثل إهدارا للمال العام،فمن الأفضل إعادة استخدامه بشكل يليق بقيمته وحجمه وتاريخه للصالح العام .