عصفت التقلبات بأسواق المال الاميركية هذا الصيف، لا سيما بعد انخفاض مؤشر داو جونز الى ما دون 12900 نقطة في السادس عشر من اغسطس الماضي، لكن قطاع الاسهم الدفاعية قلب هذا الاتجاه، بارتفاع اسهمه واستمرارها في الارتفاع. فمصنعو المعدات الدفاعية مازالوا يجنون مكاسب كبيرة من خلال تركيز ادارة بوش بقوة على الانفاق الدفاعي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تبعها من شن الولاياتالمتحدة لما اطلق عليه 'الحرب على الارهاب'. ففي شهر يوليو ،2007 صادق الكونغرس على فاتورة للانفاق الدفاعي لعام 2008 ناهزت قيمتها 459،6 مليار دولار، اي بزيادة قدرها 40 مليار دولار على عام 2007. وبما ان قانون المخصصات الدفاعية لا يشمل الانفاق على الصراعات الجارية الان في افغانستان والعراق ولا الاسلحة النووية والمنشآت العسكرية وبعض البرامج الاخرى التي تقع ضمن ما يسمى 'الاحتياطات التكميلية'، فان من المتوقع ان يصل اجمالي الانفاق العسكري لعام 2008 الى اكثر من 650 مليار دولار(مقارنة بالانفاق العسكري لبريطانيا مثلا الذي لا يتجاوز ال 68 مليار دولار)، ولا عجب في ان الوول ستريت تبتسم للشركات الدفاعية الاميركية. خطط طموحة ولدى وزارة الدفاع الاميركية خطط طموحة لتوريد معدات جديدة لفروع القوات المسلحة الاربعة، كالطائرات والسفن والعربات المدرعة وتكنولوجيا الاتصالات. وهذه انباء طيبة لشركات انتاج المعدات الدفاعية الاميركية الرئيسية الخمس، لوكهيد مارتن وبوينغ ونورثروب غرومان وراثيون وجنرال داينامكس، اضافة الى شركات صغرى مثل تكسترون وDRS وEDO. ومن المنتظر ان تكون اكبر الشركات الدفاعية الاوروبية BAE Systems من بين المستفيدين من 'هبات' البنتاغون، فهي تمتلك جزءا مهما من السوق الاميركية، بعد موافقة الحكومة الاميركية في شهر يوليو الماضي، على صفقة تشتري BAE Systems بموجبها شركة ARMOR HOLDINGS، الامر الذي ادى الى ارتفاع اسعار اسهمها بمعدل 225 في المائة. وهناك افتراض على نطاق واسع، بان الاوقات الجيدة لشركات لا يمكن ان تستمر طويلا، وان ضغط النفقات الدفاعية آت لا محالة، ولذلك، بدأت الشركات الدفاعية الكبرى تعد العدة لبيئة مختلفة. أوقات عصيبة ويتفق بييرشاو من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ومحلل الشؤون الدفاعية غوردون ابرامز على هذا الاتجاه، حيث يقول الاخير ان مثل هذه الشركات ستواجه متاعب كبيرة عند انتهاء الحرب، لان لتمويل التكميلي سوف يجف ، وسيترتب على البنتاغون انفاق المليارات على 100 الف جندي من ضحايا او مصابي الحرب، اضافة الى نفقات تدريب ونشر قوات اخرى. فضلا عن ان الكونغرس لم يعد كما كان في السنوات السابقة على استعداد للموافقة القطعية وغير المشروطة على طلب الرئيس بوش لزيادة الانفاق على الدفاع. فميزانية 2008 ستكون اقل بنحو 3،5 مليارات دولار مما طلب الرئيس بعد ان اصر الكونغرس على وضع سقف اعلى لتمويل البرامج الرئيسية مثل انظمة القتال المستقبلية للجيش والسفينة الحربية القتالية الشاطئية للقوات البحرية والصواريخ الدفاعية، كما تتم مراجعة عدد من قواعد الدفاع الجوية خصوصا طائرة النقل C-17. وكانت البنتاغون تستعد منذ سنوات لتقييد الانفاق على الدفاع، ففي بريطانيا، حيث يسير وزير الدفاع اللورد درايسون قدما باستراتيجيته لصناعة الدفاع، يتقبل الاميركيون ايضا حاجتهم لاستراتيجية استحواذ ودعم جديدة، فقواتهم تشهد خدمات اكثر فعالية مما كانت عليه منذ جيل، لكن مواردها المالية محدودة واحتياجاتها في ازدياد مستمر فضلا عن ان عامل الوقت اصبح ضاغطا. وبتلزيم البنتاغون لعقود تجاوزت قيمتها ال 100 مليار دولار خلال هذا العام، تظل هي الزبون الاكثر جاذبية لصناعة الدفاع حتى وان كانت بانتظارها اوقات عصيبة.