استحوذت قضية اللاجئين السودانيين في إسرائيل على مساحات واسعة من الاهتمام الإقليمي والدولي على حد سواء، وذلك بما تنطوي عليه من مخاطر وانعكاسات أمنية ليس على السودان وحده بل على العالمين العربي والإفريقي خاصة بعد تزايد عدد المتسللين منهم إلى إسرائيل عبر حدودها مع مصر والذى أصبح من الظواهر المزعجة للغاية . وحسب وزارة الداخلية الإسرائيلية فإن عدد السودانيين المتسللين إلى هناك بلغ حوالى (1400) لاجئ سوداني خلال عامين فقط . وفى أول تعليق رسمى للحكومة السودانية بعد تصاعد أعداد اللاجئين السودانيين في إسرائيل حذّر مستشار الرئيس السوداني علي عبد الله مسار من خطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها السالبة على الأمن العربي والإفريقي داعياً في الوقت نفسه إلى ضرورة احتواء الظاهرة وتكامل الجهود السودانية والمصرية في هذا الصدد . وقد جاءت تصريحات مستشار الرئاسة السودانية بعد صمت طويل من جانب حكومة الخرطوم التي لم تبدِ أية اهتمام بالظاهرة ولم تتفاعل بالقدر المطلوب. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى أيهود أولمرت قد بحث قضية اللاجئين السودانيين مع الرئيس حسنى مبارك وقال بيان من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية : إن أولمرت اتفق مع الرئيس مبارك على أن تستوعب مصر اللاجئين السودانيين الذين تسللوا إلى إسرائيل وأن تسعى القاهرة لوضع حد لعمليات التسلل هذه. وقررت تل أبيب تكليف الجيش بإلقاء القبض على المتسللين وإعادتهم فوراً إلى مصر الأمر الذى أثار حفيظة منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في إسرائيل وقال مركز مساعدة العمال الأجانب في تل أبيب إن قرار أولمرت بطرد طالبي حق اللجوء السياسي يشكل خرقاً للقانون الدولي، وطالبت الحكومة بإلغاء قرارها. وفي هذه الأثناء تراجعت الحكومة الإسرائيلية من خلال تصريحات أدلى بها وزير الداخلية الاسرائيلي الذي أشار إلى أن هناك اتجاهًا لمنح اللاجئين السودانيين حق الإقامة المؤقتة إلى حين نقلهم الى بعض البلاد الإفريقية المجاورة في حين رأت تل أبيب إمكانية التعاون مع جزء صغير من اللاجئين القادمين من إقليم دارفور المضطرب (غرب السودان) شريطة توفر ضمانات بوقف ظاهرة التسلل. وحذّر مراقبون سودانيون من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستغلال ظروف اللاجئين وتعمل على تجنيد عدد منهم واستخدامهم في تنفيذ بعض العمليات الاستخباراتية في عدد من الدول العربية والإفريقية فيما أشار البعض إلى حدوث سيناريوهات سابقة عندما تسلل بعض السودانيين إلى إسرائيل في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري وكيف أن إسرائيل جنَّدتهم في جهاز مخابراتها (الموساد)، إلاَّ أن الخطة تم كشفها عندما عاد العملاء إلى بلادهم لتنفيذ « الخطة» وتم اعتقال بعضهم ويخشى البعض من تكرار ذات السيناريو . يجدر ذكره أن أغلبية المتسللين إلى إسرائيل من اللاجئين السودانيين عبر معبر رفح هم من سكان دارفور.