قال محللون إن الأزمة السياسية في تركيا وخصوصا تدخل الجيش في العملية الانتخابية يمكن أن تضر بمسيرة أنقرة الطويلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إذ انها تعزز موقف معارضي انضمام تركيا للاتحاد. وتمر تركيا بأزمة سياسية حادة بلغت ذروتها منذ الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في البرلمان حين اصدر الجيش بيانا اتهم فيه الحكومة بالتشكيك في أسس الجمهورية وفي مقدمتها العلمانية. وقالت المفوضية الأوروبية التي تندد باستمرار بالعلاقة بين الجيش والمجتمع المدني «إذا كانت دولة ترغب في أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي فان عليها أن تحترم مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ودولة القانون وغلبة السلطات الديمقراطية المدنية على العسكر». وقال ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس «لا يمكننا نحن الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبول تدخل الجيش في اللعبة السياسية. هذه مسألة مبدئية لا يمكن التفاوض بشأنها». غير انه أضاف انه لا يجب تضخيم القضية. ومع الجيش أن التركي أطاح بأربع حكومات منذ 1960، يشكك بيون في قرب حدوث انقلاب جديد وتوقع أن يتم التوصل إلى «حل مؤسساتي» للخروج من الصراع الحالي. ورأى كاتينكا باريش من معهد الإصلاحات الأوروبية في لندن انه «إذا لم يحدث انقلاب عسكري وإذا اقتصر الأمر على خلاف بشأن اسم الرئيس المقبل فانه لا يوجد أي سبب يحمل الاتحاد الأوروبي على وقف أو إبطاء مفاوضات انضمام» تركيا إلى الاتحاد الأوروبي التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2005. وعلى رغم كل ذلك فإن الخبراء بهذه المفاوضات الصعبة التي يمكن أن تستمر بين عشرة أعوام و15 عاماً يعتبرون انه من المحتمل أن يستغل هذه الأزمة بعض المسئولين الأوروبيين المعارضين أصلا دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وتوقع بيون أن «تقوم القوى المناهضة باستخدام هذه الأحداث الجارية لتأكيد أن البلاد غير مستقرة تماماً وبالتالي لا يمكنها الاندماج في الاتحاد الأوروبي»، داعياً إلى «إعادة الأمور إلى حجمها الحقيقي». وأضاف «يجب ألا ننظر إلى الأحداث على انها أبيض أو أسود بالإسلاميين الذين يسعون إلى الإطاحة بالنظام الدستوري الجمهوري من جهة والعلمانيين الذين يدافعون بشراسة عن هذا النظام جهة أخرى». وأوضح أن «معسكر العلمانيين غير متجانس» وفيه من يؤيد انقلاب عسكري. وقال النائب الأوروبي عن الخضر المتخصص في شئون تركيا جوست لاجنديجك «لا داعي للذعر. لسنا إزاء إيران جديدة. انه مجرد خصومة بين أولئك الذين يريدون تغيير تركيا وأنصار الوضع القائم» مثل الجيش. وأعرب عن أسفه إزاء «الصورة المبهمة» التي يتم الترويج لها بين الشعوب الأوروبية التي تناهض غالبية بينها أصلا انضمام تركيا. ورأى كيرستي هوجس المتخصص في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا البلد الكبير العلماني ذي السكان المسلمين في غالبيتهم، إن تضخيم المسألة «سيضر بالتأكيد بموقف الناس في أوروبا. انه وضع معقد لا يمكنهم فهمه بالضرورة». ورأى بعض المختصين أن الانتخابات التشريعية المبكرة يمكن أن تشكل استئنافاً للإصلاحات التي يطالب الاتحاد الأوروبي بها بعد عشر سنوات من الجمود المرتبط جزئياً بالحملة الانتخابية. وقال كاتينكا باريش إن «من شأن ذلك إعادة الأمور إلى نصابها وتمكين البلاد من التقدم باتجاه ما يجب القيام به».