حان الوقت لأن يكون كل المصريون على قلب رجل واحد.. أحزاب وتيارات.. وطوائف وجماعات.. اتفقنا أو اختلفنا على أي قرار لرئيس الجمهورية أو اختيار رئيس الحكومة.. ليست هي القضية الآن.. الأهم هي مصر.. التي تحتاج اليوم إلى جميع المصريين متفقين أو مختلفين.. فنحن على مدار عام ونصف العام تدهورت الأحوال.. وغني بنا وصف هذه الحالة لكم في كل المجالات.. وآن الأوان لأن نبدأ العمل ونلتقط الانفاس ونترك الفرصة لمن شاء القدر ان يتولى المسئولية في هذه الآونة.. مهما اختلفنا على اسمه أو مواصفات شخصيته أو حدود مسئولياته وقدراته.. أمضينا أياما وليالي في جدل على المقاهي وشاشات الفضائيات.. كل له رأيه ويعتبره الأصح لإنقاذ البلد والآخرون هم المخطئون.. اليوم انتهى وقت الكلام وبدأ العمل.. لدينا رئيس جمهورية.. ولدينا رئيس وزراء وحكومة جديدة.. ويجب على الجميع تقديم كل الدعم للرئيس والحكومة. بكل الثقة فيهم والأمل منهم.. أن هدف الجميع هو مصلحة مصر.. لنكف "ولو مؤقتا" عن لهجة الأنانية في الحوار واحتكار الوطنية والصواب.. وإلقاء الاتهامات جزافا والتقليل من قدرات كل مسئول.. وتخوين كل تيار وفصيل لمن يعارضونا الرأي والمواقف.. مصر لم تعد تحتاج إلى جدل يهدم لا يبني.. تحتاج إلى التقييم الموضوعي والتشجيع المحفز لكل من تولى مسئولية في هذه الظروف الصعبة.. لا يوجد مجتمع يتفق فيه كل الناس على كل الاشخاص وكل السياسات. أصبح من حق الرئيس والحكومة على الشعب اليوم أن نرفع شعار الثقة.. الصبر.. العمل.. مشاكلنا لن تنتهي في يوم وليلة.. وبدون عمل لن تتحرك الى الامام.. الشعب موجوع وكل فئاته تعاني الظلم وضياع الحقوق.. ولكن من حق الحاكم وأي مسئول ان تتيح لهم فرصة الوقت ليكون التقييم كلمة حق يستفيد منها أولو الامر ليعدلوا من أي اعوجاج.. ويحسنوا من أي فكر أو عمل إيجابي.. من حقهم ان نتيح لهم الفرصة للعمل في مناخ هادئ يعضد من قدراتهم.. ويضعهم امام مسئولياتهم التاريخية.. والدكتور محمد مرسي اختاره الشعب ليقود السفينة بمفرده وبتعاون الحكومة ومؤسسات الدولة.. ولم يختره ليشاركه كل فرد في الحكم ويعارضه ويناقشه في كل قرار.. هذه هي الديمقراطية الحقيقية.. من أتى به الشعب له كل السلطات ومن يهمل في أداء الامانة او تحمل المسئولية حسابه من الشعب.. ودور الصحافة والاعلام اليوم ان يناقش بموضوعية.. وأن يقيم كل خطأ ويواجهه على علم ومعرفة وليس لمجرد الخلاف في الرأي.. وان يشجع كل قرار وعمل جيد.. لا ان يثبط الهمم ويحبط كل مسئول.
ولكن للاعلام والشعب حق على كل مسئول.. المصريون اذكياء ووطنيون بالفطرة.. يعرفون مغزى كل قرار وهدفه.. ولن يصمتوا.. ويشتمون رائحة المصالح الشخصية لكل فئة أو جماعة.. يدركون معنى التداخل غير الحميد في حياتنا السياسية.. ويفهمون معنى الغمز واللمز عندما تزيد هذه التدخلات عن حدها في اتخاذ القرار.. فمن حق الشعب ان يعرف ويقتنع وحقه على كل مسئول الشرح والتوضيح.. لن نعيش مرة اخرى حديث السلطة المستبدة.. "اتركوهم يكتبون او يصرخون كما يشاءون ونحن نفعل ما نريد".. من حق الاعلام والشعب ان يعبر عن مخاوفه حتى من النوايا. وان كان حسابه لابد ان يكون على الفعل.. وكل ما يضر مصر.. لصالح حزب أو تيار أو جماعة.. النخبة السياسية على الساحة لا يمكن تهميش دورها او التعامل معها على اساس انها ظاهرة صوتية.. هم مشاركون حقيقيون.
مصر اليوم في حاجة الى الاستفادة من كل رأي وخبرة وواجب على كل مسئول ان يتعامل أولا وأخيرا مع ما يتفق والمصلحة الوطنية.. دون تحيز او مجاملة.. لن يعوق مسيرة العمل الوطني وبرنامج النهوض بمصر إلا محاولات ارضاء كل الاطراف.. من يحاول ان يرضي الجميع لن ينجح ولن يرضي احدا وسوف يخسر نفسه وقراره.. لن نتهم طرفا او جماعة بالعمل لمصلحتها.. ولكن على كل هؤلاء ان يكونوا على مستوى المسئولية الوطنية والتاريخية بمعاونة رئيس الجمهورية ورئيس حكومته ومعاونيه ومستشاريه لاتخاذ القرار الأصوب والأصلح لمصر. اليوم تكتمل الحكومة الجديدة.. وبالامس اطلق رئيس الجمهورية حملته القومية لنظافة البلد.. آن الاوان لان ننطلق للقضايا الاكثر اهمية داخليا وخارجيا.. ولكن ماذا نفعل هذا قدرنا ان تكون النظافة من اولويات عمل رئيس الجمهورية.. امام الرئيس وحكومته الجديدة مهام لن يصبر عليها المواطن البسيط.. يحتاج الى اجراءات فورية لاعادة الامن والانضباط في الشارع وأن يطمئن المواطن على حياته واملاكه.. نحتاج الى تفسير مقنع ومشاركة المواطن في مشاكل بلده.. من انقطاع الكهرباء والمياه وسوء الخدمات في كل المجالات.. لابد من الحوار الصادق من الرئيس مرسي ورئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل ومن كل الوزراء حول كل مشكلة وخطة عمل لمواجهتها.. ما سبب ازمات البنزين والسولار وكيف سنواجهها؟! ازمة المرور وما هي حلولها؟! ومتى سنبدأ فيها؟! احوالنا اليومية تحتاج الى جهد وعمل.. حتى ننطلق الى برامج النهضة الحقيقية لاقتصاد مصري على حافة الافلاس.. واستثمارات مصرية تهرب الى الخارج واستثمارات اجنبية متوقفة او تصفي اعمالها.. وتصدير متوقف وتآكل قوت يومنا بالاستيراد اليومي بالدولار. نحتاج الى حلول هادئة لمواجهة كل المطالب الفئوية ومواجهات حاسمة لكل مظاهر الفوضى والبلطجة وقطع الطرق.. وايقاظ القانون من غفوته وتنفيذه على الكبير قبل الصغير.. القوي قبل الضعيف.. لابد من مواجهة اسلوب لي الذراع.. الكل يأخذ حقه بالقانون وليس بالبلطجة وتعطيل العمل ومصالح الناس وتشويه سمعة مصر في الدنيا.. الاعلام الغربي كله توقف عن الاشادة بثورة مصر وبدأ الحديث عن فوضى مصر والرعب والبلطجة في الشارع المصري وجماعات الارهاب التي تحكم سيناء. امامنا العسير ولابد ان نخلص من هموم البلد الداخلية حتى نفيق لما هو الاصعب والاهم وما يمس أمن مصر القومي ووجودها الحقيقي.. امامنا تحد لمؤامرات فرض سلام غير عادل واعادة صياغة شاملة لمنطقة الشرق الاوسط.. وامامنا الموت عطشا بما صنعته أمريكا وإسرائيل بما يسمى اتفاقية مياه حوض النيل.. ومن حسن الطالع ان يتولى الدكتور هشام قنديل رئاسة الحكومة ولديه الالمام الكامل بالقضية وتطوراتها ويعرف مدى خطورتها الحقيقية على مصر. المهام صعبة.. والتحديات كبيرة.. ولن يستطيع اي مسئول أن يرضي كل الاطراف.. ومصر تحتاج الجميع والامل ان يلتف جميع ابنائها ويصبح الهدف الاول والاخير مصلحة مصر ولا شيء آخر. نقلا عن جريدة أخبار اليوم