يعتبر مبدأ المواطنة من الموضوعات المهمة في التاريخ السياسي والاجتماعي وأساسا مهما في البناء الدستوري والسياسي لأي دولة كانت.إن مبدأ المواطنة كما تناولته مختلف المراجع السياسية هو علاقة تبدأ بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة وما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق وواجبات في تلك الدولة ويندرج ضمن هذا المفهوم الحرية وما يصاحبها من مسئوليات, فالمواطنة تسبغ علي المواطن حقوقا سياسية وأخري قانونية واجتماعية وثقافية واقتصادية, وهي اذن مصطلح سياسي حي ومتحرك يتوافق مع اهمية وقيمة الانسان بصفته مواطنا ينتمي إلي الدولة.. والمواطنة كما يراها المفكرون هي ثمرة نضال المحكوميين لاستخلاص السلطة من ايدي الحكام الغرباء عنهم وعن الوطن حيث اقترن مفهوم المواطنة بمصطلحات عبر التاريخ بإقرار المساواة والعدالة فهو مصدر الحقوق ومناط الواجبات بالنسبة لكل من يحمل جنسية الدولة دون تمييز عرفي أو ديني والانتماء إلي الدولة ذات المؤسسات الدستورية يختلف عن الانتماء إلي القبيلة أو الطائفة في انه يتاح لكل الافراد متي توافرت لهم الشروط القانونية والدستورية التي تسمح بوجود المعارضة وكلما زاد نضجها نمت الحريات التي يتمتع بها أفرادها.. ولا يعني ذلك ان مبدأ المواطنة يعني بأي حال انكار للرابطة القومية او الدينيةاو حتي الرابطة الطبقية التي تجمع اغلبية او بعض المواطنين في القطر الواحد؟!وفي خضم العلاقة الطردية التي تربط بين المواطن والدولة تتبلور مبادئ أساسية تتعلق بمفهوم أو مبدأ المواطنة ينبغي التأكيد عليها سعيا لتنمية وتفعيل هذا المفهوم منها: يقتضي مبدأ المواطنة بآبعاده المختلفة( سياسيا ودستوريا وقانونيا واداريا) ان يركز منطق التعامل في الدولة والمجتمع علي موجبات هذه المواطنة أي المشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات. المساواة لكل فئات المجتمع بغض النظر عن الجنس أو الدين أو اللغة, واحترام حرية الرأي والتعبير. مراعاة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تمكن المواطن من التعبير عن رأيه ومصالحه بحرية إذ لا معني لوجود حقوق قانونية وسياسية ما لم يتوافر الحد الادني من ضمانات ممارستها علي أرض الواقع. يرتبط مبدأ المواطنة ويتأثر بالتطور السياسي والاجتماعي وبعقائد المجتمع وبقيم الحضارات والمتغيرات العالمية وتحتل حقوق المواطنة محورا رئيسيا في النظرية الديمقراطية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم إضافة إلي تداول السلطة سلميا. ان تجسيد مفهوم المواطنة في الواقع علي أساس القانون الذي من شأنه معاملة وتعزيز حكم الدين يعتبرون بحكم الواقع أعضاء في المجتمع علي قدم المساواة بغض النظر عن انتمائهم القومي أو طبقتهم وعلي القانون ان يحمي وأن يعزز كرامة واستقلال واحترام المواطن وان يقدم الضمانات القانونية لمنع أي عدوان علي الحقوق والحريات المدنية والسياسية. ان تطبيق المبادئ المتقدمة علي واقع الحال في الدستور المصري نجد ان المادة الاربعين من الدستور قد نصت بشكل قاطع وصريح علي مبدأ المواطنة بقولها( المواطنون لدي القانون سواء, وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لاتمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الاصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة).وبذلك يكون الدستور قد أرسي مبدأ المواطنة بين جميع افراد الشعب المصري امام القانون بحيث يكون لهم حق التمتع بالحقوق سواء المدنية منها أو السياسية وعليهم ان يؤدوا ما عليهم من واجبات وفرائض عامة, وذلك علي قدم المساواة,, وهي مساواة قانونية كما تضمن الدستور عددا من الحقوق والحريات العامة. وبذلك فإن هذا النص في صراحته لا يحتاج إلي أي اضافة أو تعديل وهذا النص هو المعيار المميز في العلاقة بين الفرد والمواطن والفرد الاجنبي بالدولة من حيث الحقوق والواجبات وهذا النص لا يتناقض مع نص المادة الثانية كما سبق البيان.والواقع ان هذا النص ليس جديدا في الدستور المصري.. وإنما هو نص قديم تتناوله مختلف الدساتير المصرية السابقة علي الدستور الحالي ولم يثر التطبيق العملي له اية اشكاليات او عقبات.. بين المسلمين والاقباط عبر مراحل التاريخ, بل انه كان مكونا اسياسيا من مكونات الدولة المصرية بصيغتها المدنية المعبرة عن انصهارها وتفاعل الاقباط والمسلمين عبر تاريخ مصر السياسي والذي أدي إلي تحقيق الاستقرار ومن هنا تصبح الحاجة إلي تأكيد وتفعيل مبدأ المواطنة ضرورة حتمية ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنمية وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني لتنتقل المواطنة من كونها مجرد توافق او نصوص صامته لتصبح المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات قيمة اجتماعية واخلاقية وممارسة سلوكية وإدراكا سياسيا بناء.إن التعديلات الاخيرة التي تكرس المواطنة نقلة نوعية علي طريق الديمقراطية.