"الملعقة الفضية" للمعاقين

صممت طالبة في إحدى المدارس المتوسطة بأبها جهازا يساعد المعاقين خاصة فاقدي الأيدي على تناول الطعام، واستوحت الطالبة فكرتها من حلقة تلفزيونية شاهدتها حول معاق بدون يدين تمكن من التغلب على إعاقته، والعمل في تصليح الساعات.
تروي ياسمين أحمد محمد إسماعيل التي تبلغ من العمر 14 عاما، وتدرس بالمتوسطة السادسة في أبها قصتها مع هذا الاختراع وتقول "بدأت الفكرة وأنا في الصف الثاني المتوسط، عندما تم الإعلان عن عزم المدرسة تنظيم رحلة إلى أحد مراكز المعاقين في أبها، ولكن لظروف لا أعلمها ألغيت الرحلة، ربما خوفا من عدم قدرة بعض الطالبات على مشاهدة المعاقين، وكنت إحدى المهتمات بذهاب في هذه الرحلة، وعندما ألغيت الرحلة، بدأت أفكر في حياة المعاقين، كيف يأكلون طعامهم وكيف يشربون؟ وكان تفكيري إنسانيا فقط".
ساعاتي بلا يدين
وأشارت ياسمين إلى أن كيفية تناول المعاقين لطعامهم سيطرت عليها، خاصة عندما شاهدت في التلفزيون حلقة ظهر بها شخص يداه مقطوعتان، ويعمل في مهنة تصليح الساعات، وكان يستعيض عن يديه بقدميه، وكان يمسك المفك بأصابع قدمه، ويصلح الساعة بالقدم الأخرى، ومن هنا بدأت الفكرة.
وأضافت ياسمين "لكن في الصف الثالث متوسط عندما قررت اختراع شيء، اتجه عقلي إلى المعاقين، ووجدت أن أهم شيء أن أصمم جهازا يساعد معاقي الأيدي على الاعتماد على أنفسهم في تناول الطعام، فعرضت الفكرة على أبي وأمي وأعجبتهما، وبدأا في تشجيعي، وبدأنا في البحث عن الخامات المناسبة لتنفيذ الجهاز".
الملعقة الفضية
وأضافت ياسمين أن المعلمة نجاح آل محسن مسؤولة الموهوبات بالمتوسطة السادسة في أبها طلبت منها ومن زميلاتها اختراع شيء يفيد الناس، وكان لها دور أساسي في تشجيعها على الابتكار.
وعن مكونات الجهاز وتكلفته قالت ياسمين " كلفني الجهاز من 30إلى 40 ريالا، وهو عبارة عن سيخ حديد أحضرته من السوق الأمتار الثلاثة منه بسبعة ريالات، والبكرة عبارة عن صينية لتقديم الطعام، والقاعدة كانت عبارة عن لوح من البلاستيك يستخدم لتقطيع الطعام، ثم صحن يوضع به الطعام ومعلقة. نفس الصحن الذي استخدمته كبكرة، استخدمته كقاعدة للصحن الذي يأكل فيه المعاق، وأسميت الجهاز "الملعقة الفضية".
وعن مزايا الاختراع قالت "إمكانية تثبيته بالطاولة التي يأكل عليها المعاق وسهولة فكه وتركيبه، وإمكانية وضع الصحن بأي مقاس، وسهولة فك الملعقة وتركيبها عند الحاجة لغسلها، وهو مناسب لتناول السوائل وبعض الأطعمة البسيطة كالأرز والمعكرونة".
وذكرت الطالبة أن استعمال الجهاز بسيط، فلا يحتاج من المعاق إلا لقدم واحدة لاستخدامه، وما عليه إلا الضغط على المكان المخصص لذلك، حتى تتحرك الملعقة وتأخذ جزاء من الطعام وترتفع إلى مستوى الفم لكي يتناول الطعام.
وقالت ياسمين إنها تفكر حاليا في تطوير الجهاز، بتزويده بدائرة كهربية لكي يعمل بالكهرباء، ليكون أكثر سهولة في الاستعمال ويفيد فئات أخرى من المعاقين خاصة من يعانون من الشلل.
مكونات من الحراج
وعن بوادر حب الاختراع لدى الطالبة ياسمين يقول والدها أحمد محمد اسماعيل هلال، المهندس المعماري بشركة التعفف للأعمال الكهربائية "ظهرت علامات حب التصميم والابتكار لدى ياسمين عندما كانت في السادسة، وكان يشاركها هذه الهواية شقيقها عبد الرحمن (7 سنوات حينئذ )، كانا يمسكان بعدد الأدوات مثل سماعة راديو صغير ويعيدان تركيبها، أو عمل مروحة صغيرة باستخدام ملف صغير وبطارية مهملة، وتشكيل باص من الخشب بشبابيك وعجلات عن طريق القص واللزق والبخاخ".
وأضاف أنه كمهندس معماري كان يحضر لهما مكعبات صغيرة من الرخام ليقوما بتركيبها وعمل أشكال، وأسلاك حديدية وصواميل، فقاما بالاشترك في تركيب هيكل لمبنى.
ويضيف والد الطالبة " عندما عرضت علي ياسمين الفكرة ذهبنا للحراج لإحضار بعض الأدوات الصغيرة لتنفيذ الجهاز، وجلست معها في محاولة تشكيل الأسلاك باستخدام حديد مطاوع سهل التشكيل، إلى أن وصلت إلى فكرة قريبة من هذا الشكل، وبدأنا نحل مشكلة الحركة، كيف تتحرك العجلة، كيف تكون الحركة الرأسية للقدم، وتحويلها إلى حركة أفقية بالمحور الأفقي، ثم تحويلها عند وصول الملعقة للفم لحركة رأسية مرة أخرى، وقامت ياسمين بالتغلب على هذه المشكلة عن طريق التروس، ونجحت في تصميم الجهاز".
طالبة متفوقة
وقالت معلمة العلوم ومسؤولة الموهوبات بالمتوسطة السادسة بأبها نجاح آل محسن "في كل عام يتم الإعلان عن مسابقة جائزة الملك عبد العزيز للإبداع العلمي التي تقام سنويا، وكان هناك توجيه بتشجيع الطالبات على الابتكار والإبداع، لأنهن جيل المستقبل، ومن بداية العام الدراسي بدأت في حث الطالبات على الابتكار".
وأضافت " الطالبة ياسمين متفوقة علميا ومن الطالبات المثاليات بالمدرسة، وتابعتها أولا بأول، وبعد فترة أحضر لي بعض الطالبات عددا من الأفكار كان أفضلها فكرة ياسمين بتصميم جهاز صغير يمكن المعاق من تناول الطعام بسهولة".
وعن إمكانية التوجه لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية للحصول على براءة اختراع للجهاز قالت المعلمة "لا أدري ما هي الخطوة المقبلة، وسنواصل مساعدة الطالبة والمتابعة معها في أفكار أخرى"، مشيرة إلى التشجيع ومتابعة الدعم الذي تلقاه الطالبات، وتشجيع مديرة المدرسة على هذا الاتجاه، حيث يتم منحهن شهادات تقدير، ودعمهن ماديا عند الضرورة.