في نهاية أشد الأعوام حرارة في التاريخ يسعى مفاوضون في مجال المناخ السبت لإبرام اتفاق تاريخي سيحول اقتصاد العالم الذي يقوم على استهلاك الوقود الحفري خلال عقود ويقلب ميزان المعركة ضد ظاهرة الاحتباس الحراري. وبعد أربعة أعوام من محادثات مكثفة للأمم المتحدة تضاربت فيها كثيرا مصالح الدول الغنية والفقيرة ومصالح الدول الجزر مع مصالح الاقتصادات الصاعدة سيقدم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أحدث مسودة لاتفاق المناخ الساعة 11:30 صباحا بالتوقيت المحلي (1030 بتوقيت جرينتش). ويأمل فابيوس في التوصل لاتفاق شامل للحد من الانبعاثات المتزايدة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري خلال ساعات. وإذا فشل في التوصل لهذا الاتفاق فقد تستمر المحادثات حتى يوم الأحد. وأكد مصدر في الحكومة الفرنسية أن المفاوضين توصلوا لمسودة جديدة من الاتفاق وإنه يجري ترجمتها للغات الست الرسمية للأمم المتحدة قبل عرضها على الوزراء. وقال وزير خارجية جزر مارشال توني دي بروم "أعتقد أننا انتهينا هنا" معبرا عن أمله في التوصل لاتفاق. وقال إن المفاوضين ظلوا مستيقظين حتى الرابعة فجرا للعمل على صياغة الاتفاق. وخاض مسؤولون من 195 دولة مفاوضات امتدت خلال الليل في مسعى لحل النقاط الشائكة الرئيسية التي تبدو مستعصية ومنها صياغة هدف تقليص الانبعاثات الكربونية خلال هذا القرن. وقال فابيوس للصحفيين في وقت متأخر يوم الجمعة "كل الظروف مواتية للتوصل إلى اتفاق عالمي نهائي وطموح." ودعا لحل الخلافات العميقة التي لا تزال قائمة مثل تمويل الدول النامية. وتابع قوله "لم يكن هناك زخم بهذه القوة من قبل." ومن المرجح أن تلقى النتيجة – التي تتضمن تعهدات بإنفاق مليارات الدولارات لتسهيل التحول إلى استخدام الوقود منخفض الكربون ومساعدة الدول النامية على التعامل مع تداعيات تغير المناخ من الفيضانات إلى موجات الحرارة – إشادة من قبل الكثيرين بسبب طموحها بينما سينتقدها آخرون بحجة الافتقار لهذا الطموح. وإذا لاقى الاتفاق نجاحا فسيكون رمزا قويا لمواطني العالم ومؤشرا للمستثمرين للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين على أن العالم لا يزال لديه رؤية مشتركة لخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تلقى عليها بالمسؤولية عن ارتفاع درجات حرارة الكوكب ولديه خريطة طريق لإنهاء هيمنة الوقود الحفري المستمرة منذ أكثر من قرنين. وبتحديد نهج مشترك يأمل الزعماء أن يصبح رؤساء الشركات والمستثمرون أكثر استعدادا لانفاق تريليونات الدولارات حتى تحل الألواح الشمسية ومزارع الرياح محل طاقة الفحم. وقال هانز يواكيم شولنباور مدير معهد بوتسدام لأبحاث آثار المناخ "الأمر سيرجع لقطاع الأعمال والمستهلكين والمواطنين ولا سيما المستثمرين لاتمام هذا العمل." ولكن على النقيض من بروتوكول كيوتو وهو آخر اتفاق مناخي كبير أبرم عام 1997 لن تكون معاهدة باريس ملزمة قانونا وهو أمر من شبه المؤكد أن يقابل بالرفض في الكونجرس الأمريكي. وبدلا من ذلك سيترك الأمر لكل دولة أن تحدد المسار نحو الطاقة النظيفة بطريقتها الخاصة وأن تفي بتعهدات قدمت قبل القمة بأسبوعين. وفي الولاياتالمتحدة سيرى الكثير من الجمهوريين المعاهدة بوصفها محاولة خطيرة لتهديد الرخاء الاقتصادي من أجل مستقبل غير مضمون حتى لو كان أقل تلوثا. وستمثل معاهدة باريس الانجاز المحدد لميراث الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي حذر من "عدم الحكم على أطفالنا أن يعيشوا في كوكب لا يكون في مقدورهم إصلاحه" كما سيطوى صفحة القمة المناخية السابقة في كوبنهاجن قبل ستة أعوام التي باءت فيها محاولة الاتفاق على زيادة القيود على انبعاثات الكربون بالفشل.