بات إنعقاد مجلس النواب المصرى والذى يمثل الحلقة الثالثة من مثلث الاستحقاقات الانتخابية فى خارطة المستقبل، ولازال الجدل كبير بين المتابعين والمتخصصين حول مجلس النواب ودوره فى المرحلة القادمة، وشكل التحالفات الانتخابية، والتعامل مع العديد من المضوعات التى باتت عاجلة وفقا للدستور ومنها أولاً: اللائحة الداخلية للمجلس التى تنظم شئون عمله وعلاقته بالحكومة. ثانياً: القرارات بالقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وضرورة نظرها خلال 15 يوما من انعقاد البرلمان. ثالثاً: التعامل مع الحكومة وبرنامجها خلال شهر من الانعقاد لمنحها الثقة أو السجالات لتشكيل حكومة أخرى من خلال الائتلافات والتحالفات السياسية داخل البرلمان وهو الأمر الذى قد يكون مخاطرة فى ظل وضع الدستور شهرا كحد أقصى للتشكيل وعرض البرنامج والحصول على ثقة البرلمان وإلا عد البرلمان منحلاً. رابعاً: استكمال القوانين وفقا للدستور، والتى تتعدى 100 قانون، والبعض منها مكلف به المجلس خلال دور الانعقاد الأول وعلى رأسها قانون العدالة الانتقالية والمصالحة التى يمكن أن تقتصر على الجانب الاقتصادى وبالتالى تزيد من موارد الدولة، وأيضا قانون بناء دور العبادة. خامساً: ضرورة التفكير فى الإطار العام للتنظيم المحلى والانتقال للامركزية وإجراء الانتخابات المحلية وقت قريب -لن يقل عن عام من الآن-. وعلى الرغم من أن هناك بعض السلبيات فى إدارة العملية الانتحابية، وبعض الخروقات من المال السياسى إلا أن كافة المتابعين للعملية الانتخابية أكدوا على أن التجاوزات أو المشاكل فى العملية الانتخابية لم توثر على الثقة فى العملية وعلى نزاهة وحرية الانتخابات البرلمانية. وظهر جليا حرص الدولة لإتاحة الفرصة أمام كافة المتنافسين وعدم التدخل من قريب أو بعيد فى العملية الانتخابية. وعلى الرغم مما يثار حول تركيبة مجلس النواب القادم، وهل سيتم بناء تحالف قوى يمثل الأغلبية، وما هو توجه؟، وكيف ستسير الأمور فى البرلمان، فكلها اجتهادات وقراءة لا يمكن الاعتماد عليها، فالمجلس القادم سيكون مغايرا لأى مجلس آخر فى نواحى عدة، كما أنه لا يمكن رصد أو توقع اتجاهات الأعضاء وتحالفاتها أو التنسيق بينها فى ظل وجود ما يقرب من 50% من المستقلين داخل المجلس، وكل ما يثار حول حسم بعض الأمور وتوزيع اللجان داخل المجلس اجتهادات واعتقد أنه ستكون هناك مفاجآت كبيرة وسيكون هذا من أول جلسة. موقع "أخبار مصر" www.egynews.net أجرى حواراً موسعاً مع عدد من الخبراء والمتخصصين حول طبيعة عمل المجلس وأهم التحديات التى ينتظرها مجلس النواب المقبل ومستقبل المعارضة داخل المجلس. البداية كانت مع الدكتور كريم سيد عبد الرازق مدرس العلوم السياسية جامعة الأسكندرية حيث قال لا بد من التعلم من تجاربنا وأخطائنا، وتداركها فى المرحلة الثانية، ويمكن وضع بعض الاقترحات على النحو التالى: وضع ونشر السير الذاتية للمرشحين على الموقع الإلكترونى للجنة العليا للانتخابات، وكذا زيادة الجرعات التثقيقية والتحفيزية للمشاركة فى الانتخابات، مع الصرامة فى تطبيق القانون خاصة مع المخالفين وعلى الأخص فى الدعاية الانتخابية وسقف الإنفاق. وأضاف: على الإعلام التركيز على التعريف بالمرشحين بالحيادية المطلوبة، وتحفيز المواطنين على المشاركة بعيدا عن التخويف من البرلمان ودوره وصلاحياته. على الحكومة الاستمرار فى حيادتها والالتزام بالاستمرار بالأمور اللوجيستية والتنظيمية فقط للعملية الانتخابية، مع الإعلان عن يوم أجازة للمشاركة فى الانتخابات أو نصف يوم عمل قبل وقت كاف من الانتخابات. على المواطنين المشاركة فى اختيار نوابهم، وكما تزداد المشاركة تقلل محاولات استغلال المال السياسى، أو الدعاية الدينية، وكما كان الاختيار أفضل ومعبر بالفعل عن المواطنين. وأشار عبد الرازق أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي دعا فيها المصريين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، تهدف في المقام الأول إلى تحفيز الناخبين للمشاركة في الانتخابات، والتأني في اختيار المرشح. كما أن أن الرئيس كانت ضرورية، وتستهدف فئات المجتمع الأكثر تأثيرًا في العملية الانتخابية، وظهر استجابة خاصة من المرأة المصرية ودورها فى كافة الاستحقاقات الدستورية. وأن هذه الكلمة من شأنها أن تبث الحماس في صدور الكثير من المصريين المحبين للرئيس، وتدفعهم إلى المشاركة بقوة في هذه الانتخابات، حيث أن الرئيس السيسي وضع الجميع أمام مسؤولياته، بضرورة المشاركة في هذه الانتخابات حفاظًا على حق المواطن الدستوري. وأعتبر كريم أن الحديث عن تعديل بعض مواد الدستور أمر سابق لأوانه، فالمطلوب أولا تطبيق الدستور والعمل به لفترة ثم تقييمه وتقييم ودراسة مدى الحاجة إلى تعديل بعض مواده. وكان هناك حملات كبيرة لتعديل بعض مواد الدستور دون الدراسة الكافية والمتأنية، واعتقد أنه عندما اشار الرئيس عبد الفتاح السياسى إلى أن "الدستور المصري كُتب بالنوايا الحسنة، والدول لا تُبنى بالنوايا الحسنة"، خلال لقائه بالشباب في "أسبوع شباب الجامعات"، كان هدفها الأساسى تحفيز الشاباب على المشارمة والتدقيق فى الاختيار . وقال رأى الشخصى، أن أى عمل بشرى يحتاج إلى إعادة النظر والتعديل بالطبع، ولكن يجب أن يكون التعديل بعد التطبيق والممارسة الفعلية والتأكد من ضرورة وجدوى هذا التعديل واعتقد أن مجلس النواب القادم لكن يكون على أولوياته التفكير فى تعديل الدستور على الأقل لمدة عاميين، وستكون هذه فترة كافية لتقييم الممارسة الفعلية والتأكد من مدى الاحتياج أو ضرورة التعديل. ويقول رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية والذي أكد أن البرلمان المقبل ستختفي فيه المعارضة الحقيقية وسيكون عبارة عن "مياه واحدة" والسبب في ذلك هو إستحواز قائمة في حب مصر على القوائم بأغلبها و 210 من المستقلين يحاولون إستقطابهم للإنضمام لإئتلاف جديد اسمه "في حب مصر أملنا" وبالتالي لن تكون هناك معارضة حقيقية وإنما سيكون البرلمان تابع وجزء من الحكم. وحول تجربة الإنتخابات ككل قال محسن: التجربة عدت بما لها وما عليها لكن ننتظر الأمل في الهيئة الوطنية للإنتخابات وقانوناً جديداًومجالس محلية جديدة وأيضاً أحزاب حقيقية تنمو خلال ال5 سنوات المقبلة. وبالنسبة لأهم التحديات: * التحدي الأول يتمثل في لائحة المجلس الجديد. * أولويات البرلمان التشريعية والرقابية. وأضاف أن إختيار رئيس مجلس النواب المقبل لن يخرج عن إختيارات قائمة في حب مصر أو أحد المعينين من ال27 الذي يعينهم رئيس الجمهورية. وبالنسبة لحديث البعض عن تقليص لاحيات الأعضاء قال محسن: كل ما يقال شائعات فاللائحة هي صاحبة القرار فيما يخص الأعضاء وأتصور أنه لا يوجد ما يسمى تقليص الصلاحيات للنواب وإنما كله شائعات. من جانبه يقول الدكتور يسري العزباوي رئيس منتدى الانتخابات بمركز الأهرام، إن هذه الإنتخابات مليئة بالمفاجآت والإشكاليات أحد هذه الإشكاليات هي الحديث عن عدم مشاركة الشباب وفي نفس الوقت وجدنا لهم تمثيلاً كبيراً داخل البرلمان. الثانية في ظل الحديث عن تعاظم المال في العملية الإنتخابية شهدناً سقوطاً مدوياً لعدد كبير من رجال الأعمال داخل الإنتخابات. وأضاف العزباوي أن الحديث الذي أثير حول قله تمثيل المرأة وجدنا عدد النساء داخل البرلمان لأول مرة في تاريخ البرلمانات من 52 ومنذ أن أنشأ البرلمان المصري حيث فازت 5 سيدات في المرحلة الأولى و18 اليوم في الإعادة. كذلك الأقباط لأول مرة يفوز 13 قبطي خارج الكوته. لذا خرجت هذه الإنتخابات بشكل أكثر إيجابية من حيث التنظيم والتأمين عن أي إنتخابات سابقة. وحول عدد من يجرى حولهم الإعادة قال العزباوي: 22 حزب بواقع 193 مرشح على 213 كرسي و18 إمرأة و18 قبطي. أما بالنسبة لرئيس البرلمان القادم قال من الأفضل أن يكون ذو حنكة سياسية وذو خلفية قانونية لأنه سيكون مسئول عن إدارة الجلسات وإدارة أعمال المجلس ويكون لدية علاقات جيدة إيجابية وتوافقية مع كل الأحزاب السياسية الممثلة وغير الممثلة. ويقول الكاتب الصحفي والمؤرخ محمد الشافعي أنه رغم عدم الإقبال الكبير على صناديق الإقتراع ورغم توحش المال السياسي ورغم ضعف الأداء الحزبي إلا أن إكتمال البرلمان المصري الجديد يعد خطوة كبيرة ومهمة في طريق إكتمال البناء الديمقراطي ورغم أن النواب الجدد ليس فيهم الكثير من أصحاب التجارب البرلمانية المهمة مثل نائب الإسكندرية كمال أحمد إلا أن التجربة حتماً ستفرز العديد من النواب الجدد أصحاب الأداءات البرلمانية المتميزة وذلك لن يحدث بترك النواب لمهمتهم الرئيسية وهي الرقابة والتشريع بما يعني ضرورة الأداء الحكومي رفيعي المستوى حتى يتخلص من نموذج نائب الخدمات. وحول التحديات التى تواجه البرلمان المقبل قال الشافعي: أعتقد ان ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي في حف إفتتاح وتطويرميناء شرق بورسعيد يمثل النموذج الأمثل للتحديات حيث تحدث عن تحديات الإرهاب والفساد والإستهداف الخارجي وفي رايي أن الفساد هو أخطر التحديات التى تواجه البرلمان القادم وعليهم إن ىكانوا حقاً يتسمون بالإنتماء الوطني الصحيح أن يحاربوا وبضراوة كل اشكال الفساد لأن هذا البرلمان له صلاحيات كبيرة في الدستور الجديد وهو برلمان جاء بعد ثورتين وجاء في ظل تحديات كبيرة تواجه مصر ولذلك نرجوا ونأمل أن يرتفع أعضاء البرلمان إلى مستوى التحدي.