قال دونالد كابيروكا رئيس بنك التنمية الافريقي الخميس انه مازال من المبكر جدا توقع مدى قدرة دول شمال افريقيا التي شهدت تغيرات ثورية وهي مصر وتونس وليبيا على توفير التمويلات اللازمة للتنمية وتوفير الوظائف والوفاء بالمطالب الاجتماعية لشعوبها. وشدد كابيروكا في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإفريقي والذي عقد في أروشا بتنزانيا على أن التوقعات الاجتماعية لشعوب هذه الدول كبيرة ومازال من المبكر جدا معرفة المسار الاقتصادي لدول شمال إفريقيا في الامد المتوسط مشيرا الى أن هذه التغيرات الثورية في بعض دول شمال القارة تزامنت مع الاضطرابات المالية بمنطقة اليورو. وقال ان الحكومات المنتخبة بتلك الدول سيتعين عليها الاضطلاع بهذا الدور للوفاء بالتطلعات والمطالب الاجتماعية لشعوبها التي تستحق ذلك وخاصة ايجاد فرص عمل ومجتمع أكثر عدالة ومساواة مشيرا الى ان بنك التنمية الافريقي سيلعب دورا في هذه الجهود. وأشار الى أن شعوب شمال افريقيا لديها توقعات كبيرة وانها دفعت ثمنا غاليا من أجل التطلعات المستحقة وذكر ان اجتماعات البنك التي عقدت في لشبونة في يونيو الماضي ركزت على آثار هذه الاحداث التاريخية التي شهدتها شمال القارة وعرفت باسم "الربيع العربي" وان المشاورات تركزت على آثار هذه الاحداث على القارة بالكامل وتأثيرها على عمل البنك. وقال أن هناك تطلعات كبيرة لشعوب تلك الدول وخاصة فيما يتعلق بتحقيق نمو اقتصادي شامل وتوفير وظائف وفرص عمل لشباب تلك الدول, مشددا على أهمية الدور الذي يلعبه البنك في اعادة الاعمار والتنمية في الدول الافريقية. وأضاف دونالد كابيروكا رئيس بنك التنمية الافريقي أن البنك يضطلع حاليا بدور كبير في توفير الموارد المالية لاعادة الاعمار في دول القارة وخاصة في كوت ديفوار وجنوب السودان والتي تعد احدث دولة عضو ببنك التنمية الافريقي والاتحاد الافريقي. قال ان البنك سوف يخصص مواردا كبيرة لاعادة بناء جنوب السودان في اطار عملية التكامل الاقتصادي واعادة الاعمار والتعايش السلمي مع كل الدول المجاورة. وأشار الى أن الاداء الاقتصادي لدول منطقة جنوبي الصحراء الافريقية مازال قويا وان متوسط نموها الاقتصادي بلغ 5.9 % في عام 2011 و 6 % في عام 2012. وأشار الى أن ثلث دول تلك المنطقة تسجل في المتوسط نموا اقتصاديا يدور حول 7 % وأن عددا قليلا منها يسجل نموا يبلغ أكثر من 10 %. وفي المقابل قال إن هناك تدهورا اقتصاديا مازال مستمرا في بعض دول القارة مثل مالي التي شهدت انقلابا وعودة الى النظام العسكري وانتكاسة ديمقراطية قوية ووجود تهديدات بتفكيك الدولة كما اشار الى استمرار عدم الاستقرار في غينيا بيساو والفوضى المستمرة في الصومال منذ 22 عاما والخراب بمنطقة الساحل الافريقي والاضطرابات بمنطقة القرن الافريقي وقال ان كل ذلك يعد مؤشرا على وجود مخاطر محتملة مازالت تنتاب بعض اجزاء القارة. وأشار الى ان الاقتصاد العالمي تعرض قبل 3 اعوام ونصف الى غيبوبة عميقة وان الاضطرابات الحالية في منطقة اليورو تعد الاسوأ والأطول في الذاكرة المعاصرة للعالم وادت الى اضعاف قدرات البنوك وصعبت من وظيفتها وادت الى تفاقم مشاكل الديون السيادية وزيادة مستويات البطالة. وشدد دونالد كابيروكا رئيس بنك التنمية الافريقي على أن القارة الافريقية بصفة عامة لم تعد تتسم بمرونة كبيرة لمقاومة الهزات الخارجية موضحا ان القارة لم تتأثر كثيرا بالازمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008 لكن مرونة القارة لم تعد قوية في مواجهة الازمة المالية الحالية وأشار الى ان هناك مخاوف تتعلق باستمرار تدفق الاستثمارات الخارجية على القارة وكذلك استمرار الطلب على منتجاتها. وعزا ذلك الى الغيوم الكثيفة التي مازالت في سماء مجموعة "البريك" بسبب الازمة المالية العالمية موضحا ان جزءا كبيرا من الاستثمارات في دول القارة تأتي من هذه المجموعة وكذلك يتجه جزءا كبيرا من صادراتها تتجه الى دول مجموعة البريك. ودعا الدول الافريقية الى اعطاء تركيز خاص على اعادة بناء قدراتها على امتصاص الصدمات الخارجية والتركيز على توفير الوظائف وادارة مواردها الطبيعية بطريقة ذكية والاستثمار في المهارات وتعزيز الطاقة والاتصالات وبناء الممرات الاقليمية وتعزيز الامن الغذائي من خلال دفع النمو والتجارة والاستثمار. وقال ان البيانات تشير الى ان القارة الافريقية تمتلك احتياطيات مؤكدة من النفط تبلغ 122 مليار برميل وكذلك احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي تصل الى 500 تريليون متر مكعب. وأضاف ان صافي عائدات هذه الاحتياطيات بالاسعار الحالية تقدر بنحو 605 مليار دولار وهذا الى جانب قائمة كبيرة من الثروات المعدنية غير النفطية والبلاتينيوم والفوسفات والنيكل والحديد. واشار الى ان حكومات دول القارة عليها مسؤولية استغلال هذه الموارد بطريقة ذكية ومدروسة ليس بهدف استهلاك عائداتها لكن لاستثمارها بهدف احداث نمو اقتصادي بل تحول اقتصادي اذا امكن ذلك. وقال ان الثروة المخبأة الحقيقية لافريقيا ليس النفط أو الغاز أو المعادن النادرة بل تكمن في الفئة الكبيرة من سكانها الشباب مشيرا الى اهمية الاستفادة من تجربة جنوب شرق آسيا التي اعتمدت على تركيبتها السكانية وفئة الشباب بشكل خاص في تحقيق نمو اقتصادي خلال 30 عاما امتدت في الفترة من عام 1970 الى 2000.