فى حدث جديد قديم …جددت سلطات الاحتلال الاسرائيلى اعتداءتها على المسجد الاقصى بقواتها المدججة بالسلاح ، بل وتمادت لابعد من ذلك بأن اعطت الضوء الاخضر للمستوطنيين والوزاراء المتشددين باقتحام باحات المسجد المقدس . الصدامات الفلسطينية الاسرائيلية اندلعت عقب صلاة الجمعة الموافق 18 من شهر سبتمبر الجارى حيث وقعت مواجهات بين الجانبين في القدس والضفة الغربية المحتلتين وفي حي جبل مكبر حيث ساد التوتر حتى المساء وسط انتشار امني كثيف. تلك الصدامات لم تكن وليدة الصدفة بل جاءت بعد مواجهات عنيفة استمرت ثلاثة ايام خلال اسبوع واحد بين شرطيين اسرائيليين ومحتجين فلسطينيين وذلك اثر دخول يهود باحة المسجد لاحياء بداية السنة العبرية. وقالت الشرطة الاسرائيلية ان ثلاثة من عناصرها اصيبوا بجروح طفيفة حين اصابت عبوة حارقة سيارتهم، لافتة الى اعتقال ثمانية اشخاص بينهم ثلاثة قاصرين. كذلك، رشق فلسطينيون الشرطة بالحجارة فردت بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في محيط جبل الزيتون في حيي الطور وراس العمود وفي جوار مخيم الشعفاط للاجئين. في المقابل، ساد الهدوء البلدة القديمة وباحة الاقصى اللتين وضعتا تحت مراقبة مشددة للشرطة اثر ثلاثة ايام من المواجهات في مستهل الاسبوع. وتم نشر نحو ثلاثة الاف شرطي فيهما بحسب متحدثة لتجنب اي مواجهات جديدة. لكن المشهد كان مغايرا في الضفة الغربية ففي كفرقدوم قرب نابلس اصيب ثلاثة فلسطينيين بالرصاص الاسرائيلي في ايديهم وارجلهم وفق الهلال الاحمر المحلي. وسجلت صدامات ايضا قرب سجن عوفر الاسرائيلي ومعبر قلنديا ومخيم الجلزون، وكذلك في الخليل. وافاد الهلال الاحمر الفلسطيني ان سبعة فلسطينيين اصيبوا بالرصاص الحي و44 بالرصاص المطاطي. وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية ايهاب بسيسو ان رئيس الوزراء رامي الحمدالله ومسؤولين امنيين فلسطينيين منعوا من العبور الى المدينة القديمة حيث كانوا يريدون التوجه الى الاقصى. تدافع الجهود السياسية لاحتواء الموقف : الرئيس عبد الفتاح السيسي حذر من "عواقب وخيمة" لما اسماه ب"الانتهاكات اليومية" في المسجد الاقصى مطالبا اسرائيل باتخاذ خطوات جادة "لنزع فتيل الازمة" وتجنب "خروجها عن السيطرة". وقال السيسي في مؤتمر صحافي مع رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك في قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة ان "الانتهاكات اليومية التى يشهدها المسجد الأقصى والتى تزايدت وتيرتها بشكل غير مسبوق إنما تخلق ظروفا بالغة الدقة وتؤشر إلى تقاعس الحكومة الإسرائيلية عن الاضطلاع بمسؤولياته وفقا لقواعد القانون الدولي". وطالب السيسي "الحكومة الإسرائيلية بالعمل الجاد على نزع فتيل هذه الأزمة والتحلي بروح المسؤولية ووقف هذه الانتهاكات اليومية للحرم القدسى الشريف باتخاذ إجراءات فعالة وفورية منعا لأسباب هذا التوتر المتصاعد بصورة كاملة". وقال السيسي ان هذه "الأحداث المؤسفة التى يتعرض لها الحرم القدسى الشريف والتى تعد بلا شك انتهاكا خطيرا للمقدسات الإسلامية (…) يمكن أن تترتب عليه عواقب وخيمة على السلام والاستقرار ليس فقط بالنسبة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بل للمنطقة والعالم بأسره". ودعا السيسي لتجنب "تبعات تفاقم هذا الوضع وخروجه عن السيطرة" خاصة ان "الأحداث التى نشهدها تزكي من حالة اليأس التى يعيشها الفلسطينيون فى ظل غياب أفق سياسي يمنحهم الأمل فى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدسالشرقية". نفس التحذيرات اطلقها العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني محذرا من "الانعكاسات الجسيمة" ل "الاعتداءات والانتهاكات" الاسرائيلية في المسجد الاقصى والحرم القدسي على عملية السلام في الشرق الاوسط، داعيا المجتمع الدولي الى اتخاذ مواقف حازمة لوقف هذه "الاعتداءات الخطيرة". ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الاردني عن الملك عبد الله قوله خلال استقباله رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك، الذي يزور المملكة حاليا، ان "هذه الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية سيكون لها انعكاسات جسيمة، وستسهم في تعميق حالة غياب أي أفق لاحراز أي تقدم في العملية السلمية". وشدد الملك على "رفضه التام لما تقوم به إسرائيل من اعتداءات وانتهاكات في المسجد الأقصى والحرم الشريف"، مشيرا الى ان "المسجد الأقصى كامل الحرم الشريف لا يقبل الشراكة أو التقسيم". من جانبه حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من مخاطر اندلاع انتفاضة جديدة في حال استمرت الحوادث في باحة المسجد الاقصى وذلك في ختام لقاء في باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وقال عباس ان "ما يحصل خطير جدا" وحث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على وقف الصدامات محذرا من "الفوضى" واندلاع "انتفاضة لا نريدها". من جانبه اكد رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو للامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان بلاده مصممة على فرض الالتزام "الصارم" بالوضع القائم في المسجد الاقصى. وتزامنا، دعا مجلس الامن الدولي الى الهدوء والحفاظ على الوضع القائم في الاقصى. تاريخ المسجد الاقصى : المسجد الأقصى أحد أكبر مساجد العالم ومن أكثرها قدسيةً للمسلمين، أولَى القبلتين في الإسلام وثالث الحرمين الشريفين ، يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين، وهو اسم لكل ما دار حول السور الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة. تبلغ مساحته قرابة 144 دونماً، ويشمل قبة الصخرة والمسجد القبلي وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى "هضبة موريا"، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلبه. ذُكر المسجد الأقصى في القرآن: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" سورة الإسراء، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تُشد الرحال إليها، كما قال رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم . يُقدّس اليهود أيضًا المكان نفسه، ويطلقون على ساحات المسجد الأقصى اسمَ "جبل الهيكل" نسبة إلى هيكل النبي سليمان، وتُحاول العديد من المنظمات اليهودية المتطرفة التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل حسب مُعتقدها. تاريخ الاعتداءات الاسرائيلية: ومن هذه الحجه تأتى الاعتداءات المتتاليه على الاقصى من قبل الاحتلال الاسرائيلي وكان اول اعتداء على المسجد صبيحة يوم الخميس الموافق 22 أغسطس 1969م حيث تعرض لحريق على يد يهودي أسترالي متطرف اسمه مايكل دينس روهن حيث تم حرق الجامع القبلي الذي سقط سقف قسمه الشرقي بالكامل، كما احترق منبر صلاح الدين، الذي أمر ببنائه قبل تحرير المسجد الأقصى من الصليبيين وقام ((صلاح الدين الأيوبي)) بوضعه داخل المسجد بعد التحرير، وقد قال روهن تعقيبا على الحريق الذي إفتعله أنه كان يأمل من إحراق المسجد الأقصى كان من شأنه أن يعجل المجيء الثاني للمسيح ، مما يجعل الطريق لاعادة بناء الهيكل اليهودي المزعوم على جبل الهيكل وأدخل روهن إلى مصحة الأمراض العقلية، وردا على الحادث ، تم عقد قمة للدول الإسلامية في الرباط في العام نفسه ، الذي استضافه الملك فيصل، ويعتبر حريق الأقصى أحد العوامل المحفزة لتشكيل منظمة المؤتمر الإسلامي (والآن منظمة التعاون الإسلامي )، وفي عام 1972 ، تم ترميم المسجد الأقصى والمنبر معه، وتتولى الأردن ترميم وإصلاح المسجدين على نفقتها الخاصة كلما دعا الأمر لذلك. في الثمانينات من القرن الماضي، تآمر بن شوشان ويهودا اتزيون وكلاهما عضو في منظمة غوش امونيم السرية، لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة. أما اتزيون فقد كان يعتقد أن تفجير اثنين من المساجد سوف يتسبب بصحوة روحية في الكيان الصهيوني، وسوف يحل جميع مشاكل اليهود، كما أعرب كل من بن شونان واتزينون عن أملهم في بناء المعبد الثالث في القدس وتحديداً في موقع المسجد الأقصى. وفي 15 يناير 1988، خلال الانتفاضة الأولى، أطلقت القوات الصهيونية الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين خارج المسجد، مما أدى إلى إصابة 40 من المصلين. وفي 8 أكتوبر 1990، قتل 22 فلسطينياً وأصيب أكثر من 100 آخرين من "شرطة الحدود الصهيونية" خلال الاحتجاجات التي تم تشغيلها بواسطة الإعلان عن "جبل الهيكل"، على يد مجموعة من اليهود المتدينين، الذين كانوا في طريقهم لوضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم. في 28 سبتمبر 2000 ، قام أرئيل شارون وأعضاء من حزب الليكود ، جنبا إلى جنب مع 1000 حارس مسلح ، بزيارة المسجد الأقصى، مما تسبب بمظاهرة كبيرة من الفلسطينيين إحتجاجا على هذه الزيارة، و بدأ الفلسطينيون من الحرم القدسي الشريف برمي الحجارة على شرطة الصهاينة. التي قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع و الرصاص المطاطي على الحشد مما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة حوالي 200 شخص، وقد أثارت هذه الزيارة انتفاضة لمدة خمس سنوات على يد الفلسطينيين ، ويشار إليها باسم انتفاضة الأقصى. وهكذا تتواصل حلقات الصراع العربى الاسرائيلى على كافة الاصعدة لتظل باحات الاقصى واسواره الشاهقة وروحانياته المتجددة علامة بارزة وفارقة فى صراع دامى امتد لعقود من السنوات الا ان الامل عربيا واسلاميا لم ينقطع فى استعادة واحدة من اقدس المقدسات الاسلامية انه اول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .