فجأة ودون سابق تمهيد أو إنذار أعلن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس استقالة الجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأمريكية وأحد أكبر جنرالات الجيش الأمريكي. في البداية أرجعت وزارة الدفاع الأمريكية( البنتاجون) استقالته إلي أنها تتم في إطار تقاعد طبيعي حيث ستنتهي مدة خدمة بيس في سبتمبر المقبل إلا أنه بعد نحو24 ساعة من خبر الاستقالة ظهر أن بيس سيترك منصبه بسبب الحرب في العراق. وفي الحقيقة فإن ماحدث أوحي بشدة أن الإدارة الأمريكية سعت منذ البداية إلي امتصاص ردود الفعل من وراء الإعلان عن استقالة أحد أكبر جنرالات الجيش الأمريكي في وقت حرج تعاني فيه الولاياتالمتحدة من صعوبات في إدارة الأوضاع بالعراق. ولكن ماسعت إليه الإدارة الأمريكية لم تستطع الاستمرار فيه لوقت طويل حيث مالبثت الصورة الحقيقية لخلفية ماجري تتكشف. والحقيقة أن عدم التجديد لقائد هيئة أركان الجيوش الأمريكية المشتركة يعد أمرا نادرالحدوث في الإدارات الأمريكية فلم يحدث قط عدم التجديد لفترة ثانية لأي شخصية تولت ذلك المنصب سوي في عهد إدارة ليندون جونسون. وحينما نعود إلي تاريخ بيس نجد أنه كان من أقرب الشخصيات إلي وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالدر رامسفيلد. ولا يمكن أن ننسي تصريحات بيس السابقة التي أشار فيها إلي أن رامسفيلد يتحرك بإيحاء من الله, ويدير الأمور بالطريقة التي يحددها له الله أنها الأفضل. إذن فالجنرال كان من رجال رامسفيلد المخلصين وأحد المؤيدين لحرب العراق وتنحيه عن منصبه يعني تعرض الإدارة لضغوط كبيرة لاتخاذ تلك الخطوة خاصة أن روبرت جيتس كان قد أعلن في وقت سابق أنه لن يستغني عنه. وقد تبين ذلك بالفعل حيث ظهر أن هناك معارضة شديدة داخل الكونجرس الأمريكي لوجود بيس في منصبه وأن هذه المعارضة ليست من أعضاء الحزب الديمقراطي فحسب بل أيضا من بعض أعضاء الحزب الجمهوري الذي يحكم البيت الأبيض حاليا. والمراقبون يقولون إن الذي زاد من تلك المعارضة ما كان معروفا من قبل عن بيس حيث كان رامسفيلد يستخدمه للتصدي للمعارضة التي كان يتعرض لها من آن إلي آخر بسبب حرب العراق. وزير الدفاع روبرت جيتس أراد أيضا من خلال تغيير بيس بالجنرال مايكل موللين إعطاء انطباع بأن هناك دماء جديدة في الإدارة الأمريكية العسكرية التي تتولي الأمور في العراق. هذا الانطباع يهدف إلي تهدئة الأصوات في الكونجرس المطالبة بتغيير السياسة المتبعة في العراق. ومن هنا يتبين أن الإدارة الأمريكية تسعي جاهدة لإعطاء صورة بأن هناك تغييرا في السياسة المتبعة في العراق وبطبيعة الحال فقد أصبح الجنرال بيس أكبر جنرالات الجيش الأمريكي الذين يضحي بهم في سبيل تنفيذ تلك السياسة.