من السهل جدا أن ترى ملكة انجلترا في سيارتها الملكية وأمامها دراجة بخارية تفسح لها الطريق في قلب لندن.. ومن السهل أن تشاهد رئيس فرنسا بلا حراسة وكان الرئيس ميتران يذهب أحيانا إلى قصر الإليزية على قدميه.. وأذكر يوما وكنت في زيارة لغينيا أن الزعيم الغيني أحمد سيكتوري وقف بسيارته وكان يقودها بنفسه ومعه زوجته في قلب العاصمة الغينية كوناكري ليصافح السفير المصري.. وكانت انديرا غاندي تركب سيارة هندية صغيرة وتقودها بنفسها إلى قصر رئاسة الوزراء.. هذا ما يحدث في الخارج أما في شارع القصر العيني في القاهرة حيث يوجد مجلس الوزراء ومجلس الشعب ومجلس الشورى وعدد من الوزارات كان المرور يتوقف بالساعات أمام موكب رئيس الوزراء ثم موكب رئيس مجلس الشعب وموكب ثالث لرئيس مجلس الشورى.. وتمتد المواكب للسادة الوزراء والناس تصرخ في الشارع ولا أحد يستجيب.. وفي افتتاح الدورة البرلمانية كل عام كان المرور يتوقف يوما كاملا أمام سيارات المسئولين وكل واحد منهم له فريق حراسة.. واذكر أنني يوما دخلت أحدى البواخر النيلية لتناول الغداء مع صديق واكتشفت أن المطعم لا يستقبل أحدا لأن الوزير الأسبق يوسف بطرس غالي يتناول الغداء فيه مع عدد من الأصدقاء وطلب إغلاق المطعم بالكامل.. وقد شعرت بالسعادة وأنا أشاهد عددا من أعضاء مجلس الشعب الجدد يذهبون إلى المجلس في سيارة أوتوبيس وقد غابت السيارات الفارهة التي كان أعضاء الحزب الوطني المنحل يصرون عليها.. بعد أن تهدأ الأحوال وتستقر الأمور أمنيا في المحروسة أتمنى ألا يتوقف المرور أمام موكب قادم لمجلس الوزراء أو مجلس الشعب.. نريد أن ننسى زمن المواكب الكبرى ونشاهد رئيس الوزراء يدخل المجلس سائرا على قدميه ورئيس مجلس الشعب في سيارة بلا حراس.. حين تصدق النفوس لن يحتاج كل هؤلاء إلى حراسة لأن الشعب سوف يحرس الجميع المواكب الكبرى ميراث فرعوني قديم لأن الفرعون كان إلها.. ونحن لا نريد إلها جديدا يحكمنا.. نقلا عن جريدة الأهرام