حقوق الإنسان والمواطنة: مشاركة الشباب مفتاح لتصحيح المسار الديمقراطي في مصر    شحنة إغاثية جديدة من باكستان للشعب الفلسطيني    بورتيرية|مروان البرغوثى.. مانديلا فلسطين    وصول ناقلة نفط كويتية إلى لبنان للمساعدة على تجاوز أزمة الكهرباء    أمين صندوق الزمالك يكشف عن انفراجة بشأن أزمة أرض أكتوبر    أنقذ شابًا من حادث دهس قطار.. وزير النقل يُكرم عامل مزلقان السادات ببني سويف    حازم سمير يكشف كواليس علاقته ب مي عز الدين | فيديو    طلعت حرب يحتفي بالمعرفة: دورة عاشرة تؤكد الريادة على خريطة المعارض المصرية    التعادل يحسم مباراة أسوان وبلدية المحلة في دوري المحترفين    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    الأجهزة الأمنية تكشف حقيقة مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل بكفر الشيخ    الزمالك يتلقى خطابا رسميا من الاتحاد المصري من أجل 5 لاعبين    جامعة حلوان الأهلية تطلق برنامج «هندسة الشبكات والأمن السيبراني»    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    وزير العمل يمنح مكافأة مالية لعامل المزلقان" الذي أنقذ شابا ببني سويف    محافظ الجيزة يتابع الأعمال الجارية لتوصيل كابلات الجهد العالي لدعم محطة مياه جزيرة الدهب    بعد انخفاضه.. ماذا حدث لسعر الذهب بحلول التعاملات المسائية السبت؟    "فستان محتشم وغطاء رأس".. أحدث ظهور ل بسمة بوسيل في مصر القديمة    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوفييدو في الدوري الإسباني    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    أمين عام المصري الديمقراطي يلتقي رئيس الوطنية للإعلام    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    الجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية واستقرار الوطن    مجاعة غزة تهدد طفولتها.. 320 ألف طفل بين سوء التغذية والموت البطيء    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    15 صورة.. البابا تواضروس يدشن كنيسة الشهيد مارمينا بفلمنج شرق الإسكندرية    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    جوندوجان وثنائي مانشستر سيتي يقتربون من الرحيل    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالحق عزوزي: المغرب: استراتيجية الحكومة الإسلامية
نشر في أخبار مصر يوم 10 - 01 - 2012

وأخيراً عين العاهل المغربي أعضاء الحكومة الجديدة التي يترأسها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران، وتتكون الحكومة الجديدة من 31 وزيراً من بينهم سبعة وزراء منتدبين وامرأة واحدة من العدالة والتنمية.
ويشكل هذا الحدث لحظة تاريخية في السياق السياسي المغربي الذي تأسس لأول مرة في تاريخ المغرب بجهاز تنفيذي نابع من إرادة الشعب وتمثل مقولة الفلاسفة المشهودة: الديمقراطية تعني حكم الشعب بالشعب، بمعنى أن الجهاز التنفيذي يجب أن ينبع من صناديق الاقتراع حيث يُعز فيه المرشح السياسي أو يهان.
وهذه الحكومة تطبعها خصائص مميزة نذكر من أهمها:
- أنها نتيجة للربيع العربي الذي وصلت تذبذباته إلى المغرب، ولكن هذا البلد كان مهيأ لاحتواء تداعياته السلبية بسبب الميثاق التعاقدي الذي شرحنا أصوله وقواعده مراراً في صفحات جريدة "الاتحاد". فالثقة كانت موجودة بين المؤسسات، والأحزاب عملت لعقود داخل المجال السياسي والمجال العمومي، واكتملت اللبنات بوصول أكبر الأحزاب التي لم تذق بعد حلاوة ومرارة تحمل عبء التسيير الحكومي وذات اللون الإسلامي المعتدل.
- ما كان ليكتب لهذا المسلسل النجاح لولا الحس الاستباقي الذي يتميز به ملك المغرب، إذ نادى بدستور من الجيل الرابع تعدى عشرات المرات مطالب الأحزاب السياسية مجتمعة، وفي إطار استراتيجية محكمة تهدف إلى الحفاظ على السلم الاجتماعي والانتقال بالآليات الميثاقية التعاقدية داخل المجال السياسي إلى درجة ديمقراطية أعلى. والعقلانية الاستراتيجية تجد مكانها في الاستثناء المغربي، ويخطئ البعض عندما يظن أن الاستراتيجية تستخدم فقط في المجالين العسكري والأمني وتوظيف عناصر القوة التي يملكها البلد، بل إنها تستخدم في السياسة ما دامت في الجانبين معاً تسعى كما يقول "هاري آر يارغر" لحساب الأهداف والمفاهيم والموارد ضمن حدود مقبولة للمخاطرة، لخلق نتائج ذات مزايا أفضل مما كان يمكن أن تكون عليه الأمور لو تركت للمصادفة أو تحت أيدي أطراف أخرى، بمعنى أن الاستراتيجية السياسية داخل المجال السياسي هي فن وعلم تطوير واستخدام القوى الممكنة لما فيه مصلحة البلاد والعباد، ولذا فقد أخطأ مثلاً الرئيس السوري في استراتيجيته عندما اعتمد القمع الأمني كسلاح لمواجهة شعبه، بمعنى أنه كان يفتقر لدليل سياسي لبلوغ ما كان يتمناه شعبه من عالم السياسة، فكما أن الاستراتيجية العسكرية هي صياغة بيئة للعبقريات النادرة، حيث يتوصل القادة الموهوبون بفعل حدسهم إلى حلول عظيمة لقضايا معقدة بشأن السياسة الخارجية والحرب، فإن الاستراتيجية السياسية هي عملية إرضاء وتجسيد مطالب الشعوب الاجتماعية وتحويلها إلى مطالب سياسية لمعالجتها من قبل ساسة عباقرة، وقد افتقد النظام السوري إلى عبقرية سياسية كان بإمكانها أن تفتح المجال السياسي على الفاعلين السياسيين المختلفين وإدماجهم داخل اللعبة السياسية بطريقة ديمقراطية، وكان النظام سيكون هو الرابح الأول من هذه الاستراتيجية بدل أن يذوق شعبه للأسف مرارة الحمق السياسي الأعمى.
- أنه لأول مرة في تاريخ المغرب، يصل حزب سياسي ذو لون إسلامي إلى الحكومة، وهذا يعني أن المجال السياسي أصبح مكتملاً كما بإمكان المجال الحزبي أن يأخذ مكانه في مصاف التموقعات والتكتلات الانتمائية الثنائية أو الثلاثية، ليبتعد كل الابتعاد عن البلقنة الحزبية التي تخسف بالبرامج السياسية وتجعل الناخب في حيرة من أمره.
في سنة 2006 نشرت كتاباً بالفرنسية عنونته على الشكل التالي "السلطوية وآليات الانتقال الديمقراطي في دول المغرب العربي"، وبعد دراسة مقارنة بين الأحزاب المغاربية والغربية، ناديت في آخر الكتاب متحدثاً عن المجال السياسي المغربي بضرورة خلق تكتلات ثنائية أو ثلاثية يكون في يمينها حزب "الاستقلال" مع حزب "العدالة والتنمية" وفي يسارها الأحزاب الاشتراكية وأحزاب المعارضة ذات اللون اليساري وفي الوسط تتموقع أحزاب ليبرالية بإمكانها أن تنحاز إما إلى اليمين وإما إلى اليسار، وهذا مبدأ معروف لأن حزب الوسط هو حزب يقبل التموقع يميناً أو يساراً، وكثير ممن قرأ أو سمع هذا الكلام سخر من إمكان حدوثه في المغرب المعاصر، وكانت الكلمات جارحة في تلك الفترة بين بعض أفراد حزب "الاستقلال" وحزب "العدالة والتنمية" خاصة في المجالس البلدية، ولكنني كنت أجيب بأن منطق البرنامج الحزبي هو الذي يحكم وليس منطق البشر، وحزب "الاستقلال" حزب محافظ وبُناته من علماء القرويين وأعضاء جيش المقاومة والتحرير الذين جاهدوا في سبيل استقلال المغرب، وبين الحزبين أكثر من عامل جامع وبإمكانهما أن يحكما سويّاً وهو ما يقع اليوم، ولو استندنا إلى المرجعية الفردية لما اجتمع شتات حزب واحد.
إن الحكومة الجديدة مطالبة بتنزيل محكم للدستور الجديد ولبرنامجها الانتخابي، وعليها أن تعيد الثقة للمواطن المغربي في كل مؤسسات الدولة بما فيها الأحزاب، وعلى التحالف الحكومي أن يعمل يداً بيد وفي انسجام تام لأن التحديات والملفات المطروحة صعبة جدّاً وتهم المجال الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والتعليمي في ظل بيئة اقتصادية وسياسية إقليمية وجهوية ودولية معقدة.
كما أن على حكومة بنكيران إضافة إلى حل المشاكل الآنية، صياغة استراتيجية سياسية بعيدة النظر لن تظهر نتائجها في المراحل الأولية ولكنها ستظهر في النجاح النهائي للعمل بأكمله، وعلى رأس هذه الاستراتيجية إصلاح الشأن الحزبي برمته وإن كان متقدماً على جل الدول العربية المجاورة.
نقلا عن جريدة الاتحاد الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.