بينما تتضح الصورة حول الاتفاق غير المعلن بين الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيسة الوزراء الباكستانية بناظير بوتو حول العملية السياسية الشائكة في باكستان، تزداد فرص مواجهتهما تمردا من الاحزاب الداعمة لهما، بسبب تساؤلات حول التنازلات التي سيقدمها كل طرف. ويأتي ذلك في وقت تزيد واشنطن من ضغوطها على مشرف لتقاسم السلطة، منعاً لأزمة سياسية قد تؤدي الى تقوية المتطرفين في البلاد. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين وباكستانيين قولهم، ان الولاياتالمتحدة تضغط بهدوء على الرئيس الباكستاني برويز مشرف لاقتسام السلطة مع بناظير بوتو رئيسة وزراء باكستان السابقة. ويواجه مشرف، الذي يسعى لفترة رئاسية أخرى، أزمة سياسية عميقة في الداخل جعلته الاسبوع الماضي على شفا اعلان حالة الطوارئ في البلاد. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين، طلبوا عدم نشر اسمائهم، قولهم ان مسؤولي الادارة الاميركية يعتقدون انه بالتحالف مع بوتو سيحصل مشرف على أحسن فرصة للتغلب على الازمة الداخلية ويحتفظ بمقعد الرئاسة. وقالت «نيويورك تايمز»، ان مسؤولي ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش أعربوا عن خشيتهم من الاطاحة بمشرف في نهاية المطاف، ليحل محله شخص أقل تحالفا مع الولاياتالمتحدة في حربها على الارهاب. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وباكستانيين قولهم، ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ناقشت ترتيبات اقتسام السلطة، حين اتصلت هاتفيا بمشرف الاسبوع الماضي وحذرته من اعلان حالة الطوارئ في البلاد. وقالت الصحيفة ايضا ان بوتو أجرت سلسلة من المحادثات خلال الاسابيع القليلة الماضية مع كبار مسؤولي الادارة الاميركية، ومن بينهم زلماي خليلزاد السفير الاميركي لدى الاممالمتحدة. وعبر مساعد وزيرة الخارجية الاميركي ريتشارد باوتشر عن رغبة بلاده ب«تقوية الوسط المعتدل في باكستان» لمواجهة التطرف. وقال باوتشر امس بعد يومين من اللقاءات مع مسؤولين باكستانيين: «لقد شجعتهم على النظر الى تقوية الوسط المعتدل في السياسة الباكستانية... والسياسيون يريدون تطوير البلاد والحصول على مجتمع آمن». وأضاف: «كلما جمعنا وجهات النظر هذه يمكننا بناء اسس صلبة لمواجهة مشكلة التطرف». وعلى الرغم من النفي الاولي، تعترف مصادر مقربة من مشرف وبوتو انهما يجريان مفاوضات حول السلطة، ولكن لم يعترفا بلقاء الطرفين في ابو ظبي الشهر الماضي. ومن جهتها، اشارت بوتو مرات عدة ان اللقاء تم بالفعل، لكنها لا تريد الاعتراف مباشرة به، خوفاً من غضب حزبها. وقال اعضاء في الحزب الحاكم «حزب القائد الاعظم»، الذي يدعم مشرف في السلطة، ان الرئيس الباكستاني اخبرهم عن لقائه ببوتو، ولكنه اوضح انه لا ينوي السماح بعودتها الى البلاد قبل انتخابات يناير (كانون الثاني) عام 2008. واكد الاعضاء الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم، ان اعادة انتخاب مشرف لولاية جديدة طولها 5 سنوات اهم بالنسبة لهم من طريقة اجراء الانتخابات نفسها. وهناك عقبتان أمام اعادة انتخاب مشرف، هي تساؤلات المحكمة العليا حول شرعية اعادة انتخابه وازدياد المعارضة لابقاء مشرف على رئاسة الجيش والدولة. وحسب مصادر باكستانية مطلعة، احد ابرز النتائج عن الاتفاق السري بين مشرف وبوتو، هو عدم التحاق حزبها، «حزب الشعب الباكستاني»، باحزاب المعارضة للسعي الى منع اعادة انتخاب مشرف. وتتوقع الحكومة ان الحزب، وهو ثاني اكبر حزب في البرلمان، لن يقاطع البرلمان في حال اعلن مشرف اعادة ترشحيه. وأكد الشيخ رشيد احمد، وهو وزير دولة في حكومة مشرف: «لن يستقبل حزب بناظير بوتو، بل سيصوت لصالح الرئيس مشرف». وتعهدت احزاب المعارضة الاخرى، بما فيها تحالف الاحزاب المتدينة «متحدة مجلس امل» و«الرابطة الاسلامية» التابع لرئيس الوزراء السابق نواز شريف بان نوابهم سيستقيلون من البرلمان في حال اعاد مشرف ترشيح نفسه للرئاسة. وقد يؤدي ذلك الى ازمة سياسية شديدة في البلاد. ولكن في حال وقف حزب بوتو الى جواره، سيستطيع مشرف مواجهة المعارضة. وبالمقابل، تطالب بوتو برفع الحظر القانوني لتوليها رئاسة الحكومة للمرة الثالثة. وكان مشرف قد اصدر قانوناً عام 1999 يمنع عودة بوتو وشريف الى رئاسة الوزراء. ولكنه غير واضح حالياً كيف سيستطيع مشرف اقناع حزبه بالاتفاق مع بوتو. وقال رئيس الحزب الحاكم تشاودي حسين ان الانتخابات المقبلة ستكون بين حزبه وحزب بوتو، وجاء ذلك مباشرة بعد التقارير عن لقاء مشرف ببوتو. وقال قيادي في الحزب ان هناك تساؤلات حول ما اذا سيواصل دعمه لمشرف اذا كان سيتفق مع بوتو. وتواجه بوتو ضغوطاً مماثلة، اذ صرح رئيس المعارضة في مجلس الشيوخ الباكستاني رضا رباني قبل ايام بأنه سيستقيل من الحزب في حال توصلت بوتو الى اتفاق على السلطة، لكنه سحب التصريح لاحقاً.