جامعة الأقصر تنهي استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    خبير اقتصادي: أمريكا تعلمت «درس النفط».. وخزنت احتياطيات ضخمة    حقيقة إيقاف شهادة 23.5 من بنك مصر بعد قرار التعويم الأخير    قطر تدين دعوة وزير إسرائيلي لتفعيل الاستيطان ومنع دخول المساعدات لغزة    الناتو: القوات الروسية أثبتت قدرتها على التقدم بمرونة كبيرة    روسيا تقدم 30 طنًا من المساعدات إلى غزة عبر مطار العريش الدولي    بمشاركة الأهلي والزمالك.. 10 "حفلات أهداف" في الدوري المصري هذا الموسم    الاتحاد يتأهل إلى نهائي المربع الذهبي لكرة السلة    "علقوه عاريًا في السقف وصوروه".. السجن 15 عامًا ل 6 متهمين باختطاف عامل بالإسكندرية    بالصور- حمادة هلال في جنازة زوجة أحمد عدوية    قومية المنيا تقدم «دون كيشوت» ضمن عروض الموسم المسرحي ب أسيوط    خمسة معارض في فعاليات مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة (تفاصيل)    فعاليات فنية ل ذوي الاحتياجات الخاصة وسبل تخطي الأزمات ب ثقافة الغربية    بالفيديو.. أمين الفتوى للمقبلين على الزواج: محدش هيقدر يغير حد بعد الزواج    بعد وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية- كيف يسبب السكري الموت؟    حدث في 8 ساعات| الرئيس السيسي يشارك في القمة العربية.. ومصر ترفض طلبات إسرائيلية    بالفيديو.. كواليس كوميدية للفنانة ياسمين عبد العزيز في حملتها الإعلانية الجديدة    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    تغيير الشكل الرهباني للراهبة المسؤولة عن دير "الملاك" بملبورن    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    مترو التوفيقية القاهرة.. 5 محطات جديدة تعمل في نقل الركاب    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. ماذا قال الجاني عن دوافعه؟ (فيديو)    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    التحقيق مع عاطل لحيازته مخدر الآيس في منشأة القناطر    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد: ميقاتي والأسد والأزمة السورية في لبنان
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 11 - 2011

بالتأكيد، ليس موقف الحكومة اللبنانية من الثورة السورية، أمرا له الأولوية في المعالجة عشية اجتماع الجامعة العربية بالرباط، لكنني رأيت التعرض له، لأن استيلاء حزب الله على الحكومة في لبنان حول بلادنا إلى عائق كبير في وجه ثورة الشعب السوري، وزاد الطين بلة أن رئيس الحكومة القائمة نجيب ميقاتي ما يزال يحاول الضحك على العرب وعلى المجتمع الدولي بشأن هوية الحكومة وقرارها ووجهتها وأهدافها.
لقد كانت آخر إنجازات الحكومة العتيدة التي يترأسها ميقاتي، ذهاب وزير خارجيتها إلى اجتماع الجامعة العربية بالقاهرة ليكون إلى جانب يمن علي عبد الله صالح، ثاني المعترضين على قرار الجامعة بشأن التعامل مع النظام السوري القامع لشعبه، والخارج على إجماع العرب. وقد تفلسف الوزير اللبناني بعد الاعتراض، وتبعه كل شعوبيي لبنان وأقلياته بثلاثة أشكال: أن العزل السياسي غير جائز لأنه مقدمة للتدويل والتدخل الخارجي، أو أن سوريا قلب العرب والعروبة، وإذا حوصرت من العرب فينبغي الوقوف مع القلب وإهمال الأطراف، أو لقد كنا ساكتين على العرب والعروبة بسبب سوريا الأسد، وما دام العرب يريدون إخراج النظام في سوريا من العروبة فنحن نعلن خروجنا مع نظام الأسد من العروبة وعليها! وهذه كلها إجابات طريفة وظريفة ومفزعة في كشف الهويات والمصالح التي تختبئ أو كانت تختبئ تحت عباءة النظام الأسدي، المختبئ بدوره تحت عباءة البعث العربي - إنما الأطرف ولا شك مواقف الرئيس نجيب ميقاتي المتناقضة مما قام به وزير الخارجية اللبناني في الجامعة العربية. فبعد ساعات صرح ميقاتي بأن للبنان خصوصية سوف يتفهمها العرب، بل إنهم تفهموها، وفي اليوم التالي دافع أمام مجلس الوزراء عن موقف وزير الخارجية، وقال إنه تشاور معه ومع رئيس الجمهورية في ذلك، ثم في اليوم نفسه واليوم الثالث تحدث إلى نائب وزير الخارجية السعودي، وجميع سفراء مجلس التعاون الخليجي وقال لهم جميعا إن وزير الخارجية اللبناني ما أخبره شيئا، وما استشاره في الموقف الذي ينبغي اتخاذه!
إن هذا "النموذج" من تصرفات ميقاتي ما عاد استثناء، ولا اقتصر على حالة الجامعة، بل إنه صار - بل كان وظل - عملا دائما ومقصودا وميز شخصيته وسلوكه السياسي خلال ما يزيد على العقد ونصف العقد من السنين. فلا ثابت في سلوك الرئيس ميقاتي السياسي غير الولاء للنظام السوري وللرئيس بشار الأسد بسبب علاقته الخاصة به منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي. وما كان ذلك عيبا، بل مدعاة للفخر لدى ميقاتي وأنصاره وآخرين في لبنان إلى أن حدث أمران: المشاركة في الانقلاب على حكومة سعد الحريري، والاستمرار في الوقوف مع النظام السوري على مدى ثمانية أشهر وهو يقتل شعبه، ويعلن بكل اللغات والأصوات ومن لبنان بالذات خروجه على العروبة والإسلام. وفي المسألة الأولى، مسألة المشاركة في الانقلاب، كان المطلوب عزل المسلمين من السلطة في لبنان من خلال عزل تيارهم السياسي الرئيسي لتزداد السيطرة الحزبية السورية والإيرانية والعونية، ويصبح لبنان عضوا في التحالف الذي تحدث عنه الإيرانيون وتحدث عنه الأمين العام لحزب الله: إيران والعراق وسوريا ولبنان! وما كان ميقاتي غافلا عن ذلك، ولا عن "دفتر الشروط" الذي أملي عليه، وتقبله برحابة باعتبار أن صديقه الرئيس الأسد طلب منه ومن شقيقه ذلك. وها هو يتستر الآن بدعوى ضرورة ألا يخضع النظام السوري للعزل السياسي، فإذا كان العزل السياسي شريرا إلى هذا الحد، فلماذا قمت به تجاه بني قومك وتجاه الدولة في لبنان؟ لماذا مكنت أهل الشعوبيات المعاصرة، والأقليات المتحالفة على اغتصاب السلطة والقرار في سوريا ولبنان، من الاستتار بستارتك الشفافة على أي حال للقيام بكل هذه الأعمال ضد اللبنانيين والسوريين وسائر العرب؟!
منذ أن شكل الرئيس ميقاتي حكومته، دأب حزب الله ودأب الجنرال عون، ودأب الرئيس نبيه بري، على الاعتداء على الدولة اللبنانية وسياساتها الخارجية، كما دأبوا على الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة في الأمور العامة وفي التفاصيل، ودأبوا على دعم النظام السوري باضطهاد اللاجئين والمعارضين السوريين بلبنان، وملاحقتهم وخطفهم وتسليمهم لسوريا، وما تزال تلفزيونات لبنان وصحفه في الأغلب الأعم مشغولة بهناء النظام السوري، وكيفية قضائه على المعارضين الإرهابيين والمتآمرين. وفي وجه ذلك كله، يحاول ميقاتي أن يصمت عندما يكون الصمت ممكنا، أو التبرير عندما لا يكون الصمت ممكنا، أو الدفاع عما ارتكبه أحد الأشاوس إذا طلب السوريون النظاميون أو حزب الله ذلك. فقد خرج قبل أيام على التلفزيون ببدعة مفادها أن الأمين العام لحزب الله ما سد كل الأبواب في وجه تمويل المحكمة الدولية، بينما كان نصر الله يقول قبل يومين على حديثه إنه لا يقبل على الإطلاق الدفع للمحكمة لأنها مسيسة وإسرائيلية وأمريكية، وإذا شاء ميقاتي أن يدفع فمن جيبه، أو من التبرعات الخارجية! وعندما تدخلت الأجهزة الأمنية اللبنانية لمساعدة المخابرات السورية في القبض على معارضين وتسليمهم - ومن دون استشارة ميقاتي طبعا! – ما قال الرجل كلمة واحدة على الرغم من لجوء النواب إلى اللجان النيابية وتصاعد الصرخات والاحتجاجات، والاعتداء من جانب الأمن السوري والجيش على المناطق الشمالية والشرقية من لبنان التي يقطنها السنة؛ إنما دأب على القول علنا وفي المجالس الخاصة، نحن لا نستطيع أن نفعل شيئا، والأفضل للبنان البقاء على الحياد! لكنك يا رجل ما بذلت أي جهد للبقاء على الحياة، بل بذلت جهودا للتلاؤم مع رغبات النظام في سوريا ومع رغبات المسيطرين في حكومتك. وحتى في التواصل مع الأوروبيين والأمريكيين والعرب، وأنت تعلم مدى التأثيرات السلبية على النظام المالي في لبنان نتيجة مداخلات البعض بالجوار والداخل، لكنه الارتباط الوثيق بالرئيس الأسد ونظامه، والخضوع الكامل لرغبات حزب الله وحلفائه!
ولا بد من كلمة عن الوضع في لبنان في ظل الثورة السورية، وبما يتجاوز ميقاتي ودعواه في الحفاظ على هيبة رئاسة الحكومة! ما بقي أحد في لبنان خارج قوى 14 آذار إلا وتجند لخدمة الرئيس الأسد ونظامه في وجه الشعب السوري. ويقال إن هناك من ساعد بالرجال والسلاح والتجهيزات. بيد أن ما نعرفه علنا أكثر دلالة. فالبطرك الراعي والبطرك لحام وبطرك الأرثوذكس وبطرك السريان وبطرك الأرمن، كلهم ربطوا مصير المسيحية في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ببقاء الأسد، وأنذروا بتهدد مصير المسيحيين إذا زال! وتجاوز بعضهم ذلك (مثل لحام والراعي) إلى اتهام الإسلام السني بالتطرف والعداء للمسيحيين بعامة، أو اتهام كل المعارضين للرئيس الأسد بالخروج على العروبة. إذ بحسب لحام فإن الأسد ونظامه هما شرط العروبة وليس العكس. وهؤلاء قلة من كثرة من قادة الأقليات اللبنانية والسورية، صرحوا علنا بأنهم يعتبرون وجود الأسد ووجود حزب الله سندا لهم وحماية من الإسلام السني الأصولي الهاجم، ولا يعجبهم منه غير الرئيس ميقاتي وأمثاله من أهل "الإسلام الحضاري"! أما كيف عرفوا أن المسلمين السوريين أصوليون ومتوحشون وضد المسيحيين، فهذا علمه عند ربك!
لقد تبين أن النظام السوري يستند من ضمن ما يستند إليه على تحالف أقليات يمتد بين سوريا ولبنان والعراق. وقد دخل الرئيس ميقاتي باختياره على هذا التحالف وبشروط التحالف وليس بشروطه هو، ولذلك فإن الأمل الباقي والقريب أن يتحرر لبنان من ميقاتي وحكومته عندما تحرر سوريا من تحالف الأقليات والشعوبيات الكارهة للعرب والإسلام، ومن المؤسف ألا يحدث ذلك إلا بثمن باهظ دفعه اللبنانيون ويدفعه السوريون من دمائهم:
وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يدق
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.