البيان الاماراتية26/10/2007 ما ان غادرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تل أبيب حتى بدأ الإسرائيليون حملة دبلوماسية لتشديد الخناق على ايران في مجلس الأمن وطار رئيس الوزراء الإسرائيلي الى موسكو ثم باريس فلندن بينما ستقوم وزيرة خارجيته التي تتولى رئاسة الفريق المفاوض مع الفلسطينيين حول الوثيقة المشتركة لمؤتمر السلام في انابوليس بزيارة خاطفة الى الصين للهدف نفسه. الإسرائيليون وبسرعة يريدون إدارة ظهرهم للملف التفاوضي وتخفيض مستوى التوقعات من المؤتمر المقبل بالتركيز على الملف النووي الإيراني، حيث أطلق السياسيون الإسرائيليون في نهاية الأسبوع الماضي بدءا من الرئيس شمعون بيريز مرورا بالحكومة ووصولا الى رئيس الموساد السابق ابراهام هاليفي سلسلة تصريحات حول الخطر النووي الإيراني بالتزامن مع تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش حول خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة في حالة حصول إيران على سلاح نووي. الملف النووي الإيراني او قل مواجهة هذا الملف هو المحفز الأكبر لواشنطن للدعوة الى مؤتمر الخريف في انابوليس كنوع من رص الصفوف في مواجهة إيران مقابل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وليس العربي الإسرائيلي. ويبدو ان الأولوية ستكون للملف الإيراني وليس الملف الفلسطيني. فالإسرائيليون عملوا جل جهدهم لإضاعة الوقت وحشر الفلسطينيين في زاوية اقبل بالمعروض والا فلا.. ولهذا عبر سياسيون إسرائيليون عن ارتياحهم لنتائج جولة رايس الأخيرة حيث خفضت الوزيرة الأميركية من مستوى التوقعات من مؤتمر انابوليس، واعتبرت المؤتمر خطوة وانطلاقة للمفاوضات بينما ما زال الفلسطينيون يحاولون ان يكون المؤتمر دليلا إرشاديا للخط التفاوضي اي يضع أساسا تفصيليا للمواقف من القضايا الخلافية وهي القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود ويضع جدولا زمنيا محددا. الرئيس الفلسطيني ابو مازن ما زال متمسكا بموقفه اي الجدول الزمني والوضوح حول القضايا الرئيسية وهو ما يحاول الإسرائيليون الالتفاف عليه بالقول ان الائتلاف الحكومي الإسرائيلي لا يحتمل اتخاذ مواقف حاسمة بشأن القدس والحدود.. وانما مواقف وسطية خشية انهيار الائتلاف وانسحاب حزب شاس الذي يرفض اي مساس بوضع القدس وحزب إسرائيل بيتنا اليميني ولكن الوزيرة الأميركية التي نقلت وجهات النظر الإسرائيلية هذه الى الرئيس الفلسطيني سمعته يشدد على ضرورة وضوح الوثيقة المشتركة التي يعكف فريقان على بحثها برئاسة ليفني واحمد قريع «ابو علاء» وضرورة وجود جدول زمني. فكما ان للإسرائيليين مشاكل داخلية فإن لدى ابومازن مشاكل داخلية تدفعه لتحقيق انجازات سياسية بعد انفصال غزة عمليا تحت سيطرة حماس، فهو يرى في المفاوضات الجادة والمحددة بمواعيد قريبة مخرجا من الأزمة الداخلية فيما يراها الإسرائيليون مدخلا لازمة داخلية عندهم. عمليا يمكن القول ان ابا مازن ما زال متمترسا عند مواقفه القديمة وهي ان المحك هو الثبات في مفاوضات الوضع النهائي ولهذا قال بحضور الوزيرة الأميركية انه لا يمكن الذهاب الى المؤتمر بأي ثمن.. لكن الاسرائيليين الواثقين من عدم قدرة الرئيس الأميركي على ممارسة ضغط عليهم وهو في سنته الأخيرة في البيت الأبيض يرون ان حزبه الجمهوري هو الذي يحتاجهم وليس العكس، وان ابا مازن سيضطر الى الذهاب الى واشنطن لان المؤتمر يعقد من اجل حل القضية الفلسطينية وعدم ذهابه يعني انه لا يريد حلا. وهو لا يملك القدرات للصمود. لكن ابو مازن ما ان انهى اجتماعه مع رايس حتى غادر في جولة خارجية عربية ودولية لإسناد موقفه بالدعم فيما انطلق اولمرت في جولة خارجية لحشد الدعم في مواجهة ايران وهذا يعبر عن ان اسرائيل ليست في عجلة من أمرها بخصوص الملف الفلسطيني بل تريد التركيز على الملف الإيراني وتأخير الفلسطيني. هذا كله يعطي مؤشرات سلبية عن مدى جدية إسرائيل وكأنها ستذهب الى مؤتمر انابوليس لحصد علاقات مع الدول العربية والإسلامية المشاركة فقط دون ان تقدم شيئا بل ان ما يمكن ان تقدمه سبق وان طلب منها سابقا ولم تنفذه بموجب خارطة الطريق وهو تجميد الاستيطان وإزالة مواقع استيطانية. ويبدو انها ستقدم ذلك في المؤتمر كبادرة حسن نية كرد على ما يكرره ابو مازن على مسامع الأميركيين والأوروبيين بأنه بدأ في تطبيق الالتزامات المطلوبة منه في خارطة الطريق وهي فرض الأمن والقانون في المدن ومنع العمليات ضد إسرائيل وإقرار الدستور الفلسطيني، على ان رايس لم تقيض الموقف الإسرائيلي ولا الفلسطيني بالكامل فهي ستوفد مبعوثين آخرين فورا لمتابعة عمل الفريقين المفاوضين. وستعود الى المنطقة الشهر المقبل وهي لم تحدد موعدا للمؤتمر بعد، بل قالت هناك شهران من الخريف نوفمبر وديسمبر بمعنى ان موعد المؤتمر سيتحدد بعد إعداد الوثيقة المشتركة التي ترغب واشنطن في ان تكون وثيقة وسطية ترضي الطرفان وتنجح المؤتمر لان فشله يعني انهيار السياسة الأميركية في المنطقة، ولهذا فإن احتمال دخول مؤتمر الخريف الى الشتاء والبيات الشتوي يبقى واردا.